هـيـك إحـنــــا

هـيـك إحـنــــا ؟!

هـيـك إحـنــــا ؟!

 لبنان اليوم -

هـيـك إحـنــــا

حسن البطل

عمود الأمس، السبت «لو أنها سحابة صيف؟» كان مثل حطة نحلة أو فراشة على «أزاهير نباتات» شوكية صيفية.

صديقي لدغني، بتعقيب ذكي ولمّاح، فقد ذكّره العمود بنمط كتابة Selly Season سائد في الصحافة البريطانية في فصل الصيف، وبخاصة في شهر آب، أي بمواضيع تسلية هامشية على موات أخبار أوروبية كبيرة في شهر الإجازات.

حالنا الفلسطينية من الأحوال لدينا ولدى محيطنا، وهذه غير مسلّية بأي حال، وفيه تكثر المقارنات بين ربيع عربي كالح حالياً، وآخر ربيع أوروبي زاهر حالياً، وفي جارتنا إسرائيل بطّلوا المقارنة بين الأصولية الإسلاموية وتلك الديمقراطية اليهودية، حتى كتب واحد: حماستان هناك ويشعستان هنا (من يشع، أي «يهودا والسامرة»، أي دعاة الشريعة اليهودية).

حسناً، في مطلع تأسيس السلطة كان خبراء وأساتذة أوروبيون يحاضرون فينا، وفي جامعاتنا بخاصة، عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، وعن فوضانا واستبداد حكامنا، ونظام مجتمعهم وديمقراطية حكوماتهم.

في سياق المحاضرات، أو بعدها، كان صديقي نفسه ينبري لهم: كم كان عدد ضحايا الحروب الأوروبية في النصف الأول من القرن المنصرم؟! الإحصائيات تتحدث عن 100 مليون قتيل في الحربين العالميتين، ويشمل ذلك مرحلة «التطهير» الستالينية.

نرجو أن لا يصل عدد ضحايا هذا الربيع العربي، من قتلى ومهاجرين إلى هذا الرقم المهول، علماً أن هذا لا يشمل ضحايا الحروب الأوروبية، في النصف الثاني من القرن الماضي، في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، حيث سادت الديمقراطية الأوروبية النصف الثاني من الحياة السياسية في أوروبا.

هناك مثقفون عرب يقارنون بين الربيع العربي والثورة الفرنسية ضد سجن الباستيل والاستبداد، ومرت في مخاض دموي طويل، قبل أن تسود شعارات الثورة: حرية. إخاء. مساواة.

حسناً، قبل الثورة الفرنسية، ثم الحربين العالميتين، كانت هناك حروب الـ 30 عاماً الأوروبية، (1618 ـ 1648) التي فتكت بالحروب والمجاعات بربع سكان أوروبا آنذاك، وبنتيجتها مثلاً، انخفض عدد سكان ألمانيا من 20 مليون إلى 13 مليونا (وأحياناً مات نصف السكان في بعض مقاطعات ألمانيا، وأحياناً قضى حوالى ثلثي السكان في مناطق أخرى)، ومات ثلثا سكان تشيخيا، وانخفض عديد الذكور الألمان إلى النصف، بما دفع إلى السماح بتعدد الزوجات.. في ألمانيا.

لا أدري عدد ضحايا «القفزة الكبرى إلى الأمام» الصينية ـ الماوية، التي خالفت سياسة ماو: «دع مائة زهرة تتفتح».. وماذا عن ضحايا الحروب البلشفية ثم حملات التطهير السوفياتية ـ الستالينية؟

صحيح أن الزمن غير الزمن، ولو قارنوا الحروب المذهبية المسيحية بالاحتراب الإسلامي السنّي ـ الشيعي، فالعالم الآن قرية كبيرة ووسائل الاتصال غيرها في زمان مضى، ومفهوم «جرائم الحرب» و»حقوق الإنسان» غيره في زمان مضى.

لسببٍ ما، أتذكر عبارة لغولدا مائير قبل حرب العام 1973، وبعد نصر إسرائيل في العام 1967، حيث سألها الصحافي الأميركي أرنولد بورشغريف عن خيارات إسرائيل، فأجابت: «نحن ما نحن عليه» أي «إحنا هيك».. وهيك صارت دولة إسرائيل ودولة يهودا!

يمكن نحن العرب قد نقول، قبل الربيع وربما بعده: «إحنا هيك» وهذا بعد ما قارن مستشرق ياباني حال العالم العربي بحال اليابان، وخلاصته أن العرب «متدينون جداً.. وفاسدون جداً».. ما عدا الضيافة العربية!
كتاب المستشرق نوتو هارا صدر قبل الربيع العربي بقليل، أي قبل إطاحة الشعوب بحكامها الفاسدين أو قتلهم أو محاكمتهم. هل بقي صحيحاً أن الشعوب العربية لا تكترث بعذاب السجناء السياسيين؟ لو زار المؤلف فلسطين، مثلاً، لوجد أن هذا أبعد ما يكون عن الصحة.

مع الاحترام لليابان الحالية الديمقراطية، فإن حالها سابقاً لم يكن كذلك، عدا عن أن لا مقارنة بين الإرث الثقافي والحضاري القديم بين اليابان والعالم العربي، ولا بين ألمانيا الحالية وما سبقها، أو بين السويد وحالها أيام الفايكنغ، أو بين شعب سويسرا وحروب فرسانه المأجورة.

***
على هامش نزاع إيراني ـ عربي، أو سنّي ـ شيعي، لا يتذكر الكثيرون أن مذاهب «أهل السنّة» تعود في معظمها إلى بلاد فارس، لأن أبا حنيفة، والشافعي، ومالك بن أنس كانوا فارسيين، وفقط أحمد بن حنبل كان عربياً.

أيضاً، في الصحاح، فإن البخاري والترمذي وابن ماجه والنسائي جميعهم من بلاد فارس، وكل كتبهم ترجمت من الفارسية للعربية.. هذا نزاع زائد، دون أن نتحدث عن دور الفرس وفضلهم على اللغة العربية.
«إحنا هيك»؟ أو لكل نهر (وشعب وحضارة وأمة) مجرى وحياة.
لا يُغيِّر الله أمر قوم ما لم يُغيِّروا ما في أنفسهم!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هـيـك إحـنــــا هـيـك إحـنــــا



GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 18:00 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 17:57 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 17:55 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 17:51 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

التعليم مجانى وإلزامى (٦)

GMT 17:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

«المناقيش» سر تعثر لقاء السنباطى وفيروز!!

GMT 17:46 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حكمة نبيل العزبى!

GMT 17:44 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الشركات العامة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان - لبنان اليوم

GMT 07:17 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
 لبنان اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
 لبنان اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
 لبنان اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 19:19 2021 الجمعة ,17 كانون الأول / ديسمبر

موضة حقائب بدرجات اللون البني الدافئة

GMT 21:00 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أملاح يلتحق بمعسكر المنتخب ويعرض إصابته على الطاقم الطبي

GMT 21:13 2023 الخميس ,13 إبريل / نيسان

موضة الأحذية في فصل ربيع 2023

GMT 18:07 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

ساعات أنيقة باللون الأزرق الداكن

GMT 21:12 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

آخر صيحات الصيف للنظارات الشمسية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon