بقلم - حسن البطل
«ها هي الأرض تدور. الشمس تشرق كل يوم. ها هم الفدائيون» من قال ذلك؟ فنان تشكيلي إيطالي شارك بلوحاته وحضوره في المعرض التشكيلي العالمي من أجل فلسطين في بيروت عام 1978. في العام 1982 كان الاجتياح، وكان مونديال روما، أهدى الفريق الإيطالي الفائز كأس البطولة للفلسطينيين في لبنان.
ها هي الأرض تدور في 24 حزمة ساعية، ويقول الفلكيون إن الكوكب يبطئ في دورانه بكسور الثانية كل عام. ليس مهماً أن هذه السنة 2020 كانت سنة كبيسة، ولا أن المتطيّرين تطيّروا من السنة الميلادية اثنان صفر. اثنان صفر، وربما هناك من يتطيّر من السنة الهجرية 1441.
الطريف في علم المتطيّرات أن حزمة الـ 24 ساعية صارت حزمة الـ 25 ساعية، التي زفرت الكوكب، وخربطت مواعيد العادات اليومية لنصف البشرية، كما دورة الاقتصاد، وسعر برميل النفط، ومؤشرات أسهم الشركات الكبرى.
.. وأيضاً، عادتي في مواعيد كتابة «أطراف النهار» من قعدة إلى طاولة مكتب في الجريدة، إلى كتابة المقالة في بيتي، ومن الكتابة على ورق الجريدة، إلى الكتابة على ورق قياس 4 الصقيل.
حسناً، أن يتصادف العام 2020 الميلادي، مع العام 1441 الهجري، لكن البعض له حساب عجيب وهو أنه في العام 2850 سوف يسبق الحساب الهجري الحساب الميلادي 2849، لأن السنة الهجرية القمرية تتأخر 10 أيام عن السنة الميلادية الشمسية، وسوف تلحقها في «يوم القيامة» بعد ثمانية قرون. كيف ستكون حروب الفيروسات آنذاك مع دماغ أذكى الكائنات من مليارات الخلايا.
الأمراض السارية والمتوطنة لم تعد متوطنة، لكن الفيروسات السارية لم تعد متوطنة كذلك، فالزكام البسيط، والرشح العادي، صار الأنفلونزا، التي تحوّرت إلى 16 نوعاً، وكل شتاء عام يطوّرون لقاحاً مختلفاً لثلاثة أو أربعة أنواع من الأنفلونزا، التي تقتل كل عام أكثر مما قتل هذا، أو هذه الـ «كورونا».
تتسابق مراكز الأبحاث في اختراع طعم للفيروس المستجدّ المتطوّر عن الأنفلونزا والـ «سارس» هذا سيكون بشرى لعلاج فيروس مستجد، وسوف يصبح الشتاء المقبل مستجداً عن المستجد، فقد توطن وسوف يُزمن كما أزمن الرشح العادي، والزكام البسيط ثم الأنفلونزا، الذي كان نوعاً واحداً، وصار 16 نوعاً، وسوف يتحوّر ويتضاعف هندسياً، على ذلك سيكون لقاح وطعم مضاد لـ «كورونا» هذا العام صالحاً لعام واحد أو عامين.
في الربع الأخير من القرن المنصرم، كان هناك رعب «الإيدز» الذي أهلك الملايين، لكن عدواه كانت محصورة بالعلاقات الجنسية. أما عدوى الأنفلونزا فهي في الهواء الذي لا حياة بدونه، ثم صار عدوى الـ «كورونا» في الهواء وعلى ملامسة السطوح الجافّة.
العازل الطبي للوقاية من «الإيدز» أو («السيدا» بالفرنسية) لم يردع العقل البشري في بعض الدول عن تشريع زواج الجنس الواحد، باسم احترام حرية الخيار الشخصي، لكنه يبقى مرضاً بشرياً.
مستجد عن المستجد
فيما مضى من حقبة الصراع بين الإنسان والفيروسات، كانت العدوى تنتقل من الحيوان إلى الإنسان، والآن صارت العدوى، في زمن الـ «كورونا»، تنتقل من الإنسان إلى الحيوان، من السهل الحدّ من «داء الكلب»، ومن «جنون البقر»، ومن طاعون الفئران والجرذان، لكن من الصعب الحدّ من عدوى انتقال الـ «كورونا» من الإنسان إلى الحيوان.
منذ القديم، ميّزوا الإنسان عن الحيوان بالقول إنه «حيوان ناطق»، والآن صار الإنسان حيواناً اقتصادياً وله عادات ومزاج تتعدّى لقمة العيش واقتصاد السوق، إلى أين تذهب هذا المساء في صناعة «الترفيه» في الحركة السياحية العالمية، والمدن التي لا تنام، صارت قفراء في الليل، وحالة شبه سبات في النهار. إيقاع الحياة «تخربط» ولم يعد كما كان، والمزاج اليومي تغيّر، وزمن ما قبل الـ «كورونا» صار زمن ما بعد الـ «كورونا»، وضوابط الحريات الفردية، صارت ضوابط للحريات العامة.
في الساعة 25 تغيّر إيقاع الحياة البشرية وبقيت الأرض تدور في حزمة 24 ساعة.