نريد الدولة حسب رؤية درويش

نريد الدولة حسب "رؤية" درويش !

نريد الدولة حسب "رؤية" درويش !

 لبنان اليوم -

نريد الدولة حسب رؤية درويش

حسن البطل

هل فات مؤسسة ياسر عرفات، مثلاً، أن تخصص جانباً من جائزة التميز والإبداع السنوية، لتشتري إعلاناً صحافياً مأجوراً من صفحة واحدة، هو نص وثيقة إعلان استقلال فلسطين؟
مستشفى الشفاء ـ غزة يستحق هذا العام، وإنعاش ذاكرة الفلسطينيين يستحق، بعد 26 سنة من وثيقة فلسطينية، قد لا تكون في أهمية ميثاق م.ت.ف، لكن لا تقلّ أهمية تاريخية عن برنامج النقاط العشر لعام 1974.. وقد تفوقها!
هل فات وزارة التربية والتعليم أن تجعل الحصة الأولى في الصفوف المدرسية لتلاوة الوثيقة، سواء بصوت مدير المدرسة، أو معلم الصف، أو حتى أحسن التلاميذ في الإلقاء؟.. أو لدراسة الوثيقة لغوياً (نحوياً وإملائياً مثلاً)!
حسب علمي، ربما كانت جامعة بيرزيت هي الأكاديمية الوحيدة الفلسطينية، التي أقامت يوم الخميس 13 الجاري "ورشة" موضوعها وثيقة إعلان الاستقلال (وأيضاً حديقة لزراعة الورود بدلاً من استيرادها).
حسب علمي وعلمكم "قصّر" رؤساء تحرير الصحف الوطنية الثلاث في تخصيص صفحة مجانية لوثيقة سياسية هي أهم ما صدر عن المجلس الوطني، وتضارع في أهميتها قيام البرلمان الفلسطيني المنتخب والأول بوضع قانون أساس ـ دستور مؤقت للسلطة الفلسطينية. لا مقارنة بين عمل البرلمان الأول والثاني!
صحيح، أن كتّاب الرأي في "الأيام" مثلاً، تناوشتهم مناسبات أكتوبر الحافلة، التي أضيف إليها إحياء غياب الرئيس ـ المؤسس قبل عشر سنوات، أو أربعة أيام من إعلان 15 تشرين الثاني 1988، باستثناء الزميل هاني حبيب (مقالة، أمس، الأحد 16 تشرين الثاني).. وكاتب هذا العمود.
غاب القائد الذي أعلن بصوته وثيقة إعلان الاستقلال؛ وغاب بعده الذي كتبها، وأذكر دعابة طريفة بينهما في احتفال بمناسبة ما، حيث قدّم عرفات الشاعر درويش بـ "الشاعر العام" الذي ردّ الدعابة بالقول: ما دمت أنت "القائد العام".
قلة من الشعراء الكبار لها ميزة الوعي السياسي الذي لـ "الشاعر العام".. وهكذا، كانت لدرويش فضيلة صياغة خطاب عرفات في الجمعية العامة 1974، وكتابة وثيقة الاستقلال، إنه أستاذ في الشعر والنثر.. والوثائق التاريخية.
لما قرأ قانونيون وصحافيون إسرائيليون وثيقة "قصر الصنوبر" وجدوا فيها ما يشبه "هندسة عكسية" لوثيقة أعلنها بن ـ غوريون في 14 أيار 1948 عن استقلال دولة إسرائيل.
قلت "هندسة عكسية" وربما يصحّ القول أكثر بمقارنتها بهندسة ميكانيكية حيث ناقل الحركة عبر مسننات تروس الآلات، يحول حركاتها من أفقية إلى عمودية.. وبالعكس.
حرب رواية تقابلها حرب رواية، والروايتان تعبير عن صراع الأرض الواحدة والكينونة السياسية المزدوجة عليها.
ومن ثم، فإن التشابه بين الوثيقتين ليس لـ "الأزرق" كما يقول الشاعر نفسه في سياق آخر. لكن وثيقة استقلال فلسطين هي الردّ على وثيقة استقلال إسرائيل، وتنطلقان من ادعاءين مختلفين لـ "الحق التاريخي" للشعبين على هذه الأرض.
يمكن القول إن "النكبة" الفلسطينية نتيجة من نتائج "الهولوكوست" النازي؛ وأن السلطة الفلسطينية هي الرد على "الييشوف" اليهودي الذي بنى نفسه (أو بنوه) ثلاثين عاماً قبل إعلان قيام دولة إسرائيل. سنكون دولة فلسطينية قبل مرور 30 سنة على إعلان وثيقة الاستقلال.
تبقّى القليل من "جيل النكبة" و"جيل الهولوكوست" لكن جيل الانتفاضة الأولى والثانية أحيا ذكرى النكبة بمظاهرة أسفرت عن شهيدين أمام سجن عوفر (الآن اعترفوا أن الجندي أطلق النار الحية بقصد القتل)، ثم أحيا ذكرى إعلان الاستقلال بتسلق جدار الفصل في قلنديا، ورفع علم فلسطين على أرض مطارها، أو فتح ثغرات في الجدار.
للدول دستور مؤقت أو دستور دائم، ولبعض الدول كأميركا وثيقة الاستقلال وعدة "تعديلات" دستورية هي في صلب الوثيقة، صحيح، أن إعلان استقلال إسرائيل هو، دستورياً، "قانون أساس" وإعلان وثيقة استقلال فلسطين أثمر ـ الدستور ـ المؤقت الذي هو "قانون أساس".
الدستور الدائم ينصّ في مواده الأولى على تحديد "حدود" الدولة، وهذا ما ينقص الوثيقتين الإسرائيلية والفلسطينية، لأن إسرائيل ترفض تحديد ورسم حدودها؛ وفلسطين تسعى لتحديد حدود الدولة الفلسطينية، وبالتالي حدود دولة إسرائيل!
دون هذا، لن يكون لفلسطين أو إسرائيل دستور دائم، ولا بأس أن تكون وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطيني "ديباجة" للدستور الدائم، أو تكون مواده اقتباساً من هذه "الرؤية" الوطنية والديمقراطية والإنسانية التي في وثيقة إعلان الاستقلال.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نريد الدولة حسب رؤية درويش نريد الدولة حسب رؤية درويش



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon