تجليس لسان عربي  مطعوج

تجليس لسان عربي .. مطعوج!

تجليس لسان عربي .. مطعوج!

 لبنان اليوم -

تجليس لسان عربي  مطعوج

حسن البطل

أنا السائل وأنت المجيب: كيفَك؟ الجواب: منيح. كويِّس. تمام. لا باس. زين.. الحمد لله. هناك رجل اسمه "منح"، ونساء من أسمائهن هبة. كويِّس من الكياسة. لا مزيد على "تمام". "لا باس" التونسية دون قلنسوة مهموزة.. وأخيراً، يكاتبني ابني إنترنتياً بالحروف اللاتينية hamdullah، وعلى الأغلب أدخلها مسلمو أوروبا إلى لغاتها لاتينية الأصل.

ممكن أنت تسأل: إزيّك. شلونك. علامك ..إلخ، وقد أجيبك "على كيفَك"، أي على ما يرام أو ما تروم أنت وتتمنى لي.

واضح أن سؤال الكياسة "كيفك" يشمل "كيف الصحة" و"كيف الحال". ما قصدي من هالثرثرة؟ لعله جرس الكلام وتسكين أو تحريك الحروف، لأن سؤال "كيفك" مع ياء خفيفة وسهلة، بينما جواب السؤال "على كيفك" مع ياء ذات غِنّة عميقة.

هذه العربية، ذات اللسان القرآني - القرشي المبين من 29 حرفاً، وهي ليست وافية تماماً في النطق الفوني السليم. خذ مثلاً لفظ حرف اللام في اسم الجلالة "بسم الله"، ولفظ اسم الجلالة في عبارة التوحيد: "لا إله إلاّ اللّه محمد رسول الله". لام خفيفة وأخرى مفخمة، وفي بعض المفردات تنطق العام حرف "الزين" أميل إلى "الصاد" مثل: الألماس - الألماز.

لذا، قد تفيد الأبجدية اللاتينية الغنية بالحروف المصوتة في ضبط بعض المفردات بالعاميات العربية، هذا رغم غنى العربية ذات الـ 29 حرفاً بحركات الإعراب التي تنوب عن فقرها بالحروف المصوتة.

لكل أبجدية ميزات ونقائص، ومن ميزات الأبجدية العربية ألا تحتاج إلى تهجئتها في الإملاء على الهاتف مثلاً. ومن ميزات اللسان العربي قدرة الناطقين على نطق حروف وتراكيب حروف ليست من لسان الضاد، مثل (V) و(G) و(Ch) بينما يشق على الأجانب لفظ حرف (الضاد) وأحياناً (القاف) و(العين).

تتحدث البشرية بلغات عديدة، وتكتب لغاتها بأبجديات معدودة (اللاتينية، العربية، السلافية، الصينية، اليابانية، الهندية، الأرمنية، العبرية ..إلخ). لكن، لسبب لا حاجة لشرحه فالأبجدية العربية بالذات صارت مقدسة لنزول القرآن الكريم بها بلهجة قريش أساساً، التي صارت مقياس العربية الفصحى الأساسي، وإلى حد أقل الأبجدية العبرية، وهما بعض ميراث ألفبائية أوغاريت جذر ألفبائيات اللغات السامية، التي تمتاز عن سواها بالكتابة من اليمين إلى اليسار.. والسبب هو نقشها على الحجر بمطرقة باليد اليمنى وإزميل باليسرى.

ما الذي يلفتك في حروف عبارة التوحيد؟ غياب النقاط وقد أضيفت لاحقاً إلى العربية لضبط لفظ القرآن الكريم، وأما الإعراب (حركات الإعراب، وهي بمثابة حروف مضمرة) فأمرها قديم.

أبجدية اللغات لا تكتب دائماً كما تُلفظ، لا في العربية وشقيقاتها الساميّات ولا في الأوروبيات سليلة اللاتينية. في العربية الصحيحة نكتب "بسم الله" كما نكتب "باسم الشعب". الآن، صاروا يكتبون "الموسيقى" "موسيقا"، فلماذا نتغلب في كتابة إملاء الألف المقصورة مثل "المدى"، ونحتار بأمر "سوى" بمعنى إلاّ وعدا، وبأمر "سَوا" بمعنى سوية، وهي لفظة عامية ولكنها صحيحة الفصاحة، واختصار "سواء" (سواء، أي "معاً").

كل ناطق بالضاد يسهل عليه استخراج معنى المفردة بالقواميس ذات الحروف اللاتينية، ويشق على معظمنا استخراجها من "المنجد" و"لسان العرب". ألا تحتاج القاموسية العربية إلى حركة تصحيحية، وبدونها لن يسهل علينا التقريب بين العاميات الألسنية العربية وفصحى لغة الضاد.

هناك مدح وقدح بالفضائيات العربية، لكنها أحسن من مجامع اللغة العربية في تفهيم ناطقي اللسان العربي لهجات الناطقين بالعربية، وبخاصة برامج الأطفال في الفضائيات العربية المشرقية التي تؤسس للغة عربية مفهومة من جيل طالع.

المفكر العراقي هادي العلوي كتب "مقدمة في المعجم العربي الجديد" للمقاربة بين العاميات والفصحى، ووضع كشافاً أولياً نحو "قاموس العامي" استناداً إلى قرار لمجمع اللغة العربية - القاهرة ينص على "تحرير السماع من قيود الزمان والمكان ليشمل ما يسمع اليوم من طوائف المجتمع كالحدادين والنجارين والبنائين.. وغيرهم من أرباب الحرف والصناعات".

كنت أقرأ في طبعتين لسيرة عنترة، فوجدت زاداً من المفردات: "ضاء الفجر" و"تكبكبت الفرسان" و"تِعْدمني" للتعبير عن الفقد الشديد لعزيز، و"انعجم لسانه" و"هجّوا في البراري".

فات الباحث العلوي أمر الالتفات للعامية الفلسطينية، وهي ذات شأن لتوسطها عاميات: مصر والشام وجزيرة العرب. نحن نقول "ما في خواص" بمعنى "لا فائدة" ونقول "غُصّ بالك" ولا يوجد بالفصحى ما يضارعهما.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجليس لسان عربي  مطعوج تجليس لسان عربي  مطعوج



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon