«ضوؤه قريب، شمسه بعيدة»
استشهاد 16 فلسطينياً بقصف إسرائيلي استهدف منزلين في شمال النصيرات وسط قطاع غزة وزير الصحة الفلسطيني يُعلن استئناف حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة غداً مدير منظمة الصحة العالمية يُؤكد أن الوضع الصحي في شمال غزة مروع ويُدين الهجوم على مستشفى كمال عدوان وفاة الفنان المصري مصطفى فهمي عن عمر يُناهز 82 عاماً بعد تدهور حالته الصحية وفاة الفنان المصري حسن يوسف اليوم عن عمر يناهز 90 عاماً وزارة الصحة اللبنانية تُعلن حصيلة الغارة الإسرائيلية على مبنى في حي الرمل بقضاء صور في محافظة الجنوب ارتفعت إلى 7 شهداء و17 جريحاً وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 2653 شهيداً و12360 جريحاً الاحتلال الإسرائيلي يعتقل جميع الطواقم الطبية والجرحى في آخر مستشفى عامل بشمال غزة هيئة الطيران الإيرانية تعلن استئناف الرحلات الجوية بعد الهجوم الإسرائيلي شركة طيران أميركية تدفع ثمناً باهظاً لسوء معاملتها للمعاقين
أخر الأخبار

«ضوؤه قريب، شمسه بعيدة»

«ضوؤه قريب، شمسه بعيدة»

 لبنان اليوم -

«ضوؤه قريب، شمسه بعيدة»

بقلم : حسن البطل

هذا كتاب «الكتاب» ظلّ يحاولني أن أحاوله. عشرة أيام أقوم عنه وأقعد إليه. أعود لأجلس .. ربما إلى خير ما كُتب بالعربية على مدى عقود. قرأت «الكتاب -2» تَرَفاً في الصباح ونَزَقاً في المساء.. وبينهما توزّعتُ على قراءته كيفما اتفق لي أن أتفق، مع هامشه (غير الهامش). مع متنه (المراوغ)، أو مع تذييلات ذات رؤوس حادة، وأذناب مديدة كأن المتن يشدّ مذنباً بذيل طويل.   

«الكتاب» الأدونيسي الثاني زبدة كُتُبه، وما قرأ في حياته من كُتُب. أدونيس هو كاتب الخاصة (مفكراً ثم شاعراً) لكن كتبه: الأول (الرمادي)، والثاني الأكبر (الأسود)، والثالث الذي يعكف عليه (أخضر؟ أحمر؟)، تشكل كتاباً لـ «خاصة الخاصّة». مشكاة ضوء هذا الشاعر/ المفكر/ الصوفي/ المتعدد في المفرد/ المفرد في المتعدد. لكنه، يهدي القارئ خطأه اليقيني: «خطئي أن ضوئي قريب، وشمسي بعيدة»؛ «اللهم أرحني منهم؛ وأرحهم مني»، قال الإمام علي البليغ. 

كتاب ذو متن وهامشين: أيسر وأيمن يوزع فيه الكاتب دهاءه وصوته منسوباً إلى المتنبي. يأتيك الصوت قادماً من تحت الماء، أو يأتيك محمولاً على أثير الهواء، وصوت ثالث تصغي لصداه عبر الصخر. فكيف تصغي لصوت واحد، إذا كان كتاب الكاتب «موشور» الصوت؟ «سر من رأى» .. وسرّ من قرأ؟! لا يوجد إصباح أمثلُ من دجى الليل الطويل - كما قال صاحب إحدى المعلقات - وهذا صاحبنا يستعير المتنبي (اسماً، سيرة، مثالاً وأمثولة، وشاعر مرحلة) ليحاول معلقة ثامنة في غير زمن المعلقات.. إنه لا يرى في «الإفصاح» سواء السبيل، لأنه «في كل مكان قتلى، ونُبوّات» ولأن حال العامة هو «باسم ماضٍ وآتٍ»، «أكلوا كي يقتلوا، وصلّوا كي يأكلوا»، «ما الذي تفعله الصلاة» «لتحرّر من موتها، الحياة»؟ 

