الإسلام والعروبة، أيهما اللحمة وأيهما السدى

الإسلام والعروبة، أيهما اللحمة وأيهما السدى؟

الإسلام والعروبة، أيهما اللحمة وأيهما السدى؟

 لبنان اليوم -

الإسلام والعروبة، أيهما اللحمة وأيهما السدى

حسن البطل

هل أقول، تلخيصاً أو تعسفاً: القرآن "احتل" العربية، والإسلام "احتل" العروبة؟ في التلخيص نزل القرآن بلسان عربي مبين، لكنه، نزل بلهجة قريش. القراءات السبع أو التسع توحّدت في قراءة واحدة. إذن، كان القرآن العربي، بلهجة قريش، عامل توحيد للغة العربية، ومن ثم قام الإسلام غير العربي الإيراني (ولا نقول الأعجمي، لأن الإسلام واحد) بتقعيد العربية وتنقيط حروفها! ما يبدو، حالياً، "احتلال" الإسلام للعروبة فيه تعسف، فهل العروبة "لحمة" الإسلام أم الإسلام "سدى" العروبة (خطوط النسيج القائمة هي السدى، وخطوطه المتوازية هي "اللحمة"). يمكن، مثلاً، أن نرى في البداية نقطة تلاقي بين "السدى" و"اللحمة" لأن أصحاب الأولى (العروبة) قالوا: النهضوي، الحداثي، القومي.. والقطري، أما أصحاب الثانية (الإسلام) فقالوا: التنويري، الإصلاحي، السلفي.. والجهادي! هل نقول، استطراداً، إن "الربيع العربي" هذا صار خلافاً، ثم تنافراً، ثم صداماً بين "القومي" و"القطري" وبين "السلفي" و"الجهادي". قد يكون كلامي هذا مفككاً وغير متماسك ويحمل قدراً من الإجمال و"الاجتهاد" لكن مقالة للزميل محمد ياغي (آراء "الأيام" الجمعة 26 حزيران) أراها مدعاة للتفكير والسجال، وعنوانها يلخصها "الإسلاميون لن يهزموا إلاّ إذا حكموا"! يسوق محمد ياغي جملة من الأمثلة العربية برهاناً: في تونس فازت "النهضة" 1989 (وعادت لتحكم عَبر الانتخابات 2011 بعد قمع واضطهاد نظام بن علي. في الجزائر فازت "جبهة الإنقاذ الإسلامية" في انتخابات العام 1991، وألغاها الجيش وبعد 200 ألف قتيل يتمتع الإسلاميون بحضور فاعل أكثر من أي حزب آخر جبهة التحرير الوطني أولاً). الحال في مصر عبد الناصر وسورية الأسد الكبير والصغير مشابه، ففاز الإسلاميون في مصر، ويخوضون حرباً أهلية في سورية، وفي فلسطين هناك "حماس" التي فازت بغالبية تفوق غالبية الأحزاب الإسلامية في دول "الربيع العربي" وسواها. لا بدّ من ملاحظة مهمة، وهي أن فوز "حماس" الكاسح كان لدمجها الشعار والهدف الوطني بالخيار الإسلامي، وهذه حالة وطنية وديمقراطية ـ إسلامية خاصة بفلسطين. في خلاصة المقالة القيِّمة (وتصلح دراسة وكتاباً، أيضاً) يرى الكاتب أن الانتصارات التاريخية العربية كانت، إجمالاً، إسلامية، والاستبداد والهزائم والفشل كان من نصيب أنظمة حكم المشروع القومي العربي، الذي انتكس إلى فشل المشروع القطري، ومن ثم لا خلاف على استنتاج الكاتب: "الدين الإسلامي مكوِّن أساسي من ثقافة الشعوب العربية" سواء كدين "تسامح" أو دين "جهاد". إذن، من حق الإسلاميين أن "يحكموا" حتى ينجحوا أو "يفشلوا" وإذا ما جرى "تفشيلهم" فإنهم سيعودون أقوى وأضرى! أحداث مصر سوف تمتحن استنتاج الكاتب وخلاصته، لأن مصر دولة ـ أمة وليست نتاج مشروع العروبة في الجناح الشرقي العربي، أو نتيجة التقسيم الجائر بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، ولا فشل مشروع وحدة المغرب العربي. إذا قلنا إن العروبيين بدؤوا "نهضويين" والإسلاميين بدؤوا "تنويريين"، وانتهى الأمر إلى خصام وصدام، وشحناء وبغضاء، بين القوميين والجهاديين، فلا يمكن فهم مسألة الاستبداد ـ الديمقراطية، أو الاستبداد ـ الشريعة، دون فهم الإسلام غير العربي. تقدّم تركيا وماليزيا، وإلى حد ما إيران، صورة عن "ديمقراطية إسلامية". أما الباكستان وأفغانستان (دولتان فاشلتان)، وكذلك نيجيرياً، أيضاً. فهما برهان فشل الدمقرطة لصالح حكم الشريعة. "الطلبنة" في الباكستان وأفغانستان، و"بوكو حرام" في نيجيريا.. أما الجزائر فحالة خاصة عن تدهور الفوز الإسلامي الديمقراطي إلى حرب أهلية، رفع فيها غلاة المجاهدين شعارات قصوى: تحريم الحاكم، ثم تحريم العامة، أيضاً؟! "لا إكراه في الدين" في تركيا وماليزيا، ولكن هناك "إكراه" في أفغانستان وباكستان ونيجيريا، ومن ثم هذا السؤال: هل فشل الإسلاميون في مصر (مصر بالذات) لأنهم، بعد فوزهم الضئيل في الانتخابات، حاولوا "أخونة" المجتمع وليس "أسلمته" لأن المصريين في طليعة الدول والشعوب الإسلامية تديناً، وهذا خلاف تجربة الإسلاميين في تركيا مثلاً منذ حكم نجم الدين أربكان وحزب "الفضيلة" إلى حكم رجب طيب أردوغان و"العدالة والتنمية" الناجح اقتصادياً. تركيا الأتاتوركية كانت "معلمنة" قسراً على النمط الأوروبي، وتونس كانت "معلمنة" استنساخاً للعلمانية الفرنسية بالذات (نظام بورقيبة) لكن باقي دول "الربيع العربي" كانت استبدادية الجوهر وعلمانية المظهر. فلسطين وفوز "حماس" الإسلامية حالة خاصة، لأن فلسطين تسعى، بعد فوز "حماس"، إلى سلام أهلي، سوية مع سلام وطني مع دولة الاحتلال، وتدعو إلى انتخابات لإرساء سلام أهلي، وإلى استفتاء على السلام الوطني (دولة وطنية). .. إلى ما شاء الله، ستكون العروبة (اللحمة) والإسلام (السدى) كل خيط في نسيج القماش في مكان الآخر: الخيوط القائمة مكان الخيوط المتوازية.. زمن الفوضى!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإسلام والعروبة، أيهما اللحمة وأيهما السدى الإسلام والعروبة، أيهما اللحمة وأيهما السدى



GMT 19:47 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي

GMT 19:45 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

هجرات جديدة على جسور الهلال الخصيب

GMT 19:43 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الخيط الأميركي

GMT 19:39 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي في واشنطن استمرارية أم انعطافة؟

GMT 19:38 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

السينما الإيرانية.. السؤال الحائر من «الجونة» إلى «القاهرة»!

GMT 19:34 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لا فرصة للعرموطي برئاسة مجلس النواب

GMT 19:30 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الصندوق؟!

GMT 19:27 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلاهما مُر

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات اسرائيلية على جنوب لبنان وصواريخ تطلق نحو الجليل
 لبنان اليوم - غارات اسرائيلية على جنوب لبنان وصواريخ تطلق نحو الجليل

GMT 09:09 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

هاني سلامة يعود الى السينما بعد غياب امتد لأكثر من 14 عاماً
 لبنان اليوم - هاني سلامة يعود الى السينما بعد غياب امتد لأكثر من 14 عاماً

GMT 13:59 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:41 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 09:34 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنظيم مكتب الدراسة وتزيينه في المنزل المعاصر

GMT 12:35 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

"تي باو" تطلق اللاب توب Tbook X11 الجديد

GMT 21:10 2021 الثلاثاء ,14 أيلول / سبتمبر

طنجة عروس شمال المغرب افضل وجهات شهر العسل لصيف 2021

GMT 21:45 2023 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

ديكور أنيق يجمع بين البساطة والوظائفية

GMT 19:09 2023 الأحد ,09 إبريل / نيسان

تنانير عصرية مناسبة للربيع
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon