حماس وإسرائيل مفهومان للحضيض والذروة

حماس وإسرائيل: مفهومان للحضيض والذروة !

حماس وإسرائيل: مفهومان للحضيض والذروة !

 لبنان اليوم -

حماس وإسرائيل مفهومان للحضيض والذروة

حسن البطل

المبادرة المصرية هي نسيج دولي وصياغة مصرية، وتأكد النسيج الدولي بدعم المبادرة، التي نالت دعماً لاحقاً عربياً.. وصف كيري رفض حماس لها بـ "الوقح".
يبدو أن شروط حماس المعلنة أول أيام الحرب كانت استناداً إلى توقع إنجازات عسكرية تسوغ شروطها الواسعة من فك الحصار وتحرير المعابر، وإعادة تحرير زهاء 56 من صفقة شاليت، اعتقلتهم إسرائيل قبل الحرب، رداً على اختطاف المستوطنين.
لكن باستثناء توسيع مديات الصواريخ، لا يبدو هذا إنجازا عسكريا للمقاومة يبرر لها شروطها الواسعة. إنه إنجاز تكتيكي توقعته إسرائيل قبل الحرب، برفع فاعلية أداء منظومة "القبة الحديدية" ووفرة ملاجئ الحماية، بحيث سقط قتيل إسرائيل واحد، ولكن في اليوم الثامن من الحرب، وبعد إعلان المبادرة المصرية.
مسارعة نتنياهو الفورية لقبول صيغة المبادرة المصرية، استفزت على ما يبدو الجناح الحربي لحماس "الكتائب" التي رفضت المبادرة جملة وتفصيلاً، ووصفتها "بالركوع والخنوع" و"وعد بلفور جديد"، علماً أن جناح كتائب عز الدين القسام هو من أعلن شروط هدنة هي في حقيقتها شروط حل مديد.
إذا لم يكن رفض الكتائب توزيع أدوار بين حماس ـ السياسية، وحماس العسكرية، فإن الأمر مؤشر سيئ على خلاف بين الرأس السياسية وما يفترض أن يكون ذراعها العسكرية.
الرفض من الذراع العسكرية يعني أن حماس السياسية هي الطرف الذي سيواجه عزلة مصرية ودولية وعربية.. وفلسطينية لاحقاً ربما.
من المشكوك فيه أن تتحمل حماس مضاعفات مثل هذه العزلة، إلاّ إذا جرّت إسرائيل إلى المرحلة البرية من الحرب، وكانت خسائرها فيها تسوغ لحماس فشلها الكبير في الحرب الصاروخية.
تفهم إسرائيل وتتصرف، أيضاً، عن قناعة أن حماس هي في الحضيض السياسي والعسكري، فعلى الأقل فشلت منظومة الأنفاق ـ حتى الآن ـ في تكرار قصة أسر غلعاد شاليت، رغم تطويرها المعقد وتوظيف موارد مالية كبيرة للأنفاق على إنشائها.
حماس تفهم الأمر على نحو آخر وهو أنها في الذروة عسكرياً، لأن مفهوم المقاومة العسكري مستمد من الصمود، والقدرة على تحمُّل خسائر الحروب من القتلى والخراب، مع تطوير وسائل المقاومة.
في إسرائيل، كما هو العادة في دولة ديمقراطية (ولو يهودية) فإن الحكومة هي التي تقرر، وغالباً وفق قرار رئيسها، لكن في "حكومة مقاومة" أو المقاومة هو مبرر حكمها فإن الجناح العسكري صار، شيئاً فشيئاً، هو المقرر، ولن تجرؤ "حكومة المقاومة" على عدم مسايرة قرار كتائب القسام في رفض المبادرة المصرية، على الأقل في مدى الأيام، وربما الأسابيع المقبلة.
سارع نتنياهو إلى القبول الفوري للمبادرة المصرية عن تقدير بأن "حماس" وذراعها العسكرية سوف ترفضها، وهو ما يعطي نوعاً من "الشرعية" الدولية لإسرائيل لمواصلة الحرب ورفع وتيرتها، فإن كان تصعيدها عسكرياً يفرض على المقاومة الرضوخ، وهذا مستبعد، فإن الحرب البرية لن تتأخر كثيراً، ولكنها ستكون محسوبة.
قلت إن شروط حماس المبدئية لإنهاء الحرب كانت على ما يبدو عن تقدير بالغ لآثار توسيع مديات صواريخها، بحيث أنها شروط حل سياسي لهدوء مديد يستمر سنوات.. هذا لم يتحقق.
المفاجأة الفنية الأخرى، وقد توقعتها إسرائيل، هي الطائرة بلا طيار من نوع أبابيل (لاحظوا فخامة الاسم وضخامته ومعناه الديني) وقد اصطادتها الدفاعات الجوية الإسرائيلية بسهولة.
المقاومة تواجه مشقة وصعوبة إسقاط "الزنانة" الإسرائيلية، ولو ربما لأن غزة قطاع ضيق، لكن تجهيزات الطائرات بلا طيار الإلكترونية الإسرائيلية، جعلتها دولة رائدة عالمية في تصديرها.
مفهوم إسرائيل التقليدي لحروبها هو "الحسم" ولم يعد هناك حسم منذ حرب 1967 مع الجيوش العربية، ولا مع حركات المقاومة؛ ومفهوم هذه الحركات هو الصمود وعدم الانكسار.
المفارقة المؤلمة أن تفشيل إسرائيل لمهمة كيري صار يدفعها إلى "عزلة دولية" لكن عناد حماس أو ذراعها العسكري، قد يدفع "حكومة مقاومة" إلى عزلة دولية وعربية.
الله أعلم على ماذا تراهن الذراع العسكرية لحماس في رفض المبادرة المصرية. "سيأتيك بالأخبار من لم تزوّد".

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حماس وإسرائيل مفهومان للحضيض والذروة حماس وإسرائيل مفهومان للحضيض والذروة



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon