مرسوم وإبطال المرسوم

مرسوم وإبطال المرسوم

مرسوم وإبطال المرسوم

 لبنان اليوم -

مرسوم وإبطال المرسوم

حسن البطل
حسن البطل

ما هي الديمقراطية؟ يقولون: حكم الشعب بالشعب وللشعب. هذه أقرب إلى متوالية بلاغية. هل نقول إنها متوالية حسابية لا هندسية؟ مثلاً: التشريع. القوننة. الدسترة.

في الحياة والتجربة الديمقراطية الفلسطينية مرحلتان: البرلمان السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، والمجلس التشريعي المنتخب.

الأول كان يحتكم إلى البرامج القومية (الميثاق القومي) والوطنية (الميثاق الوطني) والسياسية (برنامج السلطة الوطنية، وإعلان استقلال دولة فلسطين).

برلمان المجلس الوطني عقد دورات عادية واستثنائية وطارئة، تشكل في عديدها الإجمالي سنوات تشكيل المنظمة حتى المرحلة الأوسلوية.

في المرحلة الأوسلوية صار لدينا برلمان منتخب تولّى مهمة التشريع والقوننة والدسترة، وأنجز بعد نقاش برلماني حقيقي، في البرلمان الأول، وضع قانون أساس ـ دستور مؤقت. ليس قليلاً فلسطنة قوانين انتدابية ومصرية وأردنية وإسرائيلية.

مع أن البرلمان الأول كان بغالبيته فتحاوية، لكن «فتح» هي جبهة في مسمّى حركة، ومن ثمّ كانت نقاشات جلسات البرلمان حول التشريع والقوننة والدسترة ديمقراطية نسبياً.

ديمقراطية البرلمان الأول المنتخب حملت شيئاً من إرث البرلمان الوطني ـ الفصائلي ـ التوافقي، وهو «الكوتا» للتمثيل النسوي والمسيحي.. وحتى مقعد للطائفة السامرية، وأيضاً ما يشبه «العرف:» وهو أن تكون رئاسة بعض البلديات الفلسطينية للفلسطينيين المسيحيين.

البرلمان الثاني كان بغالبية حمساوية منتخبة وفق نظام انتخابي من قوائم نسبية ودوائر. هنا لعبت ديمقراطية «فتح» الزائدة (سكر زيادة) دوراً سلبياً.

الغالبية الحمساوية تصرفت، برلمانياً، بتحزّب زائد، ما أثر على العلاقة بين البرلمان المنتخب ورئيس السلطة المنتخب بدوره. مع أنه يجوز في الديمقراطية البرلمانية العريقة أن يكون رئيس البرلمان من حزب ورئيس الدولة من حزب آخر.

لجملة ظروف وأسباب سياسية ووطنية ونضالية، تعطل عمل البرلمان الثاني، وبعض الأسباب يعود إلى ضعف الكفاءة الديمقراطية والقانونية لدى برلمانيي «حماس» أيضاً. السبب الأساس، أن السلطة الفلسطينية ذراع لمنظمة التحرير، وحركة حماس خارج المنظمة.

التوازن الصعب في النظام الفلسطيني السلطوي الوليد بين برلماني ـ رئاسي ازداد صعوبة نتيجة ذلك، لأن البرلمان الثاني لم يشرّع ويقونن.

الرئيس الثاني، الحالي، للسلطة اضطر إلى إصدار جملة مراسيم، على أن يشرّعها البرلمان الثالث أو يُبطلها، بما يؤكد مبدأ فصل السلطات: التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهذا أساس الديمقراطية والحكم.

مهمة محكمة العدل العليا هي فحص دستورية قوانين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، والذي حصل أن محامياً طعن في مرسوم رئيس السلطة بتعيين رئيس لمجلس القضاء الأعلى ورئيس محكمة العدل العليا، لأنه لم يستند إلى تنسيب من أعضاء مجلس القضاء الأعلى، ولم يزاول المحاماة 15 سنة، ولم يكن قاضياً لمدة ثلاث سنوات.

المحامي المدعي استند في دعوى الطعن إلى أن المعيّن بمرسوم رفع رسوم التقاضي من 150% حتى 3000% في بعض الحالات (هكذا ورد الرقم في الصحف).

في ديمقراطيات عريقة من حق رئيس منتخب أن يعيد قانوناً للبرلمان لدراسته مرّة أخرى، أو من حقه، كما في النظام الأميركي، أن يستخدم حق «النقض» أي «الفيتو» ويبطل قراراً برلمانياً.

هناك سجال في إسرائيل بين الكنيست (الحالية بخاصة) ومحكمة العدل العليا، التي تنظر في القوانين ومدى ملاءمتها للقانون الأساس ـ الدستور هناك، وازداد السجال مع موجة من مشاريع قرارات برلمانية تؤكد على «يهودية الدولة».

مع أن محكمة العدل العليا الإسرائيلية تقوم بانتخاب قضاتها ورئيسها من بين أعضائها، لكن يقال: صديق يأتي بصديق.


بعد أن أبطلت محكمة العدل العليا الفلسطينية مرسوماً رئاسياً، سارع المعيّن بمرسوم إلى احترام القرار وتنفيذه، وكذا فعلت مؤسسات حقوقية أهلية، وكذلك المستشار القانوني لرئيس السلطة.

هذه سابقة في النظام الفلسطيني، ولعلها كذلك في النظام العربي، ربما باستثناء مصر حيث يتمتع القضاء هناك بسلطة لا يتمتع فيها في باقي النظم العربية.

في ظروف وطنية استثنائية ومصيرية، من المهم للدمقرطة الفلسطينية أن تعلن لجنة الانتخابات المركزية فوز المعارضة، من المهم أن تقرر محكمة العدل العليا، ورئيسها يوازي في منصبه رئاسة السلطتين التنفيذية والتشريعية، قبول دعوى من محام عادي، وأن لا يطعن المعيّن بمرسوم بقرار المحكمة، أو يجادل المستشار القانوني للرئيس فيه.

المحامي لا يطعن في حق الرئيس بإصدار مراسيم، لكن يأخذ على الرئيس المعيّن لمجلس القضاء أنه تدخل تدخلاً زائداً في عمل القضاء عندما رفع رسوم التقاضي، فتذكّر المحامي صاحب الدعوى أن تعيينه خالف الأصول وقانون استقلال القضاء.

المرسوم وإبطاله سوف يشجع الناس على الثقة في جهاز القضاء واستقلاليته وعلى قدرة الديمقراطية في مراقبة نفسها، ومبدأ فصل السلطات ومتوالية: التشريع، القوننة، الدسترة.. وفي الظرف الاستثنائي إخضاع المراسيم ذاتها لحكم القضاء.

في زمن الحديث عن حلّ السلطة وانهيارها، من المهم أن تصدر إشارة إلى دولة مؤسسات وقانون وقضاء ودستور!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مرسوم وإبطال المرسوم مرسوم وإبطال المرسوم



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon