إسرائيل في العام 2016

إسرائيل في العام 2016

إسرائيل في العام 2016

 لبنان اليوم -

إسرائيل في العام 2016

حسن البطل

يمكن لدوائر القرار السياسي الفلسطيني والعربي أن تتابع بتحليل معمّق ما يصدر في الشهر الأول من كل عام، عن المؤسسة السياسية والأمنية الإسرائيلية، لكي تتعرف إلى أولويات واتجاهات التطور العسكري والسياسي في إسرائيل خلال العام.

المؤسسة السياسية العربية عموماً بريئة من هذا التقليد، ذلك أن السياسة تصدر عن الزعيم الأوحد ملكاً كان أم رئيساً، ما يجعل السياسة تجارة "بالقطاعي"، يتحكم فيها المزاج الشخصي، وردود الفعل.

وتمتد هذه الخطيئة في سلوك العرب، لتؤكد أن القضية الفلسطينية، وقضية الصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي ليست في مكانها السليم، ما يدل أيضاً على غياب الوعي العربي عن حقائق الصراعات والتضاربات في المنطقة وعليها.

في أحسن الأحوال، تخضع المنتوجات الفكرية للمؤسسات الإسرائيلية إلى الدراسة من قبل بعض الجهات الاستخبارية في عدد قليل من الدول العربية، ولكن نتائج واستخلاصات مثل تلك الدراسات لا تدخل مطبخ القرار السياسي، وإن دخلت فإن ما يدخل منها في حسابات القرار هو ما يتعلق بأمن تلك الدولة.

خلال الأيام القليلة الماضية صدر في إسرائيل ما يعرف بتقرير الأمن القومي الاستراتيجي، الذي يحدد مصادر وأولويات المخاطر والتهديدات التي من المتوقع أن تواجهها الدولة خلال العام 2016.

الجزء الأكبر والأهم من التقرير، يتحدث عن أولوية الخطر الإيراني وما يسمونه الحلقات المرتبطة به، وهي سورية، وحزب الله.

الخطر الإيراني بالنسبة لإسرائيل ماثل في مقدمة المخاطر الأخرى حتى بعد اتفاق فيينا، وهو لا يرتبط فقط باستعداد إيران وقدرتها على تطوير برنامجها النووي، بل أيضاً بتنامي قدراتها الاقتصادية والعسكرية، وبالاختراقات التي تحققها إيران وحلفاؤها في المحيط القريب من الدولة العبرية.

لا تنتظر إسرائيل، أن تعلن إيران الحرب عليها، حتى تتجند وتجند تحالفاتها من أجل مواجهة هذا الخطر، بعيد الاحتمال، لكنها تحضر نفسها لما يمكن أن يأتي به قادم السنوات وربما العقود وما يعني أن إسرائيل ستعمل فوراً وبصورة مستمرة على إبعاد هذا الخطر.

ابتداءً ستواصل إسرائيل تحريض حلفائها ضد إيران، وستعمل بطرق وأساليب مختلفة على مراقبة أي خرق إيراني للاتفاق والتحريض على سعي إيران لتطوير قدراتها العسكرية والاقتصادية من خارج دائرة الفعل النووي.

وكمثال مستعجل، بادر بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة لفرض عقوبات جديدة على إيران بسبب تجاربها في ميدان تطوير الصواريخ الباليستية، لكن هذه الدول الحليفة لإسرائيل تتواطأ كل الوقت مع التجارب الإسرائيلية، ومع الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، وهي تتواطأ مع إسرائيل التي تمتلك قدرات نووية منذ عقود طويلة.

الخط الثاني الذي تعمل عليه السياسة الإسرائيلية لتحجيم الخطر الإيراني وتأجيله، يتصل بموقف إسرائيل من الصراع في سورية حيث ترفض بقاء وتعافي نظام الأسد، حتى بعد أن تحولت السياسة الغربية في اتجاه البحث عن تسوية سياسية لا تشترط التخلص الفوري من الرئيس بشار الأسد ونظامه.

وعلى مدار الساعة تراقب إسرائيل، وهي مستعدة لمواجهة أي محاولات من قبل النظام السوري، لتمكين المقاومة من بناء قواعد لها في منطقة الجولان استعداداً لتنشيط هذه الجبهة التي تميزت بهدوء شامل منذ حرب تشرين العام 1973.

كان آخر الشواهد على هذه السياسة التي تعكس مخاوف إسرائيلية، القصف الذي استهدف الشهيد سمير القنطار، الذي لم يكن وجوده في المنطقة كسائح.

في المشهد، أيضاً، ان على إسرائيل أن تحضر نفسها لمواجهة حزب الله، الذي حمّلت بطريقة مباشرة الدولة اللبنانية المسؤولية عنه، وهددت بضرب وتدمير البنية التحتية للبنان.

يشير التقرير إلى مهمة متكررة، جرى تبنيها في تقرير العام السابق وهي أن على إسرائيل أن تشجع وتدعم تحالفا سنيا معتدلا في المنطقة، وتعتقد أن مخاوف بعض العرب من الخطر والتهديد الإيراني يبرر لها الاعتقاد بإمكانية أن تحقق اختراقات سياسية في العلاقة مع هذه الدولة على خلفية مواجهة خطر مشترك.

في حسابات السياسة الإسرائيلية للعام الحالي بحسب التقرير، تسعى إسرائيل إلى فتح مسار تفاوضي للبحث في حلول مرحلية مع السلطة الفلسطينية ما يرمي فقط إلى محاولة ترميم العلاقات مع حلفائها الغربيين، أي شكلا من أشكال المجاملة، دون أن ينجم عن ذلك أي تغيير في السياسة الإسرائيلية التوسعية، أو التحول نحو تسوية على أساس رؤية الدولتين.

أما المسار الثاني في السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، فيتعلق بمعالجة حربية للتهديدات التي ينطوي عليها قطاع غزة، ودون أن يعتبر التقرير هذه التهديدات على أنها تنطوي على خطر يستحق أن يقف ضمن أولوياتها الاستراتيجية، وفي الواقع فإن التعبئة الجارية في إسرائيل تشير إلى أن هذه المهمة عاجلة وليست مؤجلة والأرجح أن تتم قبل أن تبدي إسرائيل استعدادها لفتح المسار التفاوضي.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل في العام 2016 إسرائيل في العام 2016



GMT 01:31 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الجبهة اللبنانية تسبق جبهة غزة

GMT 19:15 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الأردن بين إيران وإسرائيل

GMT 18:46 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

ازدواجية ليست مفاجئة... ومستمرة

GMT 22:22 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

ردت إيران… لكنّ الثمن تدفعه غزّة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon