حسن البطل
اكتشفت شيئاً جديداً وطريفاً، في ثنايا مقالة صحافية إسرائيلية عن «خطر وجودي» جديد على إسرائيل، اسمه BDS.
هل تصدقون؟ شعار «العالم كلّه ضدّنا» كان أغنية لمغنية إسرائيلية شاعت بعد سنتين من حرب 1967، أي أوائل الصحوة من نصرها، الوحيد والخرافي.
نعرف مصادر شعارات و»ثيمات» يهودية وصهيونية تعود إلى التوراة، أو «الهالاخا» أو التلمود.. أو هيرتسل أو شاعرهم بيالك. مثلاً: حدودك يا إسرائيل من.. إلى، أو «شعب يسكن وحده» أو «شعب الله المختار» أو يهود وأغيار.. وفي الإجمال، فالأغنية بمثابة عزف جديد على عزف قديم.
ها.. نسينا الخلط بين اللاسامية ومعاداة اليهود، الذي خلّف الخلط بين إسرائيل السيادية في حدود ما قبل حرب 1967، وبين الشعب اليهودي، وأرض إسرائيل، و»دولة الشعب اليهودي».
كما في نشيد عروبي قومي يقول: لنا مدنيّة سلفت/ سنُحييها وإن دثرت/ ولو في وجهها وقفت طغاة الإنس والجان» فإن أغنية «كل العالم ضدنا « تنتهي الى «كل من هو ضدنا ليذهب إلى الجحيم»!
في الأساطير اليهودية القديمة أن «الدياسبورا» كانت شتاتاً عالمياً لإثني عشر سبطاً يهودياً، وهؤلاء بفضل هيرتسل و»دولة اليهود» تجمعوا من جديد في دولة إسرائيل.
سأعود إلى استطلاعين لهما علاقة بالأغنية والشعار والسياسة. الأول لمعهد إسرائيل للديمقراطية، وخلاصته أن 71% من الإسرائيليين اليهود يعتقدون أن العالم ضد إسرائيل: الدولة واليهودية وأرض إسرائيل و»دولة الشعب اليهودي»؟ يعني: العالم يطالب إسرائيل بمستوى أخلاقي يفوق ما في باقي الدول؟
حسناً، من قال إن العالم «يهود وغوييم» و»شعب الله المختار» و»طهارة السلاح اليهودي» و»نور الأمم» عليه أن يدفع ضريبة «القيمة المضافة».
الاستطلاع الثاني، وأجري بمناسبة 67 سنة على إقامة إسرائيل، وافاد أن رئيس الدولة، رؤوبين ريفلين هو الأكثر شعبية، وحلّ نتنياهو في المركز الخامس.
كيف يرى ريفلين، وهو من أنصار دولة واحدة ذات حقوق مدنية متساوية لرعاياها، الشعب الإسرائيلي الآن؟
إسرائيل، الآن، في رأيه أربع قبائل: علمانيون، متدينون، أصوليون.. وعرب، وكل قبيلة ترى في الأخرى تهديداً وخطراً. الخلاصة: المجتمع الإسرائيلي يحتاج «نداء صحوة» ليخلق «إسرائيلية مشتركة» تجمع طفلاً من «بيت إيل» (مستوطن)، وطفلاً من راهط (فلسطيني) وطفلة من هرتسليا (علمانية) وطفلة من «بيتار علييت» (أصولية).
بالمناسبة تقول توقعات ديمغرافية إن «الحريديم» والفلسطينيين سيشكلون نصف سكان إسرائيل بعد ثلاثة ـ أربعة عقود، والمشكلة أن هؤلاء وأولئك مقصيون عن العمل المجدي، إما بإرادتهم (الأصوليون) وإما بالتمييز ضدهم (الفلسطينيون).
صار الخيار بين دولتين ودولة واحدة مثل السخافة القديمة: البيضة أولاً أو الدجاجة، وفي مؤتمر هرتسليا الحالي للأمن والمناعة القومية، قال وزير حربيتهم موشي يعلون: لا أرى حلاً مع الفلسطينيين في حياتي، بينما قال رئيس القائمة المشتركة، أيمن عودة: هذه قضية أكاديمية لا صلة لها بالواقع، لأن كل العالم ونصف الإسرائيليين يرون الحل بدولتين «تخيلوا ماذا سيجري عندما تقوم دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، ويكون بينهما علاقات تعاون؟ عندها ستكون السماء هي الحدود».
في مقالة لرونين بيرغمان عن خطر المقاطعة الوجودي وBDS، قال إن خمسة افتراضات لأغنية «العالم كله ضدنا» غير صحيحة، لكن افتراضاً سادساً بأن هدفها تصفية دولة إسرائيل قد يكون صحيحاً إذا استمرت إسرائيل في سياسة الاحتلال والفصل العنصري «الأبرتهايد».. إما أن بعض BDS أذكياء، أو أن المؤامرة لإبادة إسرائيل ادعاء يتطلب إثباتاً!
بين تركيا وإسرائيل
ليكن أن أردوغان فشل، لكن الديمقراطية الإسلامية نجحت.. وهذا هو المهم، ولم تعد إسرائيل الديمقراطية الوحيدة في المنطقة.
طول عمرها حكومات إسرائيل ائتلافية، وماذا إن كانت حكومة تركيا الجديدة ائتلافية، لكن في آخر انتخابات إسرائيلية شارك 76% من اليهود في التصويت، و67% من الفلسطينيين، أما في تركيا فقد شارك 87% في التصويت.. هذا هو المهم.
أيضاً، بعد عقود قد تصير تركيا دولة ثنائية القومية من أتراك واكراد، ولم يقل أردوغان عن الأكراد ما قاله نتنياهو: العرب يصوتون بكثافة.. ففاز في الانتخابات!