الشعب، أيضاً، يعاقب سلطته ونفسه

الشعب، أيضاً، يعاقب سلطته.. ونفسه!

الشعب، أيضاً، يعاقب سلطته.. ونفسه!

 لبنان اليوم -

الشعب، أيضاً، يعاقب سلطته ونفسه

حسن البطل

واضح أن السلطة ورئيس السلطة بين نارين: الحملة الإسرائيلية؛ وتذمّر الشعب من موقف رئيس السلطة من ذرائع الحملة (الاختطاف، وحكومة الوفاق).
الحملة أخذت شكل عقاب الشعب وسلطته معاً، وقد تتخذ شكل عقاب الشعب لسلطته، إما بالفوضى المدمّرة وإما في صناديق الاقتراع.. (إن كانت هناك انتخابات في الأفق لا بعد ستة شهور).
لنقل إن السلطة معذورة في تجنب الصدام مع قوات الحملة، لكن الشعب لا يعذر لها موقفها من التنسيق الأمني. هذا مفهوم في علاقة الناس بحكوماتهم، سواء في الشرق الأوسط، أو حتى في العالم (انتقاد الإدارة الأميركية الحالية لسياستها العامة وفي الشرق الأوسط بخاصة).
مع ذلك، ليس صحيحاً على إطلاقه أن الشعب دائماً على حق (يجوز القول إن وطني دائماً على حق) وإن السلطات السياسية على خطأ.
الشعب المصري أخطأ عندما انتخب الإخوان، فقد عاقب نظام مبارك ثم عاقب نفسه. الشعب الفلسطيني أخطأ عندما عاقب "فتح" في انتخابات 2006 ولكنه عاقب نفسه أيضاً.
فإذا عاقب الشعب السلطة، بالفوضى أو بصناديق الاقتراع، فقد يعاقب نفسه في الواقع (في إسرائيل يقولون إن حملة نتنياهو الراهنة هي ردة فعل على صفقة شاليت وسياسة صفقات الإفراج عن الأسرى).
لن نذهب في السياسة بعيداً، فإن مصلحة حماية المستهلك منحازة للمواطن عن حق، ولكن المواطن غير منحاز تماماً لمصلحته.
مثلاً: تفكر شركة كهرباء إسرائيل في معاقبة شركة كهرباء القدس على تأخرها في ديونها المتراكمة جراء "ثقافة عدم الدفع" السائدة لدى ناس السلطة، بمن فيهم بعض مؤسسات السلطة ذاتها.
المسألة قديمة ومزمنة، لأن عامة الناس تميز بين الدفع النقدي لقاء ليتر بنزين، وعدم الدفع لقاء كيلوات كهرباء، أو مكعب من الماء (تعارض مصلحة حماية المستهلك اقتراح وضع عدادات لاستهلاك الماء أسوة بعدادات الكهرباء).
شركة كهرباء القدس قد تفقد امتيازها كشركة وطنية وسيطة (تشتري الكهرباء من إسرائيل وتبيعها للمواطنين) وقد لجأت، مؤخراً، إلى تقنين التيار عن مناطق متخلفة في الدفع.. لكن، التهديد بتقنين أو قطع التيار الكهربائي الإسرائيلي لن يميز بين مناطق تدفع وأخرى لا تدفع.
على ما يبدو، استبدلت إسرائيل أسلوب حجب مقاصة أموال الضرائب لميزانية السلطة بأسلوب اقتطاع مبلغ 40 مليون شيكل شهرياً منها متأخرات سداد أثمان الكهرباء.
.. لكن مسؤولاً إسرائيلياً هدد بقطع التيار عن الضفة والقطاع لمدة أيام كإجراء عقابي جماعي وانتقامي لاختطاف المستوطنين الإسرائيليين الثلاثة!
لا أعرف لماذا تذكرت واقعة حصلت قبل 11 سنة، وكانت جرت ندوة في فندق بست ايسترن ـ رام الله حول 10 سنوات على أوسلو، وكان أبرز المتحدثين فيها ثلاثة: حسن يوسف (القيادي في حماس) وممدوح نوفل (القائد العسكري في لبنان).. وعضو المجلس التشريعي قدورة فارس.
زعم يوسف أن لا أهمية للكفاح المسلح الفلسطيني قبل تشكيل "حماس". رد عليه ممدوح نوفل: هل كنت أنا أتسلّى في الحركة الفدائية وفي لبنان خلال الاجتياح الإسرائيلي وبعده؟ قال قدورة فارس، وهو كان من قيادات الانتفاضة الأولى: لو انتخب الشعب حركة "حماس" فإنه كمن سيعاقب نفسه!
يوسف من اعتقال إلى اعتقال إسرائيلي. نوفل صار في ذمة الله (بعد أن وضع كتباً مفيدة عن تجربته العسكرية والسياسية). قدورة "عوقب" هو وحركته "فتح" في انتخابات العام 2006، ولم يتم انتخابه فيها.
***
مصداقية السلطة لدى شعبها على منوال "هبة سخنة" و"هبة باردة".. إذا انقطعت الرواتب.. وإذا انتظمت.. إذا فاوضت السلطة.. وإذا توقفت المفاوضات. إذا فشلت الصلحة.. وإذا بدأت نحوها خطواتها الصحيحة. إذا سقط شهيد.. وإذا دعمت السلطة "المقاومة الشعبية السلمية".. ومكسر العصا هو قصة تذكر بقصة ابريق الزيت، أي التنسيق الأمني، وبالذات معارضة رئيس السلطة لأسلوب الاختطاف، ومعارضته للعقوبات على الشعب وسلطته.
لا يحبّ الشعب من رئيس السلطة أن يكون "رجل دولة" دون دولة، وإنما "قائد شعب" يناضل كما كان الرئيس المؤسس ياسر عرفات.
صحيح، أن المواطن الحق في دولة ديمقراطية يعاقب حكومته لأسباب اقتصادية، وسياسية، لكن المواطن في فلسطين يعاقب حكومته لسبب إضافي.. وطني، في الوقت ذاته الذي يعاقب نفسه عندما يرى فارقاً بين شراء ليتر بنزين ودفع ثمن كيلوواط كهرباء، أو كوب ماء.. والمطالبة بانتظام الرواتب.
غير أن سلطة في دولة ديمقراطية تعاقب كل مواطن يتقاعس عن دفع لقاء الخدمات العامة، من كهرباء وماء.. وأيضاً للتهرب من الضرائب.
"أنا مواطن.. دافع ضرائب" يقول المواطن في دولة ديمقراطية. نحن نريد حرية وديمقراطية وحكما صالحا مع التهرب من دفع مقابل الخدمات.. لكن لا نبخل بالدم وبالغضب.
بناء دولة ووطن أسهل من بناء مواطن!!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشعب، أيضاً، يعاقب سلطته ونفسه الشعب، أيضاً، يعاقب سلطته ونفسه



GMT 15:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يخشى "حزب الله"... بل يخشى إيران!

GMT 15:30 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

متى يبدأ الدرس؟

GMT 15:16 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نحن واللحظة الحاسمة

GMT 14:54 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية واستحقاقات الحرب السرية

GMT 14:50 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... القول ما قالت «ندى» الجميلة!

GMT 14:35 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس من فراغ!

GMT 14:31 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فكرة فى الإسكندرية

GMT 14:26 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الجُزُر الصناعية

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 12:52 2021 الأربعاء ,04 آب / أغسطس

طريقة عناق حديثي الولادة تؤثر على صحتهم

GMT 18:53 2020 الأحد ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم Seat يسطع من جديد مع سيارة اقتصادية وأنيقة

GMT 05:14 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

تسريحات الشعر المناسبة للصيف

GMT 07:32 2022 الأحد ,10 إبريل / نيسان

نصائح للحفاظ على الشعر الكيرلي

GMT 18:33 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

ألوان الأحذية التي تناسب الفستان الأسود

GMT 22:16 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 09:01 2022 السبت ,02 إبريل / نيسان

أفضل 10 أماكن سياحية في شمال لبنان
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon