إن حكى حنظلة بأبجدية الجسد

إن حكى "حنظلة" بأبجدية الجسد؟

إن حكى "حنظلة" بأبجدية الجسد؟

 لبنان اليوم -

إن حكى حنظلة بأبجدية الجسد

حسن البطل

قال لي: سأرقص حتى سن السبعين. مرّة، قبل سنوات، تمليته خلسة من رصيف "المنارة" يؤدي حركات راقصة، وسط فوضى السيارات والسابلة. أهذا "بهلول" في اسئلة عيون المارة؟ لم أسأله عن عمره، لكن ١٧ سنة منه انصرمت منذ بدأ الرقص عام ١٩٩٦ مع "فرقة الفنون الشعبية" ولما صار "الراقص الاول" في الفرقة تمرد وانشق عليها (وكل اصيل متمرد)، وشق له درباً صعباً وطويلا اوصله وفرقته الى تأسيس "مركز الشرق والمسرح الراقص". هو ماهر شوامرة الذي فاجأنا وفرقته، قبل اسبوع، على خشبة قصر الثقافة .. شكلاً وموضوعاً. شكلاً قدّم وفرقته عرض "أَنتظر" أي أنا انتظر، فخيل لنا أن هذا ليس عرضاً راقصاً فنياً فلسطينياً، بل تؤديه فرقة متمرسة اجنبية تشارك، مثلاً، في "مهرجان رام الله للرقص المعاصر" السنوي. المفاجأة في الاداء الرفيع، كانت كذلك مفاجأة في خوض جسور للموضوع الصعب: كيف تجعل "حنظلة" يحكي بأبجدية الجسد، اي كيف استحضر ناجي العلي وتجرأ على الاستحضار. كان حنظلة "نمطاً" فصار ابداعاً. أظن، ولدي اسبابي، أن استيهام ناجي، ابرز رسامي الكاريكاتير العرب في عرض عصري راقص، اصعب، مثلاً حتى من استحضار "جدارية" درويش في عرض مسرحي درامي. الرسام والشاعر تقريباً، هما رمزان "أيقونتان" ثقافيتان وشعبيتان معاً: فلسطينيتان - عربيتان، فكيف جرؤ نصري الحجاج على اقتراف شريط وثائقي "في حضرة الغياب" على الشاشة: يحضر صوت الشاعر وصيته وتغيب صورته؟ ألا يقال: خير الناس من حضر صيته وغابت صورته، سوى أن درويش ذائع الصيت جداً وحاضر الصوت والصورة. ترى "حنظلة" قلادة معدنية في العنق مثلاً، او علاقة مفاتيح، ويستعيد الشباب رسماته للنيل من اللحظة السياسية الراهنة .. والآن، عليهم ان يروا "حنظلة" روحاً راقصة، وعلى الراقص الاول وفرقته ان يروا الناس يصفقون وقوفاً: لقد نجح الاداء والمغامرة الخطيرة نجحت. للبعض ان يغار من الناجح ومن نجاحه وهكذا لم يخل الأمر من "حسّاد" على "الفيسبوك" لم يستطيبوا، مثلاً، ان يؤدي شباب الفرقة بعض لوحات الرقصة مكشوفي الجزء الاعلى من اجسادهم. هذا الحسد سخيف، لأن الظلال والضوء والموسيقى ايضاً جزء يرافق أنشودة "ابجدية الجسد" كما يؤدونها في الرقص المعاصر. أربع سنوات على تأسيس "مركز الشرق والرقص المعاصر" قبل هذه المفاجأة المبهرة، شكلاً وموضوعاً. "رؤية خاصة" للرسوم والنصوص مدعومة برؤية المصمم للرقصة وفرقته حركة الموجودات الكونية: السر في الايقاع البصري. إنه راقص اول وراقص مؤسس، قد يجلس في عمر السبعين، ليرى الاطفال من عمر ٥ - ١٢ سنة وقد استلموا راية الرقص المعاصر. كيف؟ في الخطة طويلة المدى متعددة السنوات ان يفتح المركز دورة اخرى من دورات "مدرسة الباليه" والرقص المعاصر يجمع فنون الرقص كلها، وفي أساسها رشاقة ولياقة راقصي الباليه. في رسومات ناجي يتداخل الألم بالأمل، الاحلام بالواقع.. وهكذا في عرض "أنتظر" ولوحاته السبع، وترافقها مختارات موسيقية من فيلم "أفاتار" الكوني الاسطوري، الى موسيقى افريقية، وايقاعات موسيقية، والقاء سجل للشاعر محمود درويش .. الايقونة الثانية. الرقص المعاصر فن حديث في العالم وفلسطين بخاصة تذوقه المشاهد الفلسطيني حديثا جداً، ربما منذ المهرجان الاول للرقص المعاصر، الذي تنظمه سرية رام الله - الاولى.. وحتى دورته الثامنة هذا الشهر. صارت للسرية فرقة للرقص المعاصر، وتطورت فرقة الفنون الشعبية ايضاً .. وللأسف لم يفسحوا مجالاً لفرقة ماهر. فرقة السرية وفرقة الفنون تلقيان دعما وتمويلا، واما فرقة "الشرق والمسرح المعاصر" فهي تعاني من صعوبة البدايات ومن شح التمويل، ومن الاقصاء حسداً وغيرة ربما.. حتى كاد ظهرها وظهر مؤسسها ينكسر، كما قال لي شكواه عبر دردشة على "الفيسبوك". للشاعر ان يرى ما يريد، وللرسام ان يرسم ما لا يُرى .. وللراقص المبدع ان يرى رؤيته لرؤية الشاعر ورؤية الرسام. بصراحة، صار لي ان ارى بانتظام عروض الرقص المعاصر منذ بداية مهرجان رام الله - الدولي، وان أرى على شاشة التلفاز مباريات دولية للراقصين. اللوحة الفنية لا تتحرك، لكن تتحرك كما يراها المشاهد، واما لوحة متحركة للرقص المعاصر فهي تروي قصة ملتزمة. ماهر الشوامرة وفرقته قدموا قصة ملتزمة جداً، كما رسومات ناجي ملتزمة، ولكن مع رؤية ثاقبة وجديدة. ادعموا الاجتهاد والمغامرة والرؤية الجديدة.   نقلاً عن جريدة "الأيام"

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إن حكى حنظلة بأبجدية الجسد إن حكى حنظلة بأبجدية الجسد



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon