الموت في زمن الازدحام على طريق الجنّة
وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 إغلاق سفارات الولايات المتحدة وإيطاليا واليونان في أوكرانيا خوفاً من غارة روسية منظمة الصحة العالمية تُؤكد أن 13 % من جميع المستشفيات في لبنان توقفت عملياتها أو تقلصت خدماتها الصحة في غزة تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي أعدم أكثر من 1000 عامل من الكوادر الطبية في القطاع عطل فنى يُؤخر رحلات شركة الخطوط الجوية البريطانية في أنحاء أوروبا وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3544 شهيداً و 15036 مصاباً منذ بداية العدوان الإسرائيلي على البلاد
أخر الأخبار

الموت في زمن الازدحام على طريق الجنّة

الموت في زمن الازدحام على طريق الجنّة

 لبنان اليوم -

الموت في زمن الازدحام على طريق الجنّة

علي الأمين

الموت هو في هذا التدمير الاجتماعي في الاعلاء من شأن الفوضى وتبجيلها

تتخذ الحياة بعدا عبثيا تتحول الى نهايات لا تفضي الى بداية بل عدم

 
ليست جغرافيا بلادنا جسداً من تراب وماء، ولا ارضاً مشلعة تحت ضوء الشمس، ولا هي التلال المترامية او الصحراء الممتدة على مدى العين. الجغرافيا هي نحن، مسلك الحياة الضيق، صدورنا المغلقة على عتمتها، حكايتنا المسكونة بالرتابة القاتلة. هذه الارض هي اجسادنا المتزاحمة على دروب اليأس، المستيقظة على شهوة الالتهام. هي نحن، خريطة الروح لهذه البلاد ومسلك غربتها الذي يمتد ويمتد كالعدم.

هذه البلاد الممزقة هي جسدنا المدمى، اجتماعنا المتصدع، واحقادنا الطالعة من خزائن التاريخ، لذا للدم مجده، وللقاتل مكانة الأنبياء والقديسين. كم قتلت هذا اليوم؟ كم سرقت من جيب اخيك؟ كم لديك من العبيد؟ كم صار في خزائنك من جماجم؟ كل هذا وما يشتهيه فم الغريزة فداك يا ايتها الآلهة.

القتل صار وليمة الصباح ومّوالاً في سمر الليالي وعلى حكاياته يغفو الصغار، القتيل هنا ليس هذا الجسد ولا تلك العيون المفتوحة على الدهشة، القتيل هو القاتل هما نحن، فحين يتخذ الموت بعدا عبثيا، يتحول الى نهايات لا تفضي الى بداية بل عدم. الموت الذي يجعل من الحياة فعلا بلا معنى، يحيلها الى شبيهه، فلا يعلي من شأنها، بل تمتثل بعدميته او يمتثل بها فيتطابقان في العبث.

في عناوين الموت هذا وامثولاته، ما يسري في شرايين اجتماعنا اللبناني والعربي، ولا تستقيم الرياسة بالسياسة بل بالقتل، ذلك ان الموت الذي يتمثل حياتنا، يفرض نموذجه ويتقمص ارواحنا، للموت هنا معنى ان يتحول الناس الى مجرد لاهثين خلف الموت، منتشين بسكراته، غارقين في عبثيته، الموت هنا حين تصير الحياة مثيله، ليس بالمعنى البيولوجي بل في امتناع الجسد الاجتماعي عن الحياة، حين يفتقد الرغبة في مغالبة الزمن، في الخروج من ظلمة الرحم، فتستهويه شهوة القتل لكل خلق من الحياة.

قيم الموت هي المتحكمة، هي الغالبة في السياسة وفي علاقاتنا الانسانية في رغبتنا بادامته، فالموت هنا ليس حدثا طبيعيا يطال الكائنات على تنوعها من خارج ارادتها، بل هو في بلادنا فعل ذاتي نابع من داخل المجتمع، يدفع باتجاه تعميمه في كل المستويات. لذا في زمن صعود الهويات الطائفية والدينية وفي زمن الازدحام على طريق الى "الجنة" بفضل تجارة الموت، تصير الحياة خطيئة لا تغتفر الا بالموت. هل خلق الناس من اجل تعميم الموت، وهل يمكن للموت الاجتماعي ان يوصل الى ما عداه؟

تجارة الموت وتعميمه حرفة، يتفنن اصحابها وفلاسفتها في تزيينه، في جعله قيمة عليا، لذا يجب ان يطال كل ما له معنى، وكل ما يبعث الحياة في المجتمعات، ويقطع كل طريق قد يؤدي الى جنة الحياة. الجحيم هو المشتهى، والقتل هي الحرفة، والحقد هو الذي يجب ان يعم، والقطعان هي التي تستحق ان تساق وتذبح وهي مبتسمة.

في مآلات احوالنا السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية، ما يشير الى موت، لا يعني ان الجسد اللبناني والعربي عموما ليس فيه من نبض يقاوم الموت. لكن الافكار المسيطرة والمتحكمة في اجتماعنا السياسي، لا تدفع الى التفاؤل بأن بضاعة الموت يمكن ان تعطي الحياة غير المزيد من العبث والعدمية. ففي زمن يستحضر فيه الانبياء والقديسون لتبرير القتل ولادامة الموت، نكتشف كيف تراجعت معاني الحياة، وفي زمن تنزيه الجريمة والقاتل لا يمكن للحياة ان تنمو وتتمدد.

الموت هو في هذا التدمير الاجتماعي في الاعلاء من شأن الفوضى وتبجيلها، في تهميش الدولة وتقديس الزعيم، في الباس الغرائز لبوس الدين، في ادّعاء امتلاك الحقيقة وتكفير من يخالفه. فيما الحياة لا يمكن ان تستقيم مع استمرار الجريمة كقيمة تستحق الثناء والتبجيل، من خلال هذا التدمير العبثي لمجتمعاتنا عبر تثبيت نظم الاستبداد والاستزلام، وتبرير القتل، وتعميم التكفير للمختلف والتخوين للخصم.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الموت في زمن الازدحام على طريق الجنّة الموت في زمن الازدحام على طريق الجنّة



GMT 18:56 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تحت البحر

GMT 18:53 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 18:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

لا سامح الله من أغلق ملفات الفساد

GMT 18:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

انتصرنا!

GMT 18:46 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكر السياسي سيرورات لا مجرّد نقائض

GMT 18:42 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

«إنت بتفهم في السياسة أكتر من الخواجه؟!»

GMT 18:40 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس ترمب؟!

GMT 18:36 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

المواصلات العامة (3)

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:00 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جان يامان ينقذ نفسه من الشرطة بعدما داهمت حفلا صاخبا

GMT 18:31 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

مجموعة من أفضل عطر نسائي يجعلك تحصدين الثناء دوماً

GMT 10:48 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفضل خمسة مطاعم كيتو دايت في الرياض

GMT 06:50 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر المقبل

GMT 05:59 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 08:19 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

علاج حب الشباب للبشرة الدهنية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon