«الخطر اليهودي» على إسرائيل

«الخطر اليهودي» على إسرائيل؟!

«الخطر اليهودي» على إسرائيل؟!

 لبنان اليوم -

«الخطر اليهودي» على إسرائيل

حسن البطل

من هو الجنرال السويدي أودبول؟ يتذكره بعض جيلي ليس، بالضبط، لأنه سويدي وكان قائداً لقوات مراقبي الهدنة التابعة للأمم المتحدة أوائل ستينيات القرن المنصرم.
بالضبط، لأنه بعد أن أنهى مهام منصبه وضع كتاباً عنوانه في الترجمة العربية «إسرائيل في خطر السلام» ونصيحته للعرب: ابنوا بلادكم بمعزل عن الحروب مع إسرائيل، فالخطر عليها هو خطر السلام لا الحروب.

قال بهذا قبل النصر الخرافي الإسرائيلي في العام 1967، وقبل أن يشكل الفلسطينيون خلايا فدائية صارت «م.ت.ف»، وكانت مصر وسورية دولة واحدة تشكل «كمّاشة» خطر وجودي على إسرائيل.
الآن، «الخطر الوجودي» هو ظلال القنبلة الإيرانية، والاتفاق النووي الدولي مع إيران يذكّر قادة هذه الدولة باتفاق تشمبرلين ـ هتلر 1938، والحرب التي انتهت إلى محرقة و»هولوكوست» .. ودولة إسرائيل!

الدولة الصهيونية العلمانية صنعت «معجزة يهودية» وأنتجت براعم «وطنية إسرائيلية» في اللغة والثقافة.. و»ديمقراطية وحيدة في الشرق الأوسط» وجيشاً قادراً على تحدي زمرة من الجيوش العربية والانتصار عليها.
ناصر ونظامه وجيشه كانوا «خطراً وجودياً» ثم صار العراق وصواريخه وجيشه كذلك.. والآن، صار الخطر قنبلة نووية إيرانية، واتفاق فيينا 2015 الذي يذكرهم باتفاق ميونيخ 1938.

الخطر الإيراني الكامن دفع إلى الوراء الخطر الفلسطيني، فلم تعد دولة فلسطينية تُرى في إسرائيل هي المسألة الوجودية، ولا تراها أميركا أولوية.
مع ذلك، هناك فسحة من 10 ـ 15 سنة قبل أن تشكل القنبلة الإيرانية «خطراً وجودياً» على الدولة اليهودية ـ العبرية، وخلالها ستنصرف جهود إسرائيل إلى سياسة «اللامعقول» أي تحالفا مصلحيا مع الدول العربية السنية المعتدلة، ضد الفارسية الشيعية والداعشية السنّية؟
المثقفون والعقلاء في إسرائيل ينصحونها أن تهتبل فرصة سانحة من الاتفاق النووي، والفوضى العربية للتوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين قد تشكل أساساً ضد الخطر الفارسي والداعشي معاً ولاتفاق مصلحي مع الدول العربية السنّية، وبمعنى محدّد قبول مشروع السلام العربي.. ولو للتفاوض عليه، وقبول دولة فلسطينية منزوعة السلاح وتحت المراقبة.

أنفقت إسرائيل 10 مليارات شيكل على استيطان عاثر في غزة، و12 مليار شيكل أخرى على التهيؤات والاستعدادات لضربة إجهاض إسرائيلية منفردة للمشروع النووي الإيراني.. فكم أنفقت على المشروع اليهودي الاستيطاني في الضفة؟ التقديرات تقول: أكثر من مائة مليار دولار ونصف مليون مستوطن، داخل الجدار وخارجه معاً.
تكاد إسرائيل تلغي فلسطين جغرافياً، وفي المقابل تبدو عاجزة عن إلغاء فلسطين ديمغرافياً، حيث يشكل الفلسطينيون داخل إسرائيل ومناطق السلطة أقل قليلاً أو أكثر قليلاً من تعدادهم العام في الشتات العربي والعالمي، كما يشكل اليهود في إسرائيل أقل قليلاً من نصف عديد يهود العالم.. مع الفارق الشاسع بين حقي العودة الفلسطيني واليهودي.
لكن إسرائيل لم تعد إسرائيل، فهي إسرائيل الصهيونية داخل خطوط 1948 وإسرائيل اليهودية في الحكم وخارج هذه الخطوط، وهناك من يقول إن حكومة إسرائيل جعلت الدولة فرعاً لدولة المستوطنين.

عندما رأى أودبول إسرائيل في خطر السلام، ربما كان في ظنه مسائل مثل تنافر الاشكناز والسفاراد، الذين يحتاجون «خطراً وجودياً» لطبخهم إسرائيليين، أو بقايا صراع العماليين مع الحيروتيين، الذين سيطروا ديمغرافياً على الدولة معظم الفترة منذ العام 1977، أو خلاف العلمانيين الصهاينة والأصوليين اليهود.
لكن، ما يرسم الخارطة السياسية ـ الأيديولوجية الإسرائيلية حالياً هو صراع اليمين مع اليمين المتطرف، الديني والقومي على الدولة وصورتها وهُويّتها.
في هذا الإطار، هناك من يرى إسرائيل تختصر في الصراع بين تل أبيب الصهيونية العلمانية، والقدس المكبرة والمهودة والأصولية، وأن الأخيرة سوف تنتصر على الأولى، بما يؤدي إلى هجرة العلمانيين من القدس، ثم هجرتهم ومثقفيهم وعقولهم وحواسيبهم من الدولة.

هذا يحدث بشكل عنيف في المدّ الإسلاموي في دول المحيط العربي، ويحدث بشكل هادئ في المد اليهودي الأصولي في إسرائيل.
إسرائيل التي لا تريد إنهاء احتلالها للضفة، ولا تريد دولة فلسطينية، ولا تريد مكانة مواطن متساوية للفلسطينيين في إسرائيل. صحافي إسرائيل قال: لا يوجد خطر وجودي على إسرائيل، بل الخطر على الوجود الإسرائيلي كامن منها وفيها.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الخطر اليهودي» على إسرائيل «الخطر اليهودي» على إسرائيل



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon