جمَّرت

جمَّرت ؟!

جمَّرت ؟!

 لبنان اليوم -

جمَّرت

حسن البطل

لستُ قاموسياً، بمعنى سأظلّ أشكو من فقر في مفرداتي اللغوية ومترادفاتها الأقرب للصواب، مع هذا، فآخر ما أقرأه قبل وسن النوم هو حل الكلمات المتقاطعة، وجاء فيها: "نار متّقدة"؟ وكان الجواب "جَمْر". أمس، الجمعة، مرّت ومرّ العالم بسلام، وكان نهارها في البلاد الأكثر صقيعاً ومطراً. مع ذلك، اقرؤوا صحف الأمس: نقاط المواجهة بين المتظاهرين والجنود لم يجمّدها البرد أو يطفئها المطر. كما وبين الزخّة وأختها، أدّى المؤمنون صلاة الجمعة، تحت المظلات، في الحرم القدسي. المعنى؟ شرارة بلعين، التي اندلعت قبل سبع سنوات "جَمّرت"، وأظنّ أن معظم شباب المواجهات ـ التي كانت كل يوم جمعة وصارت على مدى أيام الأسبوع ـ هم من جيل الانتفاضة الأولى العظيمة. هل نذهب إلى الشعر القديم، أو إلى "الفيسبوك"؟ يذهب الراصدون الإسرائيليون للشبكات الاجتماعية؟ في الشعر القديم: "أرى خَلَل (خلال) الرماد وميض جمر/ ويوشك أن يكون له ضرام". تناول زميلي عبد الناصر النجار في مقالته الأسبوعية، أمس، قراءة الراصدين الإسرائيليين لارتفاع الدعوات لانتفاضة ثالثة، ويضعون في الأركان العامة الإسرائيلية سيناريوهات لاندلاعها وسبل التصدي لها. يقولون: لا تذهب إلى حرب جديدة وفق معطيات حرب سابقة. سبقت الانتفاضة العامة والشعبية، الأولى هبّات من العام 1976، ثم انفجر الاحتقان الشعبي من حادث سير في غزة يبدو عرضيّاً.. الانتفاضة الثانية كانت، أيضاً، انفجارية اندلعت من استفزاز في الحرم القدسي. .. والثالثة؟ بدأت في بلعين، واستمرت بمواظبة مدهشة وإصرار عنيد على مدى 6 ـ 7 سنوات، وانتشرت و"جمّرت" وصارت تقليداً، ولها كل مفردات الانتفاضة الشعبية الأولى والعظيمة. في الانتفاضة الأولى كانت مواجهات الشبان والجنود في ساحات المدن وشوارعها، وفي الثانية كانت معظم المواجهات على أطراف المدن، قبل أن تصير مواجهات مسلحة.. أما بعد شرارة بلعين، فيذهب الشبان إلى القرى الأمامية، وإلى مناطق التماس مع المستوطنات. الانتفاضتان الأولى والثانية اندلعتا في معطيات رخاء اقتصادي نسبي، وعمالة فلسطينية كثيفة في مدن إسرائيل والمستوطنات، ولم يكن لجيش الاحتلال كثير من الحواجز في بداية الانتفاضتين.. وأخيراً، كان العالم العربي راكداً!. من صفات الانتفاضة أنها طويلة المدى، فقد دامت الأولى والثانية سنوات، وخلالها طرأت متغيرات إقليمية ودولية حوّلت الانتباه العالمي عنها، مثل انهيار العراق بعد غزوه الكويت في الانتفاضة الأولى، وانعطافة حادّة بعد 11 أيلول 2001 في نيويورك، وبعدها أدخلوا الانتفاضة الثانية في خانة "الإرهاب" بسبب الإسراف في العمليات الانتحارية. بين الانتفاضة الثانية، وتلك الثالثة التي يدعون لها على "الفيسبوك" طرأت متغيرات عميقة على المبنى السلطوي الفلسطيني إدارياً وأمنياً وسياسياً، أبرزها الانقسام، والمعركة السياسية لتطوير السلطة دولة.. والأزمة الاقتصادية، واستشراء الاستيطان، وكذلك متغيرات عربية لا تزال مستمرة. لا تستهين إسرائيل بالخبرة الانتفاضية الفلسطينية، وعلى الفلسطينيين ألاّ يستهينوا بالخبرة الإسرائيلية المضادة للانتفاضة، فهم أمسكوا بمفاصل الضفة الغربية، وطوّروا وسائل قمع الاحتجاجات والمواجهات الشعبية وفضّها بأقل ما يمكن من القتلى.. لكننا طوّرنا أسلوبنا، أيضاً، في المواجهات الشعبية، وفي المشاركات العالمية والإسرائيلية بها، وفي الجرأة على تحدّي الجنود، أيضاً، مع الحفاظ على الذات ما أمكن. لدينا سلطة موضع انتقاد لأسباب عديدة، لكنها صريحة في دعم الاحتجاجات الشعبية، وزيادة زخمها وفعاليتها.. وسلميتها، أيضاً، نحو "مقاومة شعبية".. عدا "الانتفاضة السياسية، وحتى لا تكون الانتفاضة الثالثة "ثالثة الأثافي" وتؤدي إلى تقويض السلطة، أو لتكون "الثالثة ثابتة" وتحقق الاستقلال والدولة، وربما ينبغي علينا تعزيز نموذج بلعين وانتشاره على أوسع نطاق، فهو "انتفاضة على نار هادئة".. وكما تعرفون فإن الطبخ على نار هادئة يعطي طبخة أفضل. كانت الانتفاضة ابتكاراً فلسطينياً شعبياً، كما كانت حركة الفدائيين ابتكاراً فلسطينياً مسلحاً، وأي انتفاضة ثالثة، مع هذا الجمر تحت الرماد، تتطلب منا ابتكاراً في أسلوب المواجهة. أسلوب غزة له ما له وعليه ما عليه، أما أسلوب الضفة فيجب أن يكون ما له أكثر مما عليه. الوضع الدولي لفلسطين ملائم بعد التصويت على الدولة، واستشراء الاستيطان. المقاومة الشعبية نوع من حرب وطنية، وسط حروب أهلية عربية؟!. نقلاً عن جريدة "الأيام" الفلسطينية

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جمَّرت جمَّرت



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon