بقلم : حسن البطل
كيف يُرتّبونها: خط وخاتم وبصمة؟ أو كيف يعيدون ترتيبها: بصمة وخط وخاتم؟ .. او كيف يفكّون ألغازها: خاتم، وخط وبصمة.
1 - بصمة الحياة : يضيء قنديل البحر الطريق الطويل من «وحيد الخلية» الى «متعدد الخلية». ماذا تضيء كائنات «وحيد الخلية»؟ الطريق الأطول من ذرة الجماد الى خلية الحياة.
قبل مليارين ونصف المليار من الأعوام، كانت الأرض بأسرها مخاضة ضحلة من الماء المالح (البحر الأول)، وكانت هذه المخاضة تصل سرة الإنسان، وكانت ينابيع ماء الأعماق الساخنة والكيماوية، وينابيع ماء السطح الباردة والعذبة. لم يكن البر سوى صخور ناشزة.
في هذا السرير ولدت وحيدات الخلية، قبل العصر الكامبري، قبل العصر البيرمي، قبل العصر الطباشيري، قبل العصر الرباعي.
جميع هذه العصور امتطت ظهر «وحيدات الخلية «.. لكن، في العصر الرباعي المتأخر جداً، وجدوا «بصمة « وحيدات الخلية.
2 - بصمة الشمس : قبل عشرة مليارات عام، تخثر سديم في مجرة «الطريق اللبني» او تأخرت هذه «الخثرة» التي ستصير «المجموعة الشمسية «عن سباق الانفجار الاول البدائي (بغ بانغ).
وبعد 4,5 مليار عام على تشكل كوكب الارض، كانت وحيدات الخلية قد تطورت الى هذا «البني آدم».
هذا البني آدم، الذي وضع يده على سر الشيفرة الوراثية (D.N.A)، ما لبث ان ارسل هذه الـ «غيبسيس» المعدنية، لتدور حول الشمس.. وتجمع شيئا من «غبار الرياح الشمسية « وتعود بغرام واحد او اكثر قليلاً، من «جلد» سطح الشمس الذي يتفتت في فرن الهيليوم الهائل المسمى قرص الشمس بتأثير شواظات من نار، طول ألسنتها أطول من المسافة بين الأرض والقمر.
سيعرف هذا البني آدم هل ان بصمة الشمس تؤكد بنوة الأرض لأمها الشمس.
3- بصمة الكون: لماذا توقف الكون عن التمدد في الفترة الثانية. لماذا عاد الى التمدد؟ لماذا كانت الوقفة 4 مليارات عام؟ لماذا انتهت الوقفة قبل 8 مليارات عام؟ الى أين تركض هذه «الكازرات» على حافة الكون وبسرعة الضوء؟.
كما يجمعون غبار البارود هنا، فيعرفون انه T.N.T البذيء او «سيمتكس» المراوغ الذي يحتال على آلات الكشف في المطارات. كذلك، سيجمعون بقايا «حرارة» الانفجار الاعظم «بغ بانغ». بقايا الضوء الذي لم تبتلعه «الثقوب السود». ارسلوا مركبة في رحلة بلا عودة، وخلال رحلتها سترسل، اولا بأول، بصمة خليقة الكون، او آثار «الانفجار الأعظم».
وحدة الوجود
كذا مليار خلية، وكذا مائة ألف شيفرة وراثية. خارطة الوزن الذري (شكراً مندلييف)، وخارطة الوراثة (شكراً لهذا وذاك) .. وفي النتيجة :
أنا أشهق عندما تزفر هذه النبتة المتسلقة ذات الشيفرة D.N.A، وهي تشهق عندما ازفر. انها وراء ظهري. تتغذى على بعض زفيري المليء بدخان السكائر، وأتغذى على بعض زفيرها من الأكسجين. أوراقها مثل حبات اللوز، او أوراقها من شكل قلبي (كما يرسمه العشاق).
ألف عمود خلال ألف يوم. لا أستطيع أن أعد أوراقها. ربما كانت مئات تقل عن الألف.
يسمونها، هنا، «ام محمود» ويسمونها، في الشام، «تليفون». اخذت ورقة وسألت بائع النباتات والزهور.. ماذا يسمونها بالعبرية. سجلت اسمها .. ثم نسيته. عله «حوفي» لكن «الحوف» هو الساحل او «الشاطئ».
التي شربت اكسجينها، والتي شربت مني بعض ثاني اكسيد الكربون. هذه هي رفيقة «أطراف النهار». قال لي الطبيب: عليك بكبسولة يوميا من خليط «الجنسنغ» وكوكتيل الفيتامينات. قال لي بائع النباتات: عليك اطعام «ام محمود» كبسولة من الحديد كل عدة اشهر، وكبسولة من الفيتامينات كل عدة اسابيع.
كان لدي كلب رعاة شرس في بيروت من فصيلة الـ»شيان ـ لو» (الكلب ـ الذئب). عندما طال غيابي أكثر كثيراً من معدل أيام «السفرات».. فضل الكلب «عنبر» أن يصوم حتى الموت. مات.
هل اعتادت «أم محمود» مجالي المغناطيسي؟ رائحة قهوتي؟ هل أدمنَت دخان سكائري. هل اذا انقصف عمر «أطراف النهار» أو انقصف قلم صاحبها، ستتوقف «ام محمود» عن غزل أوراقها بشكل قلوب؟
كان لدي، في مكتبي بنيقوسيا، نبات من هذه الفصيلة، عندما توقفت المجلة، اضطرب دوامي على مكتبي. ربما أحست بقرب الفراق. أخذَت النبتة تذوي سريعاً.. حملت الى قبرها شيئا من «بصمتي» D.N.A، وربما احمل الى قبري شيئا من بصمتها D.N.A.
لذلك، أشرب رشفةً من كل كأس ماء، قبل أن أسقي «أم محمود» حاجتها من الماء