ربيع أكثر أمل أكبر

ربيع أكثر.. أمل أكبر!

ربيع أكثر.. أمل أكبر!

 لبنان اليوم -

ربيع أكثر أمل أكبر

حسن البطل

شيء من جيشان وفوضى "ساحة التحرير" القاهرية كان، أمس، في قاعة جلسة أخرى، لمحاكمة أخرى للرئيس المصري المخلوع. سمح القاضي الثرثار (على غير عادة القضاة) لمن شاء من المحامين أن يترافعوا ضد رئيس يرتدي نظارة قاتمة، وهذه عادته، لكن خلف قضبان القفص، وهذا صار مألوفاً منذ جولات محاكماته.. والجديد منذ جولتين هو الجلوس على كرسي لا على سرير المريض! مصر، أرض الكنانة، أم "الربيع العربي" (وتونس باكورته).. وأكبر خيباته، وسورية أرض معركة الفصل.. شعباً ونظاماً! في "ربيع ليبيا" انتهى الطاغية إلى موت شنيع، وطاغية العراق علق على الأنشوطة (أرجوحة الرجال؟) بعد محاكمة رتبها الغزاة.. لكن "الفرعون الثالث" في جمهورية مصر ـ العسكرية، نال درجات من المحاكم ومحاكمات أطول. المعنى؟ ثلاثة قادة مستبدين خُلعوا، ولاقوا جزاء (قل إنه عادل، نصف عادل، أو جائر)، لكن النتيجة أنه، خلال عشر سنوات، سقطت هيبة الحاكم العربي المستبد، ومعها تحطم "حاجز الخوف" الشعبي من نظامه وأجهزته، وعلى كل حاكم عربي أن يحسب حساباً لآخرته بيد شعبه. هذه نتيجة من نتائج مقدمات "الربيع العربي" وهي تشفع قليلاً للخيبة منه. الأهم من مصير القادة ـ الطغاة، أن حرية الرأي في الصحافة وعلى لسان الناس وفي صناديق الاقتراع، دخلت حقبة جديدة في الحياة السياسية العربية، وفي علاقة الشعب بقيادته ونظامه. مثلاً، صحيح أن الإسلاميين في تونس صار لهم اليد العليا في حكم ما بعد نظام بن علي، لكن الصحافة التونسية والشارع في تونس، يوجهون نقداً كتابياً وشفهياً وإلكترونياً للنظام الجديد "المنتخب" أكثر مما كانوا يجرؤون على انتقاد النظام السابق "العلماني". في مصر، يمكن القول بشكل أكبر إن الصحافة صارت حرّة أكثر تحت حكم الإسلاميين مما كانت عليه تحت حكم مبارك، وتحت حكم مبارك أكثر مما كانت عليه تحت حكم السادات، وتحت حكم السادات أكثر مما كانت عليه تحت حكم عبد الناصر! في مصر، دولة حقيقية، وجيش وطني، ومؤسسات، وقضاء أكثر نزاهة واستقلالاً من باقي أجهزة القضاء العربي، والآن، حرية رأي وتظاهر أكثر من أي وقت مضى. ماذا عن سورية؟ حتى لو كان مصير الطاغية بشار الأسد كمصير صدام حسين، أو بن علي، أو القذافي.. أو خلف القضبان مثل مبارك، فإن هيبة الرئيس، ونظامه، وأجهزة أمنه قد سقطت بعد شهور من اندلاع ثورة شعبية سلمية، قبل أن تتحول اقتتالاً داخلياً، وتدخلاً إقليمياً وخارجياً ودولياً. حتى لو انتصر النظام السوري، وبقي الرئيس السوري في الحكم، أو حتى لو فاز في انتخابات 2014، فإن سورية سوف تتغير، لأن الناس حملوا السلاح، ولأن تماثيل رأس النظام أُسقطت وأُهينت.. ولأن الصحافة الموازية للصحافة الرسمية قد نشطت، سواء مطبوعة أو إلكترونية، الشعب يسفح من دمه ما يكافئ ما سفح النظام الجائر من عرقه. الشعوب العربية خرجت من قمقم القمع ومن خوفها، ومن تبجيلها ورضوخها للحاكم، وما عادت تطيق الخطاب القديم عن الوطن والنظام والرئيس و"الممانعة" والمقاومة. موازنة الخيبة والأمل من "الربيع العربي" ستميل حيناً نحو الخيبة والشوق للأمن في النظام السابق، وستميل حيناً نحو الأمل والحرية والديمقراطية. عمر "الربيع العربي" سنوات معدودات، وعمر الديمقراطية العربية، منذ إعدام صدام، أقل من عشر سنوات، وعدوى "الربيع العربي" وفوضاه برهنت أن هناك شيئاً يسمى "العالم العربي" رغم الانكفاء القطري والمذهبي. .. وأن هذا العالم العربي سيمرّ في مخاض عسير لسنوات وعقود قبل أن يستقر الأمر للربيع الحقيقي والديمقراطية الحقيقية. ففي الأقل، فإن الإسلاميين المنتخبين بعد سقوط الطغاة يلاقون نقداً واحتجاجاً فور انتخابهم، أي بعد زمن أقصر كثيراً مما لاقاه المستبدون العلمانيون من تمجيد ومن خوف ومن رضوخ. خيبة أقل، وأمل أكثر، وربيع أكثر. نقلا عن جريدة الايام

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ربيع أكثر أمل أكبر ربيع أكثر أمل أكبر



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon