البنفسجي على الشجرة وفي كتاب مدرسي
استشهاد 16 فلسطينياً بقصف إسرائيلي استهدف منزلين في شمال النصيرات وسط قطاع غزة وزير الصحة الفلسطيني يُعلن استئناف حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة غداً مدير منظمة الصحة العالمية يُؤكد أن الوضع الصحي في شمال غزة مروع ويُدين الهجوم على مستشفى كمال عدوان وفاة الفنان المصري مصطفى فهمي عن عمر يُناهز 82 عاماً بعد تدهور حالته الصحية وفاة الفنان المصري حسن يوسف اليوم عن عمر يناهز 90 عاماً وزارة الصحة اللبنانية تُعلن حصيلة الغارة الإسرائيلية على مبنى في حي الرمل بقضاء صور في محافظة الجنوب ارتفعت إلى 7 شهداء و17 جريحاً وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 2653 شهيداً و12360 جريحاً الاحتلال الإسرائيلي يعتقل جميع الطواقم الطبية والجرحى في آخر مستشفى عامل بشمال غزة هيئة الطيران الإيرانية تعلن استئناف الرحلات الجوية بعد الهجوم الإسرائيلي شركة طيران أميركية تدفع ثمناً باهظاً لسوء معاملتها للمعاقين
أخر الأخبار

البنفسجي على الشجرة.. وفي كتاب مدرسي!

البنفسجي على الشجرة.. وفي كتاب مدرسي!

 لبنان اليوم -

البنفسجي على الشجرة وفي كتاب مدرسي

بقلم - حسن البطل

التقطتُ الكتاب المدرسي من على زاوية رصيف. المدرسة في زاوية رصيف آخر مقابل. مفرق عمارتي يشكل مع شارعين متقاطعين "مصلبية". بنات المدرسة الثانوية أدَّينَ، صباحاً، امتحاناً آخر، ربما هو الأخير لأنه امتحان كان يسمى "الثانوية العامة"، وصار يسمى "الإنجاز" من عامين!
التقطتُ، عصراً، كتاب "تاريخ العرب والعالم في القرن العشرين" من تحت شجرة مميزة، فهي تُزهر في أوانها، الذي هو أوان الامتحانات، وفي منتهاها لا تعقد أزهارها ثمراً، بل أوراقاً تكلّل شجرة خضراء بأوراق مفصفصة الشكل.

أخذتُ الكتاب إلى بيتي وقلّبته، ووجدتُ أن اللون الزهري البنفسجي للشجرة تساقط على بعض سطوره، كما اللونين الأصفر الفاقع والأزرق البحري بأقلام "ماركر" أحياناً، وغالباً بأقلام "بيغ" زرقاء اللون.

عادةً، بعد كل امتحان مدرسي، تجد الشوارع القريبة من المدرسة منثورة بنتف من الكرّاسات والكتب الممزّقة، وأحياناً المحترقة.

ذلك الكتاب، الذي أدَّيْتُ امتحان معلوماتي فيه، كان كاملاً، كأنها دلالة على اجتياز صاحبته الامتحان الصباحي بنجاح. نعم أدَّيْتُ امتحان اجتياز مادّة من مواد آخر التعليم الثانوي.. ولكن بعد نصف قرن ونيّف. امتحنتُ معلومات الكتاب على معلوماتي؛ وأعطيتُ نفسي علامة النجاح، في الرد على اختبار "رمز الإجابة الصحيحة" في آخر كل فصل من فصول الكتاب.

تغيّر العالم منذ قدّمت في العام 1964 امتحاني في التاريخ والجغرافية (والجيوبوليتيكا) واجتزته بنجاح، وتغيّرت المناهج الدراسية في سورية ونحو الأحسن في المناهج الدراسية الفلسطينية.
لو أن ذلك الكتاب عن مواد أخرى، كالرياضيات والعلوم الحديثة بخاصة، ما كنتُ أجرؤ على التقاط الكتاب في التاريخ والجغرافية لأمتحن نفسي.. كنتُ سأرسب على الأرجح!
الآن، هنا في فلسطين، وهناك في سورية، حذفوا الرسوب من نتيجة امتحانات المرحلتين الابتدائية والاعدادية. لكن، في أوائل سنوات الخمسينيات من القرن المنصرم، لمّا كنت تلميذاً ابتدائياً في مدرسة سيف الدولة في دوما، كان خمسة أو ستة تلاميذ من كل صف ينالون علامة "الرسوب"، التي حُذفت أوائل ستينيات القرن المنصرم، بعد توحيد المناهج الدراسية بين القطرين السوري والمصري.

أحتفظ في ذاكرتي المدرسية بأسماء المعلمين القساة كما أسماء المعلمين الطيبين. كان كامل غريواتي قاسياً علينا في الصف الثاني الابتدائي، وكان معلم الديانة واللغة مفيد غبية في الصف السادس، بهدل وأهان تلميذاً قادماً من أعماق ريف دمشق، لأنه كان يخطئ في قراءة آية قرآنية على السبُّورة، تمهيداً لإعرابها.

لما سألتُ التلميذ في فرصة بين حصتين بكى، وأفصح أن مقعده البعيد عن السبُّورة، لا يُمكِّنه من القراءة الصحيحة لعيبٍ من عيوب قوة البصر لديه.. وفي اليوم التالي، عندما قرأ الأستاذ أسماء الحضور في الصف كان التلميذ الذكي غائباً، فقد هجر المدرسة.

في الصف الحادي عشر لم يكن في مدرستي الثانوية فرع للعلوم الإنسانية، وكان أستاذ الفيزياء والكيمياء يشرح المعادلات الرياضية بطبشور على السبُّورة ووجهه إليها، أو يقف آخر الصف ليشرحها.

عبثاً، قلتُ للمعلم أن يشرحها ووجهه للتلاميذ، وفي النتيجة تركتُ المدرسة في ثانوية دوما إلى مدرسة جول جمّال بدمشق لدراسة فرع العلوم الإنسانية، واجتزت مواد التاريخ والجغرافية والمجتمع بنجاح كامل في امتحانات الشهادة الثانوية، وبنجاح بسيط في اللغة الإنكليزية، بينما كانت الفرنسية هي نصيبي من تعلم اللغة الأجنبية في ثانوية مدرسة دوما.

عبثاً، قال أخي لمدير المدرسة أن ينقلني إلى مساق الإنكليزية التي يتقنها وليساعدني فيها، لكن المدير قال: ليكن واحد من العائلة يعرف الفرنسية!
كانت سنوات الستينيات من القرن المنصرم عقداً من الاضطراب السياسي والمدرسي في سورية، جراء الانفصال عن مصر، ثم جراء هزيمة حزيران 1967، وعندما تخرجت من جامعة دمشق، كلية الجغرافية والجيولوجيا، عام 1968، دون رسوب في 12 سنة دراسية، اكتفينا بمصدقة جامعية، دون حفل تخريج، كالذي يجري في مدارس وجامعات فلسطين، وحتى في نهاية مرحلة الحضانة والانتقال إلى المرحلة الابتدائية؟
في مرحلتي الابتدائية قرأنا في الكتب المدرسية كيف كان اجتماع "السقيفة" بعد وفاة النبي، وكيف كان اختلاف الرأي فيه، لأن المدرسة السورية، آنئذ، كانت متأثرة بالعلمانية الفرنسية سنوات بعد استقلال سورية.

.. لكن، كما كانت بنات أخي الكبير يقرأن في كتاب الديانة الإسلامية، آخر ستينيات القرن المنصرم، وجدت أن رواية اجتماع السقيفة كانت سمناً وعسلاً وشورى جماعية، لا وجود فيها لاختلاف وجهات النظر لدى قبائل قريش؟

تغيّر العالم خلال نصف قرن، وتغيّر العالم العربي أكثر، وكذا المناهج الدراسية، لكن ما لم يتغير هو موسم الامتحانات المدرسية، الذي يجري آخر أيار ومطلع حزيران من كل عام.

بعد 45 سنة صحافية حافلة، ما زلت أستطيع أن أقدّم امتحاناً ناجحاً في تاريخ العرب والعالم في القرن العشرين، ومطلع القرن الحادي والعشرين.

منذ أربع سنوات، ومدخل عمارتي الطويل والمنزلق، يشكل فرعاً من "مصلبية" شوارع، وفي كل مطلع تموز ترتدي الشجرة على قرنه في هذه المصلبية، قبالة مدرسة بنات ثانوية شهيرة حلّة بنفسجية من الزهور المتساقطة على الرصيف، تتحوّل إلى أوراق خضراء مفصفصة بعد آخر امتحان من امتحانات شهادة الثانوية العامة.
.. وفي العام الخامس، ستزين ألوان قلم "ماركر" السطور المهمة من كتب الامتحان، الذي يجري "بصماً" وغيباً لما في الكتب.

 المصدر :جريدة الأيام 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البنفسجي على الشجرة وفي كتاب مدرسي البنفسجي على الشجرة وفي كتاب مدرسي



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 09:03 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 08:47 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

قائمة المنتخبات العربية الأكثر حصاداً للقب أمم أفريقيا

GMT 07:03 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

أشهر 5 مواقع للتزلج في أميركا الشمالية

GMT 18:54 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

رحمة رياض تعود إلى الشعر "الكيرلي" لتغير شكلها

GMT 04:56 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

نصائح للاستمتاع بالجلسات الخارجية للمنزل

GMT 10:04 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

النظارات الشمسية الملونة موضة هذا الموسم

GMT 13:24 2023 الإثنين ,03 إبريل / نيسان

أفضل عطور الزهور لإطلالة أنثوية

GMT 22:52 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

"فولكسفاغن" تبحث عن "جاسوس" داخل الشركة

GMT 19:48 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

تأليف الحكومة اللبنانية يدخل مرحلة "الاستعصاء"

GMT 07:35 2014 السبت ,05 تموز / يوليو

حلم الحاكم فى مصر

GMT 05:07 2016 الأحد ,22 أيار / مايو

عظمة المرأة الصعيدية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon