الشرر في القدس والحريق في الضفة

"الشرر" في القدس و"الحريق" في الضفة!

"الشرر" في القدس و"الحريق" في الضفة!

 لبنان اليوم -

الشرر في القدس والحريق في الضفة

حسن البطل

زياد أبو زياد، الفلسطيني المقدسي، لعله هو على صفحته في "الفيسبوك" "أبو طارق بن زياد" وكتب، مؤخراً، مباهياً الضفة بانتفاضة متصاعدة في القدس منذ مصرع الفتى محمد ابو خضير حرقاً، وحرب غزة الثالثة. سواه في غزة كتب على "الفيسبوك" مباهياً الضفة بمقاومة القطاع. هذه مباهاة قبائل على قبائل!

حسناً، يعلم جميع الفلسطينيين ان الضفة كانت عماد الانتفاضتين الأولى والثانية، ولو ان "شرر" الأولى كان حادث دهس إسرائيلي في مخيم جباليا، و"شرر" الثانية كان زيارة ارئيل شارون العلماني للحرم القدسي؛ وان "شرر" الانتفاضة الثالثة الشعبية السلمية، بدأ في بلعين قبل سبع سنوات ضد الجدار والاستيطان.

المهم ، أن حجر الانتفاضة الأولى سببّ حريق الانتفاضة الثانية، وجمر الثانية سيسبب حريق الانتفاضة الثالثة (أرى خلل الرماد وميض جمر / ويوشك ان يكون له ضرام).

الآن، بعد حرب غزة الثالثة، يقول صحافيون إسرائيليون، ان الانتفاضة الثالثة بدأت، أيضاً، من "شرر" في الحرم القدسي منذ ثلاثة شهور، وقد تنتشر حريقا في الضفة وغزة .. والجليل والمثلث أيضا.

نحن نقول بقدس ذات عاصمتين لدولتين، وإسرائيل تقول، بخاصة في حكومتها الحالية، الأشد يمينية ويهودية، ان القدس ستبقى موحدة وتحت السيادة الإسرائيلية، وبما يجعل القدس الشرقية في وضع "غيتو" فلسطيني فعلي، وبهدف خفض عدد الفلسطينيين في عموم القدس من ٣٨٪ حاليا الى ٢٢٪ عن طريق إخراج الأحياء الفلسطينية من التعداد العام (طرح ديموغرافي فلسطيني وتوسع جغرافي وديموغرافي يهودي)!

القدس عاصمة البلاد الفلسطينية، لكن الحرم القدسي هو عاصمة - العاصمة، والفارق بين "شرر" زيارة شارون الذي اشعل حريق الانتفاضة الثانية (وتحملت الضفة اكبر قسط من وطأتها) و"شرر" بداية الانتفاضة الثالثة، ان حديث المستوطنين وغلاة المتدينين وأطراف في الائتلاف الحاكم الإسرائيلي، صار عن تقسيم الحرم القدسي زمانيا ومكانيا، كما حصل للحرم الإبراهيمي، وهو أمر خطير دفع رئيس السلطة الفلسطينية الى الحث على مقاومته والحيلولة دون تحقيقه "بكل الطرق والأساليب" ما دفع رسميين إسرائيليين الى اتهامه بـ"التحريض على العنف" بعد اتهامه بـ"اللاسامية" بعد خطابه في الجمعية العامة وقوله: "دقّت ساعة استقلال فلسطين" وان لا دولة فلسطينية بلا القدس وبلا غزة، بلا حدود على أساس خطوط ١٩٦٧.

كان مفتي القدس الشيخ العلمي، الأسبق قد حذر، حتى قبل الانتفاضة الأولى من ان المقدسات الإسلامية ستصير حجراً دون بشر، وذلك بفعل الاستيطان والتهويد الزاحف الذي يشبه خطة عسكرية: التطويق ثم التغلغل، ثم مسّ العصب الحساس القائم منذ احتلال القدس الشرقية، أي تقسيم الحرم القدسي، علما ان مشروع التقسيم الدولي لعام ١٩٤٧ أعطى للقدس الموسعة صفة "جسم منفصل" عن الدولتين اليهودية والعربية.

الى جانب تقسيم الحرم، وعدم قبول إسرائيل تقسيم ارض فلسطين، فقد قسمت إسرائيل الشعب الفلسطيني بين "عرب إسرائيل" و"عرب الأراضي المدارة" ثم بين غزة والضفة، ثم بين رعايا السلطة ورعايا دولة إسرائيل في شرقي القدس (هوية خضراء، وهوية زرقاء).

الآن، مع "شرر" مقدسي للانتفاضة الثالثة، تعترف مصادر إسرائيلية ان نشطاء الانتفاضة المقدسية هم جميع الفلسطينيين سواء في إسرائيل، او من الفصائل والقوى والأحزاب الفلسطينية. في المقابل تشمل أعمال القتل الإسرائيلية ضحايا فلسطينيين في القدس وفي الضفة .. وفي غزة بالطبع!

يكفي ان جنازتين، امس واليوم، لقتيلين فلسطينيين انطلقتا، امس (السبت) في القدس وغداً (اليوم) في قرية سلواد في الضفة.

ألا يكفي دلالة ان الفتى عروة حماد، الذي سقط في سلواد، هو ابن خالة ثائر حماد، بطل عملية "عيون الحرامية" في الانتفاضة الثانية (١٤جنديا إسرائيليا) وان خاله نبيل حماد سقط في الانتفاضة الأولى.

في موازين القوى على اختلافها تتفوق إسرائيل على فلسطين لكنها عاجزة عن تطويع واحتلال إرادة الفلسطينيين في الانعتاق والتحرر والاستقلال.. وأيضاً في لجوء صحافيين إسرائيليين الى الاستعانة، سلباً غالباً، بالأمثال الشعبية والعربية، في حين تستعين هي بمأثورات توراتية او منسوبة لمثقفين صهاينة.

في القدس قد نقول ان "اعظم الحريق من مستصغر الشرر" .. ومن حادث دهس في جباليا، الى زيارة استفزاز للحرم .. وأما الآن، فقد نقول: "بلغ السيل الزبى" في خطر تهويد القدس، وخطر تقسيم الحرم القدسي. خطة تهويد القدس بروفة لخطة تهويد الضفة.

تعهد نتنياهو باستخدام القمع والقبضة الفولاذية لإخماد "شرر" انتفاضة القدس، ومن ذلك مشروع بقانون لفرض عقوبة السجن ٢٠ عاما على من يلقي حجراً باتجاه مقتحمي الحرم من المتطرفين اليهود، او حتى ضد "القطار الخفيف" الذي يعبر القدس بشطريها.
 
يذكرنا هذا بفرض الانتداب البريطاني عقوبة الموت على كل فلسطيني يحمل رصاصة، فكيف اذا حمل السلاح.

ان الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي هو سياسي الآن (دولتان لشعبين) وهو وطني أيضا (دولة فلسطينية مستقلة) .. والآن هناك محاولات إسرائيلية لإضافة العامل الديني في هذا الصراع.

ليست إيران هي مشكلة إسرائيل الأمنية الأولى، ولا فوضى الربيع العربي هي مشكلة إسرائيل الأمنية الثانية، لكن القضية هي في جوهرها صراع قومي فلسطيني - إسرائيلي.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرر في القدس والحريق في الضفة الشرر في القدس والحريق في الضفة



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon