في «أربعين» إيران الإسلامية
أخر الأخبار

في «أربعين» إيران الإسلامية

في «أربعين» إيران الإسلامية

 لبنان اليوم -

في «أربعين» إيران الإسلامية

بقلم - حسن البطل

هناك من يعتبر، في العالم الغربي بخاصة، أن أهم حدثين ثوريين، سياسيين وأيديولوجيين، في القرن العشرين المنصرم، هما: الثورة البلشفية الشيوعية؛ والثورة الإسلامية الإيرانية.
بعد قرن من الزمان، غربت شمس «العالم الاشتراكي» منظومة ودولاً، وحتى أحزاباً، عن العالم الغربي، وبصعوبة نجد أن شيوعية الصين، اليوم، ذات صلة بشيوعية ماو تسي تونغ. 
سيقول البعض: ولكن هناك كوريا الشمالية، وكوبا، وبعض دول أميركا اللاتينية، وهي مثل جزر مبعثرة من انحسار «العالم الاشتراكي».
ماذا عن الثورة الإسلامية الإيرانية، بعد مرور أربعين سنة على شرارتها الخمينية، بعد أن خلعت تاج عرش الطاووس، وارتدت عمامة رجال الدين. 
في بدايتها الأسطورية، قال عرفات: جبهتي من خراسان إلى صور. الآن، هناك في الغرب من يقول بقوس نفوذ إيراني من طهران إلى لبنان.
قبل أربعين عاما، كانت أميركا ترى الخطورة في العروبة الناصرية، وفي ذروة مدّ تلك العروبة عملت أميركا على إقامة حلف «السنتو» أو المعاهدة المركزية.
الآن، بعد أربعين عاما، صارت أميركا ترى الخطورة بعين أخرى، هي إيران تحت حكم العمامة والملالي والولي الفقيه. 
لا مصادفة إن رأت إسرائيل ما تراه أميركا: العروبة الناصرية ثم الإسلام الإيراني. حاولت في البداية ضربه بعروبية جناح البعث العراقي، بدعم من عروبة خليجية سنّية غالباً.
إيران الشاهنشاهية كانت حليفاً إقليمياً وثيقاً لأميركا وإسرائيل، وكانت أكبر مستورد لأحدث الأسلحة الأميركية، والآن صارت السعودية هي الحليف الثاني لأميركا بعد إسرائيل، وأكبر مستورد لأسلحتها لمجابهة الخطر الإيراني، تحت غطاء ما يسمى «الحلف» السنّي ـ الإسرائيلي ـ الأميركي!
هيّا نُبعد الأربعين عن السحر والأساطير إلى السياسة، حيث ينعقد في الشهر الجاري مؤتمر وارسو الأميركي لشرق أوسط جديد يجابه الخطر الإيراني وتحالفاته، ولتمرير «صفقة العصر»، بينما يذهب الرئيس الإيراني إلى بلاد الموسكوب في سوتشي لقمة أخرى ثلاثية مع قادة موسكو الروسية، وتركيا الأردوغانية حول الأزمة السورية، عشية مؤتمر فصائلي فلسطيني موسّع في موسكو، كما كانت روسيا عقدت مؤتمرات للمعارضة السورية المسلحة لنظام سوري تدعمه وتدافع عنه روسيا وإيران!
هل فتحت موسكو أبواباً موصدة أمام المصالحة الفلسطينية؟ علماً أن بيان موسكو الفصائلي الثالث ليس بعيداً عن البيان السياسي والوطني للسلطة الفلسطينية، بخصوص الوحدة الفلسطينية، والمصالحة الوطنية، والدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، ومعارضة الصفقة الأميركية.
تبدو موسكو الروسية ـ الأرثوذكسية أنجح في نسج وإدارة تحالف المصالح مع إيران الشيعية وتركيا السنّية من سعي واشنطن إلى بناء تحالف أوسع ضد إيران في مؤتمر وارسو، لأن الاتحاد الأوروبي ودول الخليج لا تتفق معها إزاء حصار إيران، أو إزاء «صفقة القرن»، وحصار السلطة الفلسطينية. أميركا لم تدع إيران إلى مؤتمر وارسو، وفلسطين رفضت دعوة لحضوره وهما على صواب.
يقولون إنه في عمر الأربعين يصل الإنسان إلى سنّ النضج والحكمة. إيران بلغت هذا العمر بحضورها مؤتمر فيينا (5+1) حول برنامجها النووي، لكن أميركا ارتكبت حماقة الانسحاب من اتفاق فيينا الدولي، وفلسطين لم ترتكب حماقة إيماءة قبول «صفقة العصر».
عشية انعقاد مؤتمر وارسو، يبدو أن تحالفاً رسمياً ضد إيران قد «تفركش»، كما أن محاولة أميركا تسويق الشق الاقتصادي من «صفقة القرن» ستفشل لأن شقها السياسي غير مقبول من الفلسطينيين، سلطة وفصائل، وغير مقبول من السعودية، عميدة مشروع السلام العربي، وعميدة الدول العربية السنّية التي تريد واشنطن توريطها في تحالف ضد إيران.
هناك من يفسر أردوغانية تركيا الإسلامية بعقدتها من دور العرب في انهيار الإمبراطورية العثمانية وموت «الرجل المريض»، وهناك من يفسر سياسة إيران الإسلامية الخمينية بعقدتها من دور الفتح العربي في تقويض الإمبراطورية الفارسية، لاحقاً و»قادسية صدام» في بداية الثورة الإسلامية الإيرانية، والحقيقة هي أن على العرب الاعتراف بأن الحضارة العربية ـ الإسلامية هي حضارة عربية ـ فارسية أولاً.
لم يفتح العرب بلاد فارس بين معركة حاسمة وبين عشية وضحاها، فقد تمرّد الإيرانيون على الفتح العربي ـ الإسلامي طيلة قرنين بعد معركة القادسية، كما فصّلها البروفسور غلام حسين صديقي في رسالة دكتوراه من جامعة السوربون وتتوفر لها ترجمة عربية.
الثورة الإسلامية الإيرانية، في شباط قبل أربعين عاماً، قادمة من البعيد وذاهبة إلى البعيد، كما هو حال يهودية إسرائيل، وكذلك المقاومة الفلسطينية لإسرائيل وأشكالها طيلة قرن من الصراع.
مرّ زمن كانت فيه «مزاودة» عربية على فلسطين في نضالها وسياستها وإدارتها للصراع مع إسرائيل. 
الآن، ومنذ أربعين سنة، تمارس إيران سياسة عقلانية تجاه العالم، وتجاه إسرائيل تتحدث بلغة العداء الوجودي لها دولة، كما تتحدث إسرائيل بلغة العداء الوجودي للنظام الإسلامي الإيراني، كما كانت تتحدث عن الخطر الوجودي العربي عليها.. والآن: الخطر السياسي الفلسطيني!
بعد أربعين عاماً وصلت (م.ت.ف) إلى سنّ النضج والتعقّل السياسي والواقعية. هل بعد أربعين سنة مقبلة ستصل إيران الإسلامية إلى سنّ التعقّل السياسي، الذي وصلت إليه روسيا والصين، من الحرب الأيديولوجية إلى لغة السلام الاقتصادي، والتعايش السلمي؟

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في «أربعين» إيران الإسلامية في «أربعين» إيران الإسلامية



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 09:03 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 08:47 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

قائمة المنتخبات العربية الأكثر حصاداً للقب أمم أفريقيا

GMT 07:03 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

أشهر 5 مواقع للتزلج في أميركا الشمالية

GMT 18:54 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

رحمة رياض تعود إلى الشعر "الكيرلي" لتغير شكلها

GMT 04:56 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

نصائح للاستمتاع بالجلسات الخارجية للمنزل

GMT 10:04 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

النظارات الشمسية الملونة موضة هذا الموسم

GMT 13:24 2023 الإثنين ,03 إبريل / نيسان

أفضل عطور الزهور لإطلالة أنثوية

GMT 22:52 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

"فولكسفاغن" تبحث عن "جاسوس" داخل الشركة

GMT 19:48 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

تأليف الحكومة اللبنانية يدخل مرحلة "الاستعصاء"

GMT 07:35 2014 السبت ,05 تموز / يوليو

حلم الحاكم فى مصر

GMT 05:07 2016 الأحد ,22 أيار / مايو

عظمة المرأة الصعيدية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon