طــــوّزت

طــــوّزت !

طــــوّزت !

 لبنان اليوم -

طــــوّزت

حسن البطل

نادرة؟ نعم. غير مسبوقة؟ كلا. يوما طوز في غير أوانهما، غير أنهما ليسا غير مسبوقين، ففي الثلث الأخير من آذار 1998 طوّزت الدنيا، سماءً وأرضا، ربما في أوانها المعتاد، لكن ليس في مثل غرابتها.
ففي أيام أسبوع واحد من العام 1998 تعاقب يومان «مطوّزان»، الاثنين والثلاثاء، بثلجة يوم الأربعاء، وأعقب الثلجة سماء سخية مدرارة المطر، وفي الخميس انقشع الطوز، وذاب الثلج بماء المطر. تعاقب طوز وثلج ومطر يشكل ظاهرة غير مسبوقة، على الأقل في حياتي، وليس ظاهرة مناخية غير مسبوقة في دول هذه المنطقة.
كيف عرفتُ تعاقب طوز وثلج ومطر في أيام أسبوع آذاري؟ ليس من موقع «طقس فلسطين» مثلاً، بل من شعر مكركب كتبته ونشرته في هذا العمود ذات يوم جمعة 18 آذار 1998.
طوز أيلول، في غير أوانه، قد يومئ إلى «أيلول ذنبه مبلول» كما حصل العام المنصرم، وكان مقدمة لشتاء طويل وقارس حمل ثلاث ثلجات.
هذا الصيف القائظ، بعد شتاء قارس، قد يكون مقدمة لشتاء مثل شتاء العام الفارط، ونرجو أن يكون رطباً مثله لا شحيح المطر، بعد صيف كان لاهباً نشّف الأرض!
العام 2014 ـ 2015 كان الأكثر حرارة على نطاق الأرض، وفي نصف الكرة الشمالي، منذ أن بدؤوا في توثيق الحرّ والقرّ، وفي مؤتمر ريودو جانيرو، أواخر القرن العشرين المنصر/ بدؤوا عقد قمة مناخ عالمية «لفرملة» احترار جو الأرض، وسيعقدون بباريس، في كانون الأول المقبل قمة أخرى.
حسناً، تراهم يفسّرون فوضى «ربيع عربي» صار خريفاً ثم شتاءً، بالعلاقة بين المدّ الأصولي والاستبداد في نظام الحكم العربي.
البعض يرى علاقة أبعد بين القحط والمدّ الأصولي والحروب، وموجة الهجرة إلى الشمال.
الصومال أولاً، ثم هذا الشرق العربي، حيث دفع القحط وفرط السكان معاً، إلى هجرة داخلية لملايين السكان من الريف إلى المدن في العراق وسورية.
هناك من يفسّر موجة الفتوحات الإسلامية، ليس فقط بالديانات، بل، أيضاً، بالزحف شمالاً. بدءاً من القرن الرابع الميلادي. هناك من يفسّر فتوحات قبائل المغول ليس فقط بملاحقة «نجمة ميلاد» في أفق السماء، ولكن بموجة قحط في آسيا الوسطى.
بين القرنين، حصلت هجرة إلى أوروبا الخضراء من شعوب الصحارى والقبائل التركية.
يقال: الثورة الصناعية الأوروبية مسؤولة عن بدء سخونة جو الأرض، وبالتالي عن تصحُّر في أفريقيا هو سبب من أسباب هجرة سكانها شمالاً.
التصحُّر وفرط السكان، يدفع إلى الهجرة شمالاً حيث «الماء والخضراء والوجه الحسن» وأوروبا تشكو من ضحالة وشيخوخة في التعويض عن ضعف الولادات، إلى جانب رخاء العيش فيها والشيخوخة!
***
لسببٍ ما، تذكّرت «افلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقت»، لكن ليس في التفسير الديني لـ «سفينة الصحراء» ومنافعها، بل إلى أن هذه الدابّة والمطيّة والرّاحلة تستطيع، ربما وحدها من المخلوقات اللّبونة، أن تغلق فتحة واحدة من خيشومها، حسب هبوب العواصف الرملية، أو «ريح السَّموم» أو «الطوز».
بعض الناس «تكمكموا» في طوز هذا الخريف، أكثر مما يفعلون في موجات الإنفلونزا، لكن المسألة ليست من «علامات قيام الساعة» بل من تبدُّلات مناخية بعضها طبيعي في حياة الكرة الأرضية، مثل العصر الجمودي الرابع، في أوروبا، وبعد انتهائه حصلت هجرة أفريقية إلى أوروبا، وبعضها بفعل الإنسان وحضارته.
زمان، كان عدد سكان العالم من البشر مئات الملايين، والآن صاروا سبعة مليارات، قد لا تكفي ابتكارات الهندسة الوراثية الزراعية لإطعامهم مع هذا التصحُّر والجفاف.
«لم يمرّ على العراق عام دون جوع» قال الشاعر السيّاب، وهذا «الربيع العربي» بدأ في السودان، وبدلاً من أن يكون البلد «سلّة غذاء العالم العربي» صار بلاد الجوع والحروب والأصولية والديكتاتورية.. والهجرة حتى إلى إسرائيل، بدءًا من أثيوبيا فإلى أريتريا ودارفور.
هل «داعش» و»الدعشنة» نتيجة مدّ أصولي، أم هي عميقاً نتيجة تصحُّر بادية الشام والعراق، ثم تصحُّر بلاد الشام؟
يللا.. امسحوا الغبار عن أثاث بيوتكم، واغسلوا سياراتكم، واستعدوا لشتاء قارس، ربما «بسبع ثلجات كبار» وربما يكون بارداً وقاحلاً.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طــــوّزت طــــوّزت



GMT 16:45 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تحليل التحليل «السياسي»

GMT 16:42 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية منظمة التحرير!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

هذه النغمة غير المُريحة

GMT 16:35 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

التغيير الدرامي لمسلمي وعرب أميركا تجاه ترمب

GMT 16:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن «الفستان الأبيض» رحلة خجولة فى أوجاع الوطن!

GMT 16:27 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عصافير عدّة بحجر واحد

GMT 16:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية والألبوم العائلي القديم

GMT 16:18 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شوية كرامة بَسْ

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 06:48 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

توقعات برج الميزان لشهر أكتوبر / تشرين الأول 2024

GMT 10:20 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

معرض الجبل للفن برعاية حركة لبنان الشباب

GMT 21:10 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 06:05 2024 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي الإنكليزي يتصدًر قائمة أفضل 10 أندية فى العالم

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 12:31 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

أفضل أنواع الماسكارا المقاومة للماء

GMT 17:22 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon