حسن البطل
ليكن! أعطوا لأنفسهم يوم راحة في الأسبوع، ونسبوه إلى رب العالمين، خلافاً لما في آية "الكرسي" القرآنية. المسيحية اقتدت باليهودية، والإسلام اقتدى بالاثنين متأخراً في يوم الراحة الأسبوعية الرسمية في بعض الدول الإسلامية، لأن السبت هو "سبات" "وجعلنا الليل سباتاً والنهار معاشاً".
عملياً، فإن يوم الجمعة وصلاتها هو يوم "سبات"، الحركة في الدول الإسلامية، والسبت يوم "سبات - شابات" لدى أتباع الديانة اليهودية، والأحد يوم عطلة وسبات في الدول المسيحية .. وهكذا "يرتاح" أتباع الديانات السماوية ثلاثة أيام متتالية في أيام الأسبوع السبعة.
بقي السبت هو السبت لدى أتباع الديانات السماوية الثلاث، ولو من حيث الاسم في الديانتين اليهودية والإسلامية، ومن حيث الحرف (S) في دول الديانة المسيحية: Samedi بالفرنسية وSaturday بالانجليزية .. وربما في لغات فرنجية أخرى.
مثلاً هناك من يتسمّى، في الدول الإسلامية، "جمعة" ولا أحد يسمى "سبت" لكن في الدول المسيحية هناك من يسمى "سبت" ولكن بعد تحريفه الى "اليزابيت" والأصل هو "اليصابات = السبت".
يهمنا من وراء ذلك، أن معظم الصحافة اليومية إما "ترتاح" يوم الجمعة (ليرتاح القراء منها) فلا تصدر يوم السبت، وإما ترتاح يوم السبت فلا تصدر يوم الأحد.. وإما تصدر، كما في فلسطين، سبعة أعداد في سبعة أيام، دون راحة.
قبل اعتماد فلسطين رسمياً يوم السبت عطلة (لأن السبت اليهودي عطلة) كان موظفو الحكومة يجعلون السبت اليوم الأكثر قراءة للصحف الوطنية، وسايرهم في هذا أن اختار بعض كتاب صحيفة "الأيام" يوم "السبت" لكتابة مقالاتهم الأسبوعية، او نصف الأسبوعية. كان يوم الذروة في القراءة الصحافية وصار يوم موات.
هكذا، صار يوم الجمعة يوم همود الحركة في شوارع المدن والقرى، ويوم الولائم والطبخ العائلي ونفض البيوت، وأما يوم السبت، حيث تعجّ الحركة في الشوارع الفلسطينية، فصار يوماً للخروج بمشوار عائلي الى الخلاء، أو يوماً للتبضع من المحلات التجارية والزيارات والتسكع!
لكن، الذي تبلبل من إضافة السبت الى الجمعة يوم عطلة هو المدارس المسيحية في فلسطين، التي تعطّل الجمعة والأحد، ويداوم التلاميذ والطلاب يوم السبت، ولا أدري لماذا لا تكون العطلة الأسبوعية ثلاثة أيام، شاملة الجمعة والسبت والأحد لتنشيط الحركة التجارية وتقليل مصاريف شغل الحكومة!
من "ذكاء" موظفي القطاع الحكومي العام، أنهم كانوا قد تعمدوا اختيار يوم الخميس ليخوضوا إضرابات مطلبية، أو ليجمعوا اليوم الى عطلتي يومي الجمعة والسبت، وأحياناً يختارون يوم الاثنين لينعموا بأيام ثلاثة من العطلة.. إضافة لأيام إجازاتهم السنوية!
لكن، يحصل أن يصادف يوم عطلة رسمية فلسطينية أحد أيام الأسبوع، أو يوم إضراب واحتجاج وإغلاق عام وتام، كما في الإضراب العام تضامناً مع الأسرى الإداريين، يوم الاثنين الماضي من هذا الأسبوع.
قصدي من هذا العرض أن أطرح سؤالاً: لماذا ليس للصحافة الفلسطينية يوم عطلة أسبوعية، يصدر فيها ملحق أسبوعي من اعداد وطباعة اليوم السابق ويوزع يوم السبت مثلاً، حيث تتدنى نسبة قراء الصحف المتدنية أصلاً، كما هو الحال في لبنان العربي مثلاً، حيث تتوقف الصحف عن الصدور يوم الأحد، وهو يوم "ويك إند" او للرحلات ومشاوير النزهة أو "السيران" كما يقول إخواننا الشوام.
لدينا اتحاد للصحافيين والمحررين، لكن ليس نقابة لأصحاب ورؤساء تحرير الصحف كما في لبنان حيث "نقيب للصحافيين" وآخر "للمحررين" ومن ثم لا يتفق رؤساء تحرير الصحف الوطنية الفلسطينية على يوم مشترك لصدور الصحف.
كانت لجريدة "الأيام" تقاليد صدور خاصة في الصحافة الفلسطينية، اي بإصدار ملاحق أسبوعية، مثل "اليوم الثامن" وغيرها، ولا تزال "الأيام" ومطبعتها بالذات، تصدر ملاحق دورية منتظمة لصالح منظمات وحركات، وأحياناً تصدر ملاحق غير دورية، مثلما فعلت بإصدار ملحق رياضي دسم عن افتتاح مونديال البرازيل لكرة القدم وآخر يومي لمبارياته.
اذا كان يوم السبت هو، تقريباً، يوماً ميتاً في مطالعة الصحف اليومية، والتي لا تحتجب عن الصدور سوى في الأعياد الإسلامية الدينية الرسمية، مثل عيد الفطر وعيد الأضحى، ومجموعهما، رسمياً، سبعة أيام .. لكن صحفنا تكتفي بيومين في عيد الفطر، وثلاثة أيام في عيد الأضحى، اي خمسة أيام على مدار السنة .. أووف!
انها تعمل كما الأفران، فهي "تعجن" في ليلة اليوم السابق، وتخبز في اليوم التالي، مع أن الأفران الحديثة لا تتوقف عن العجن والخبز يوماً واحداً، وقد لاحظتُ ان الصيدليات، التي كما الأفران لا تعطل أيام الإضرابات الوطنية، تغلق أبوابها يوم "الجمعة" بدلاً من مسايرة نظام عالمي في فتح "صيدليات مناوبة" .. وماذا إذا احتجت الى دواء ضروري في يوم الجمعة؟ عليك أن تشقى في البحث عن صيدلية نادرة مفتوحة، حيث تخلو صحفنا من نشر تذكرة للناس حول "الصيدليات المناوبة".
أعرف أن كتّاب الأعمدة اليومية في معظم الصحف والبلدان يكتبون خمسة أعمدة قصيرة في الأسبوع، لكن كتّاب الأعمدة في صحفنا (مثلي) مضطرون للكتابة سبعة أيام في سبعة، وعندما شكوت أمري لرئيس التحرير قال مداعباً .. ولماذا لا تكتب ثمانية أعمدة في أيام الأسبوع السبعة؟
أحياناً، التفّ أو أحتال على هذه المواظبة المرهقة ١٨ سنة، بإعادة نشر مادة قديمة غير سياسية يوم الجمعة، اذا كان عليّ واجب ثقيل في ذلك اليوم، أو بذريعة أن القارئ يتجدد خلال ١٨ سنة!
كنت، حتى سنوات قليلة خلت، أكتب واجبي العمودي من خارج البلاد .. لكن منذ العام ٢٠٠٩ صرت ألقم قراء العمود بمقالات قديمة، لمجرد أن رئيس التحرير يصر على ألاّ يغيب العمود عن الصدور يوماً واحداً، خلاف رسمة الكاريكاتير اليومية، وكتّاب عمود "دفاتر الأيام".
لنأمل خيراً وراحة في التصميم على الإنترنت الجديد لصفحة "آراء" للجريدة بكاملها؟!