لغة أدونيس هي محرابه، حربته، وحربه: «لغةٌ تتوالد فيها «هي في آنٍ محراب حرابٍ   يتبطّنه محراب صلاة» أيضاً: «في فم الأرض سمّ غريب «يجرّ الهواء، بيد تتبرّك بالله وبالأنبياء» ويقوم الشاعر/ المفكر بإعادة تقليب أوراق لم يعد يقلبها إلا خاصة الخاصة:   كيف لا نتقصّى كلام النبي ومعناه: «لم ينزل الوحي وأنا في لحاف امرأة غيرها» وعَنَى بذلك عائشة. كيف ننسى حديثاً لها: «لم أغِرْ من نساء النبي، غرتُ منها» وتقصد عائشة خديجة. وعائشة تقول: «أذكر الآن موت النبي كأني أراه: «مات في نوبتي/ بين رأسي ونحري/ خالطاً ريقه بريقي». 
* * *                                          
كتاب أدونيس كتاب تقويل وأكثر. كتاب تأويل وأكثر. كتاب الصعاليك/ العمالقة؛ والمفكرين/ التائهين. كتاب لتاريخ القتل والعقل في حضارة الإسلام. يقول في «هامش» من هوامش كتابه الأول: «عجباً كيف امتلأ عصر الراشدين بالقتل، بالقتلة.. وبالقاتلين».
وفي كتابه الثاني: أمر الخليفة المنتصر بقتل أبيه الخليفة المتوكل.. ليخلفه. فلما خلفه قال للخليفة المقتول، الذي كان أمر بترك الجدل في القرآن: مخلوق أم منزل: «يا أبي. لم أجيء منك، لكن لقاحك أثمر من سُمّي المنتصر.. غير أني من طينة لم تلدها وتعجز عن أن تراها. وأنا لا أباهي ولا أفتخر، بل أقول: اعتزلت الدروب التي رسمتها خطاك، ووجهت وجهي لدروب سواها. قتلتك حتى أحرر عطر النبوة من وردة الأبوة». 
* * *                                          
يحدّث أدونيس المدن التي تتحدث إليه (مكانة خاصة لحلب سيف الدولة/ المتنبي وخولة). يغربل حَبّ الدهريين، المانويين، الزنادقة «أصحاب الاثنين» عن زؤان مفسريهم وجلاديهم: «أعرف أن بكاء الناس شديد مني لكن سيكون عليّ شديداً أيضاً، حين أموت».. وهناك البساطة عارية الروح حتى من روحها: «زهرة طافية فوق ماء.. لها حين تنأى جسد باذحٌ ولها حين تدنو قدم حافية». 
* * *                                                                   
جاء «الكتاب -2» الصادر عن «دار الساقي» بسعر 30 دولاراً. خفت ألا أجده في مكتبة الشروق بعمان، فأوصيت عليه من بيروت إلى عمان وحملت وصية صديقي بنسخة أخرى إلى مكتبة الشروق فحظيت بالأخيرة.. وعدت بنسختين: واحدة لي والثانية لصديقي. وأنا وإياه ننتظر الجزء الثالث الذي يعكف عليه أدونيس. أعرف أدونيس عن قرب معين، وأحب أن أسمعه يستمع بصمت إلى حيرتنا الصاخبة، وكيف يلعب بالزهر، خاصة «لعبة الـ 31».. لم أوافقه رأيه مطلع ثورة الخميني، فأبلغ ابنتي، لاحقاً: كان رأي والدك هو الأصوب. وأظل أرصده يصوب حيرته في حيرتنا.    

المصدر : جريدة الأيام

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ضوؤه قريب، شمسه بعيدة» «ضوؤه قريب، شمسه بعيدة»



GMT 04:55 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

السباق على استعمار القمر

GMT 04:46 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

نتانياهو متهم والولايات المتحدة تؤيده

GMT 04:40 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

فى حياته.. ومماته!

GMT 13:45 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلام والدولة.. الصحافة الورقية تعاني فهل مِن منقذ؟!

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 09:03 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 08:47 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

قائمة المنتخبات العربية الأكثر حصاداً للقب أمم أفريقيا

GMT 07:03 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

أشهر 5 مواقع للتزلج في أميركا الشمالية

GMT 18:54 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

رحمة رياض تعود إلى الشعر "الكيرلي" لتغير شكلها

GMT 04:56 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

نصائح للاستمتاع بالجلسات الخارجية للمنزل

GMT 10:04 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

النظارات الشمسية الملونة موضة هذا الموسم

GMT 13:24 2023 الإثنين ,03 إبريل / نيسان

أفضل عطور الزهور لإطلالة أنثوية

GMT 22:52 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

"فولكسفاغن" تبحث عن "جاسوس" داخل الشركة

GMT 19:48 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

تأليف الحكومة اللبنانية يدخل مرحلة "الاستعصاء"

GMT 07:35 2014 السبت ,05 تموز / يوليو

حلم الحاكم فى مصر

GMT 05:07 2016 الأحد ,22 أيار / مايو

عظمة المرأة الصعيدية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon