بقلم - حسن البطل
هل رأيتم صاحب التوقيع المنشاري الطويل، أو الذي كأسنان التمساح يبتسم؟ ولا حتى ابتسامة - تكشيرة سلفه الجمهوري مثله، ريتشارد نيكسون العنيد (فشل في السباق الرئاسي مرتين قبل ان يفوز رئيساً).
هناك الملك الصليبي ريتشارد قلب الأسد، وصار هناك ريتشارد أوف ووترغيت. الآن سيد البيت الأبيض، صاحب تسريحة عُرف الديك، كان مكشراً، أو «بارم بوزه» حتى في حفل تنصيبه الرئيس الـ ٤٥ للولايات المتحدة، ولا تفارقه تكشيرته حتى عندما يوقع مراسيم رئاسية، بالذات مثل رسوم اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل.
التقطتُ معلومة من إحدى الفضائيات، بعد إقالته وزير دفاعه جيمس ماتيس، جنرال المارينز السابق في أفغانستان والعراق، ان ماتيس هو «المطرود» الـ ٣٠ من طاقم ادارة الرئيس الـ ٤٥ خلال عامين من رئاسة صاحب عُرف الديك .. الأصفر!
حسب ابنته الأثيرة، ايفانكا، فإن سر التسريحة هذه نتيجة من نتائج عملية زرع شعر ناجحة، ولا أعرف كيف ستبدو صلعته الاصلية لو أن أحد قراصنة الصور التقط له صورة بعد خروجه من حوض سباحة مثلاً!
ترون في الأفلام الاميركية كيف يصرخ، رئيس شركة على مرؤوسه: «أنت مطرود، سوى أن صاحب العرف الديكي الأصفر يستعيض عن الصراخ بالنقر على صفحته في «تويتر» التي صارت موضة بعض القادة!
عندما طرد وزير خارجيته تيلرسون، لأنع وصف رئيسه بالأحمق، ورد عليه أن المطرود «فاشل».
كان قد طرد من قبل رئيس الـ CIA، وكبير موظفي البيت الأبيض. لكن عندما طرد وزير دفاعه، لأنه ديمقراطي مستتر، احتج نواب وسيناتورات جمهوريون وديمقراطيون، كما احتج حلفاء أوروبيون.
السيد ترامب أثنى على قرار (أمر) الانسحاب الكامل من شرق سورية، بأمر آخر بانسحاب قسم كبير من جنود بلاده في أفغانستان. الأوروبيون الشركاء في «الناتو» لأنهم لا يدفعون نصيبهم من النفقات، و«الطالبان» وأكراد «قسد» لأن أميركا لا تريد ان تبقى «شرطي الشرق الأوسط».
الغريب أن الصحف الإسرائيلية تخوفت من مضاعفات الانسحاب من شرق سورية، الذي وصفه الأكراد بـ «الخيانة» و«الطعن في الظهر» ووصفته الصحف الإسرائيلية بأنه «انتصار» لأعداء أميركا في سورية: إيران، روسيا .. وتركيا، وحتى النظام السوري.
لا أعرف، هل حقاً ابلغ ترامب مسبقاً رئيس الحكومة نتنياهو بأمر الانسحاب من سورية، لكن على كثرة «شيل وحط» في طاقم ترامب، فإن فريق «صفقة القرن» لم يتغير، وإن تبدّل موعد نشرها الرسمي، ربما حتى يصبح الحلف الخليجي - الأميركي - الإسرائيلي ضد إيران واقعاً!
يدعي ترامب، في تبرير قرار الانسحاب من سورية، أن «داعش» قد هُزمت، بفضل «قوات التحالف الأميركي البريطاني الفرنسي في شرق سورية، دون ان يقُتل جندي اميركي، علماً أن هزيمة «داعش» الجزئية في العراق وسورية كلفت حياة آلاف الجنود والمدنيين العراقيين والسوريين .. والأكراد أيضاً.
يقول ترامب: لن نكون الشرطي في الشرق الأوسط، وكان سلفه اوباما يقول بـ «القيادة من الخلف» وحتى الانسحاب من دور الشرطي في العالم، علماً أن أميركا لم تنتصر على «الإرهابيين» في الصومال، ولا على طالبان في افغانستان، حيث تخوض اطول حروبها على الاطلاق، ويبدو انها «ستهرب» من هناك كما «هربت» من سايفون؛ وهربت إسرائيل من جنوب لبنان عام ٢٠٠٠!
الثلاثي اليهودي الأميركي في «صفقة القرن» لم يتغير، كما لم «يطرد» ترامب حتى الآن نائبه المتطرف مايك بنس، الذي سيصبح الرئيس الـ ٤٦ في حال إقالة «عرف الديك الأصفر» الذي يواجه تحقيقات، كما يواجه حليفه نتنياهو، وقد يفوز حزبه في انتخابات مقبلة، لكن قد لا يبقى هو في منصب رئيس الحكومة بفعل «الملل»!
يقول نائب وزير الدفاع الأميركي الأسبق، الجنرال المتقاعد مارك كيميت ان الرئيس التركي أردوغان هو من اقنع ترامب بالانسحاب من سورية، حيث تركيا تملك اكبر جيش في أوروبا وحلف «الناتو» وتريد واشنطن ان تزعزع العلاقة الثلاثية في سورية بين روسيا وإيران وتركيا.
نتنياهو تجنب الاحتجاج على قرار ترامب الانسحاب من سورية، لكن يقال انه المسؤول عن تأجيل إعلان «صفقة القرن» الى ما بعد الانتخابات العامة في إسرائيل، حتى لا تنهار حكومة الصوت الواحد في الكنيست.
يقول علماء النفس ان هناك عقدة «أوديب» وتقابلها عقدة «الكترا».. ويبدو ان «المنطوز» (أي المختال صاحب عرف الديك .. الأصفر» لديه عقدة «أوباما» المبتسم والمثقف الأكاديمي وصاحب الانسحاب من دور الشرطي العالمي.
إسرائيل غير الرسمية تخشى ان تدفع نصيبها اليسير من «صفقة القرن» بما يجعلها مقبولة صراحة من السعودية، خاصة أن أوباما منح إسرائيل اكبر مساعدات عسكرية عشرية، لكنه انتقد سياسة إسرائيل في المسألة الفلسطينية، كما في امتناع أميركا عن نقض قرار مجلس الأمن ٢٣٣٤ حول الاستيطان، أما ترامب فقد منحها تأييداً سياسياً غير مسبوق.
السعودية تدفع لأميركا مئات المليارات، بينما تدفع أميركا لإسرائيل عشرات المليارات، أي ان «صفقة المصالح» قد تؤثر على «صفقة القرن».
ترامب «خبّيط لبّيط» وبوتين يلعب «الشطرنج» والصين تلعب لعبة الاقتصاد والتكنولوجيا.
حـسـن الـبـطـل