المخيمات ترفض توريط حزب الله لها بالدم السوري

المخيمات ترفض توريط حزب الله لها بالدم السوري

المخيمات ترفض توريط حزب الله لها بالدم السوري

 لبنان اليوم -

المخيمات ترفض توريط حزب الله لها بالدم السوري

علي الأمين

يعلم اللبنانيون ان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس اقترح قبل نحو 10 سنوات، ولا يزال، ان تتولّى الدولة اللبنانية ملف المخيمات الفلسطينية. وهو اقتراح يصل الى حدود ان تتولّى الأجهزة اللبنانية مرجعية الأمن في المخيمات كلها، وان تتخلىّ منظمة التحرير الفلسطينية عن المهمة الأمنية والعسكرية في لبنان. وهو ما ينسجم مع القوانين اللبنانية، التي الغت اتفاقية القاهرة. تلك التي كانت تتيح للثوار الفلسطينيين حقّ استخدام الاراضي اللبنانية في عملياتهم العسكرية ضد الاحتلال الاسرائيلي، من لبنان إلى داخل فلسطين.

وللعلم ايضا فإن اتفاقية القاهرة، الموقعة في العام 1969، أُلغيت في نهاية عقد الثمانينيّات من القرن الماضي، بإجماع لبناني في مجلس النواب، وبرضى وتشجيع من النظام السوري الأسدي، الذي كان مناصروه من السياسيين اللبنانيين من أشدّ المتحمسين لإسقاط اتفاق القاهرة. وللحق ايضا فان اتفاقية القاهرة لم تكن نتائجها العسكرية والاجتماعية والسياسية في صالح اللبنانيين ولا الفلسطينيين في لبنان. من دون ان يقلّل ذلك من شأن العمليات البطولية والروح النضالية الفلسطينية - اللبنانية اللتين رافقتا مرحلة مهمة من المواجهات مع الاحتلال الاسرائيلي في عقد السبعينيّات من القرن الماضي، بل وقبله ايضاً.

الغاء اتفاق القاهرة الغى دستوريا وقانونيا حقّ استخدام البندقية الفلسطينية ضدّ الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين. وبالتالي فقدت هذه البندقية شرعيتها اللبنانية. ولم نسمع من اشاوسة الممانعة اللبنانيين، أو من أشاوسة النظام السوري، من يطالب بالإبقاء على هذه البندقية لقتال اسرائيل. وتحديداً حزب الله الذي امسك بالحدود الجنوبية الى جانب الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل. وهو حزب لا يشجّع، بل يمنع، ايّ طرف فلسطيني او غير فلسطيني، لبناني خصوصا، من استخدام الاراضي اللبنانية للانطلاق بعمليات ضدّ إسرائيل أو نحو تحرير فلسطين. وهذا موقف رأس الممانعة، المشترك مع خصومه اللبنانيين من قوى 14 آذار وسواهم.

للمفارقة أيضا فإن الذين فرضوا الغاء اتفاق القاهرة، اي وقف استخدام البندقية الفلسطينية لتحرير فلسطين انطلاقا من لبنان، هم انفسهم الذين رفضوا نقاش اقتراح الرئيس الفلسطيني محمود عباس تسليم أمن المخيمات إلى السلطات اللبنانية. وهذا ليس له تفسير الا الوقائع التي شهدتها هذه المخيمات خلال العقدين الاخيرين. اي الحرص على أن تظلّ هذه المخيمات، خصوصا مخيم عين الحلوة، ساحة لإطلاق الرسائل المحلية والاقليمية. إذ رفض الممانعون طرح عباس. وبالطبع ليس حباً بفلسطين التي يحلمون، طوال لياليهم، بتحريرها، بل من أجل حاجتهم إلى الحفاظ على مساحة لتنفيذ عمليات أمنية لغايات محلية واقليمية من دون ان يتحملوا أي مسؤولية عنها. هكذا كان الحال في زمن الوصاية السورية، واستمرّ مع وريثها حزب الله بعد انسحاب القوات السورية من لبنان في العام 2005.

وبات معروفا أنّ وظيفة السلاح الفلسطيني في المخيمات تحوّلت الى وسيلة لقتل اللاجىء الفلسطيني ودمغه بطبعة أمنية. ويمكن القول، من خلال تجربة ومعرفة وثيقة بأبناء المخيمات، أنّ اكثرية الفلسطينيين الساحقة في المخيمات لا تريد الإبقاء على هذه البندقية في أيدي القلسطينيين. وبالتحديد بعدما فقدت جوهر وجودها، اي السعي إلى تحرير فلسطين. وقد صارت بندقية يحملها شذّاذ الآفاق حيناً وتؤجّر في كثير من الأحيان. كما تحوّلت إلى وسيلة ابتزاز من قبل اجهزة امنية لبنانية.

اليوم يمكن القول بكثير من الثقة ان مخيم عين الحلوة يخضع بدرجة عالية لسيطرة هذه التيارات الاسلامية المتطرفة والبراغماتية في آن. براغماتية تتطلبها شروط سيطرة حزب الله في محيطه. لا سيما وصايته على بعض الأجهزة الأمنية. وفي الوقت نفسه اجتذابها للشباب اليائس والبائس والباحث عن قضية لا يجدها في المخيمات الا في نافذة التطرف. فقد سعى حزب الله إلى تعميق المأزق عملياً، من خلال محاولته اجتذاب فلسطينيين يائسين لتجنيدهم في صفوف عملياته ضدّ الشعب السوري. وقد نبذ أهل المخيم هذا السلوك من خلال رفضهم دفن الذين عادوا جثامين من سورية، كما حصل قبل شهرين. وهو ما أدّى أخيرا الى استقالة مسؤول أحد أبرز أذرع حزب الله داخل المخيم، جمال سليمان، من قيادة مجموعة "أنصار الله"، بسبب طلب حزب الله من تأمين مقاتلين يذهبون إلى سورية.

مخيم عين الحلوة نموذج من نماذج الحصار المديد للفلسطيني في لبنان، ونموذج لسياسات الممانعة التي دفعت نحو تعميم الفوضى واليأس فيه، هي التي تدفعه اليوم لأن يكون قنبلة موقوتة بسبب السياسات التي تريد لهذا المخيم ان تمسكه حفنة من المتطرفين باعتبار ان مطلب محمود عباس ترجمة الغاء اتفاق القاهرة بنزع السلاح الفلسطيني، هو خيانة للقضية الفلسطينية... فتأمل!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المخيمات ترفض توريط حزب الله لها بالدم السوري المخيمات ترفض توريط حزب الله لها بالدم السوري



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon