مفـردات

مفـردات

مفـردات

 لبنان اليوم -

مفـردات

حسن البطل

يسمون عظام الشجر سيللوز، وللسنديان عظام من العاج، ولشجرة الأرز عظام من البرونز.. وهذه شجرة الحور لها عظام من غضاريف؛ ولها رقصة الجارية إذا نفخ الريح على أوراقها، صارت ترقص كأنها جارية حسناء ترتدي قميص نوم شفيفاً - هفيفاً. تلبس السنديانة كما ترتدي الأميرة، وتعتمر الأرزة تاج الغاب.. ولشجرة الحور أسمال ذات الخدور. ترقص الشجرة مع نسمات الريح كما ترقص الجارية للأمير، فإذا رقصت مع الريح صارت أسمال ثوبها الأخضر - الأبيض في رقة قماشة "اللانجري". العروسات الصغيرات، البضّات، يأتينك إلى المخدع بهذا "اللانجري" الهفيف - الشفيف.. وأما شجرة الحور فتنتظرك في حديقة الدار، لأن خشب سريرك من سنديان، ولأن لجلد حبيبتك لون البرونز. لأوراقها، ذات الأصابع الثلاث، شكل قدم الإوزّة، ولرقصتها طيران الوطواط. ولها رحلة غجرية من أول الربيع إلى آخر الخريف. هذه السنديانة أميرة. وهذه الأرزة ملكة، ولهذه الشجرة رقصة الجارية التي ترتدي، من الربيع إلى الخريف، ثياب النوم الفاضحة في حديقة الدار. إنها "بنت الناس" إذا خطبتها لحديقة الدار.. حملت لك مروحة الهواء، فإذا جاء الشتاء خلعت أسمالها كلها، وتركت ضوء الشمس كله يتخلل جذعها وأغصانها وعيدانها ويرسم ظل موتها على عشب الأرض اليانع. .. ومع أول الربيع تأتيك، من جديد، فتاة كاعباً لتبدأ رقصتها مع نسيم الريح.. طوال فصل الصيف. الأرزة التي رأت الفينيقيين يبحرون بها، على شكل سفينة، مع الأبجدية ولون الأرجوان، رأت الفراعنة يبنون خوفو وخفرع ومنقرع. هذه بلاد الأرز وتلك بلاد الأهرامات، والأرزة هرم أخضر من حياة، والهرم أرزة من حجر لوهم حياة بعد الحياة. لم يبقَ في بلاد الأرز غير غابتي أرز، في الشمال قرب بْشرِّي، وفي الوسط قرب نبع الباروك. الأرزات اللواتي عشن عصر اكتشاف لون الأرجوان، وعصر بناء الهرم، بلغن من العمر عتياً. يقولون: "أرز الرَّب". إذا اجتمعت مئات وآلاف من شجرات الأرز، شكلت مظلة خضراء سميكة، قلّما يتخللها شعاع شمس. الأديم تحت فروع كثيفة لأشجار الأرز محروم حرماناً أبدياً من قبلة الشمس للتراب. في هجير الصيف، مثل هذا الهجير في هذا الصيف، يهربون إلى الساحل الأزرق، أو يدلفون إلى غابة "أرز الباروك". لا تتغلغل في عمق الغابة، فإذا تغلغلت عليك أن ترتدي قميصاً شتوياً، أو سترة ربيعية. هنا ينتظرك برد الشتاء في عزّ الصيف. إن لم تحترس فستصاب بالزكام. مرض غريب ضرب غابة الأرز الكبيرة، التي تتربع قريباً من "القرنة السوداء"، أعلى ذرى لبنان وبلاد الشام. الأشجار تموت واقفة. لكن، كان الزمن يشيخ وتبقى أشجار الأرز صبيّة. مرتين أو ثلاثاً تتغلغل في الغابة، تكفيك عشرين عاماً أو ثلاثين عاماً لتتذكر أن كل مكيّفات الهواء الكهربائية لن تجعل للهواء معادلة الندى والبراد التي صاغتها في دفيئتها أشجار غابة أرز الباروك. .. وليس لأي نبع آخر، في بلاد الشام، برودة نبع مياه الباروك.. إلا ذلك النبع في "عين الخضراء" الذي يسكب ماء في برودة الجليد الذائب. في عروق نهر بردى. عقيـق هل العقيق ياقوت عكر؟ أم أن الياقوت عقيق مصفـّى؟ أم أن العقيق والياقوت هو الخَبَثُ الذي يطفو على سطح طنجرة تطبخ فيها الأرض أحجارها الكريمة لتصنع الماس، وتلقي بفضلات العقيق والياقوت؟ هل هذا الزمرّد الأزرق بروفة سعير جوف الأرض، فلا تنجح البروفة، إذا تعمد الصخر بحجر كريم، وتعمد الحجر الكريم بالماس. للعقيق لون النار الخامدة، أوله لون التمر من البني المشرق إلى البني الداكن. أسواق صنعاء العتيقة ملأى بالأحجار الكريمة التي ترصّع "الجنبيّة" أو يرصّعون الخواتم بها، أو يجعلونها حبّات سُبْحَة. بمشورة صديق يماني اخترت سُبحة من 99 حبّة عقيق، وبشطارة الصديق أنزل البائع السعر إلى النصف؛ ثم نصف النصف. سبحة عقيق للوالدة في الشام، كانت ناقصة ثلاث حبات ضاعت عندما انفرط العقد. تعبوا في الشام حتى وجدوا ثلاث حبات تحاول أن تضاهيها. صارت الأم جدّة؛ ثم صارت أم الجدة، وبلغت من العمر عتيّاً. تسألني أمي أن تقسم السبحة ثلاث سبحات، كل واحدة من 33 حبة توزعها على أولادها الثلاثة. .. وتسألني أن تعيد لي خاتم فضة يمانية؛ والفضة اليمانية نقية خفيفة.. تزداد لمعاناً فضياً مع الزمن. على الابن الذي طالت غربته من بلد إلى بلد، ثم طالت غربته في البلد عن الشام، أن يرفض أول طقوس الوداع. نقلا عن  جريدة الايام

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفـردات مفـردات



GMT 19:47 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي

GMT 19:45 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

هجرات جديدة على جسور الهلال الخصيب

GMT 19:43 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الخيط الأميركي

GMT 19:39 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي في واشنطن استمرارية أم انعطافة؟

GMT 19:38 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

السينما الإيرانية.. السؤال الحائر من «الجونة» إلى «القاهرة»!

GMT 19:34 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لا فرصة للعرموطي برئاسة مجلس النواب

GMT 19:30 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الصندوق؟!

GMT 19:27 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلاهما مُر

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات اسرائيلية على جنوب لبنان وصواريخ تطلق نحو الجليل
 لبنان اليوم - غارات اسرائيلية على جنوب لبنان وصواريخ تطلق نحو الجليل

GMT 13:59 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:41 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 09:34 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنظيم مكتب الدراسة وتزيينه في المنزل المعاصر

GMT 12:35 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

"تي باو" تطلق اللاب توب Tbook X11 الجديد

GMT 21:10 2021 الثلاثاء ,14 أيلول / سبتمبر

طنجة عروس شمال المغرب افضل وجهات شهر العسل لصيف 2021

GMT 21:45 2023 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

ديكور أنيق يجمع بين البساطة والوظائفية

GMT 19:09 2023 الأحد ,09 إبريل / نيسان

تنانير عصرية مناسبة للربيع
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon