لا عودة ولا تعويض

"لا عودة ولا تعويض" ؟!

"لا عودة ولا تعويض" ؟!

 لبنان اليوم -

لا عودة ولا تعويض

حسن البطل

فتّش عن الفوارق؟ هذه تسلية بين رسمتين تبدوان متشابهتين.. لكن فتّش عن الفوارق غير المسلية بين ما يدعوه الإسرائيليون واليهود.. والعالم "هولوكوست" وبين "ما يسمونه بالنكبة" حسب تعبير على لسان نتنياهو في جلسة لحكومته.
ماذا إذا اعتمد سائر الفلسطينيين والعرب، ومعظم العالم، وبعض الإسرائيليين مفردة "النكبة"، كما اعتمدوا من قبل مفردة "الانتفاضة" وقبلها مفردة "الفدائيين".. والآن، مقولة "الحل بدولتين"؟
كل أم وأب يطلقان على وليدهما الطفل اسماً سيحمله؛ ولكل شعب وأمة وعرق أن تسمي كوارثها باسم لها، قد تعتمده شعوب وأمم العالم، أو لا تعتمده.
في مقالة محشوة بمقارنات ومشابهات تطمح لقياس أعوج بين "النكبة" الفلسطينية ونكبات شعوب أخرى، هوّن بن درور يميني ("يديعوت" 18 أيار) من شأن النكبة الفلسطينية قياساً، بالذات، إلى نكبة طرد ملايين الألمان، بعد هزيمة الرايخ الثالث، من دول وسط أوروبا. قلت "بالذات" لأن ما اقترفته ألمانيا النازية في "المحرقة" و"الهولوكوست" أمر لا يقبل، من الإسرائيليين بالذات، أية مقارنة أو مشابهة أو "قياس".
يعني؟ النكبة الفلسطينية مسألة نسبية، وأمّا المحرقة فلا تقبل قياساً بويلات شعوب في القرن العشرين، كما اعترف رئيس السلطة الفلسطينية، ولكن لدى اليهود والإسرائيليين فهي غير مسبوقة في التاريخ كله.
ألمانيا النازية شنت حرباً ضروساً.. وخسرتها، ودفعت الثمن بـ "نكبة" طرد ملايين الألمان من وسط أوروبا إلى ألمانيا المقلّصة.
إسرائيل شنّت (قل خاضت) حرباً ضد الفلسطينيين وربحتها.. وعلى الفلسطينيين دفع ثمن الخسارة "نكبة" يراها بن درور بسيطة!
هذه مقارنة غوغائية، لأن ألمانيا لم تختف من خارطة الدول، ولم يختف اسمها. أيضاً، فإن المنكوبين من ملايين ألمان أوروبا الوسطى عادوا إلى "بلد"، بينما الفلسطينيون انتشروا في الشتات. أيضاً، عاد المطرودون الألمان إلى بلد يتمتعون فيه بحقوق مواطن كاملة، ومتساوون مع بقية مواطنيهم.. لكن الفلسطينيين الذين بقوا في إسرائيل خضعوا لحكم عسكري يقيّد حركتهم في الدولة اليهودية الجديدة، وبعد رفع هذا الحكم 1966 يخضعون لمعاملة يسميها الإسرائيليون أنفسهم: "متساوون أكثر (لليهود) ومتساوون أقل (للفلسطينيين)".
فإلى مقارنة بين "نكبة" الفلسطينيين في بلادهم، التي خسروا اسمها، ومعها خسروا حتى صفتهم القومية شعباً في إسرائيل، إلى "نكبة" العرب اليهود في بعض الدول العربية.
كان الفلسطينيون هم الأكثرية في بلادهم قبل النكبة، لكن العرب اليهود كانوا هم الأقلية في البلاد العربية، والأهم أنهم تعرضوا لردة فعل على النكبة الفلسطينية، دون أن يكون للمنكوبين من الفلسطينيين أي دور (على غرار يهود نكبوا الفلسطينيين، وعرب نكبوا يهودهم؟)!
لا عبرة لعدد المنكوبين الفلسطينيين في بلادهم، وعدد المنكوبين العرب اليهود في بلادهم، وإنما العبرة هي في تمتع الأخيرين بكامل حقوق "حق العودة" اليهودي، ولو رسميا وإن متأخراً لأسباب يهودية واشكنازية وعرقية حتى؛ وعدم تمتع اللاجئين بحقوق المواطن في دول الشتات العربي لأسباب عربية وفلسطينية!
من غوغائية مقارنات ومشابهات بن درور يميني أن أملاك المنكوبين العرب اليهود تفوق أملاك المنكوبين الفلسطينيين؟!
هذه مقارنة سفيهة، لأن الفلسطينيين المنكوبين خسروا بلداً واسمها، ومدناً، لكن لم تكن في العالم العربي مدن يهودية صرفة. الخسارة بالمال ـ يا محترم ـ لا تقارن بخسارة الأوطان والمدن.
في خلاصة المقارنات والمشابهات الغوغائية، يخلص الكاتب إلى أن القرار 194 حول "حق العودة" الفلسطيني غير مسبوق تاريخياً.. ربما لأن الادعاء اليهودي بانبعاث إسرائيل غير مسبوق تاريخياً، والهولوكوست كذلك، ومن ثم فلا عودة ولا تعويض، وكل ما على إسرائيل أن تفعله هو طلب المغفرة من الفلسطينيين.
.. ولا عودة لخطوط 1967، ولا لترسيم حدود بين دولتين.. وحتى لا دولة فلسطينية، أيضاً.
* * *
أخيراً، وفي الأقل أعلنت دول عربية قبولها مبدأ عودة يهودها إليها.. فهل تجرؤ إسرائيل "اليهودية الديمقراطية" على قبول مقابل لعودة الفلسطينيين إليها؟
قد يقبل العالم "حق اليهود" في دولة خاصة بهم، لكن لا يقبل حقاً إلهياً، ولا رواية توراتية.. ولا مقارنات عوجاء بذريعة "كل شعب ونكبته" كما عنوان المقالة الإسرائيلية.

 

 

 

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا عودة ولا تعويض لا عودة ولا تعويض



GMT 15:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يخشى "حزب الله"... بل يخشى إيران!

GMT 15:30 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

متى يبدأ الدرس؟

GMT 15:16 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نحن واللحظة الحاسمة

GMT 14:54 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية واستحقاقات الحرب السرية

GMT 14:50 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... القول ما قالت «ندى» الجميلة!

GMT 14:35 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس من فراغ!

GMT 14:31 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فكرة فى الإسكندرية

GMT 14:26 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الجُزُر الصناعية

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 12:52 2021 الأربعاء ,04 آب / أغسطس

طريقة عناق حديثي الولادة تؤثر على صحتهم

GMT 18:53 2020 الأحد ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم Seat يسطع من جديد مع سيارة اقتصادية وأنيقة

GMT 05:14 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

تسريحات الشعر المناسبة للصيف

GMT 07:32 2022 الأحد ,10 إبريل / نيسان

نصائح للحفاظ على الشعر الكيرلي

GMT 18:33 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

ألوان الأحذية التي تناسب الفستان الأسود

GMT 22:16 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 09:01 2022 السبت ,02 إبريل / نيسان

أفضل 10 أماكن سياحية في شمال لبنان
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon