لعبة قوة  مكر على الحاجز

لعبة قوة - مكر على الحاجز

لعبة قوة - مكر على الحاجز

 لبنان اليوم -

لعبة قوة  مكر على الحاجز

حسن البطل

طلقة مطاط واحدة "زحطت" فجرحت ثلاثة فلسطينيين في رؤوسهم: الفك الأعلى، الجبهة، والأذن. حصلت هذه "النادرة" على حاجز سردا، يوم الاحد؛ عشية الاثنين. على الحاجز اياه، تدور "لعبة مجنونة" كما وصف برونوميتسو، مدرب فريق السنغال مباراة فريقه ضد فريق السويد. منذ يوم السبت، عشية الأحد، لم تعد "مباراة العبور" على الحاجز الوحيد الذي يربط رام الله بشمالها كله، تدور بين "مكر" المواطنين و"قوة" الجنود الغاشمة. هذه ليست لعبة مونديالية، لا يوجد حكم يضبط خشونة متمادية، تقارب الوحشية السادية، التي يتحلى بها الجنود. طلقة المطاط، وهي كرة معدنية مغلفة بطبقة مطاط.. كأنها دهان أسود، ليست هي، مع ذلك، السلاح الرادع لجمهور نافد الصبر، يناور بين المكر والجسارة المتهورة. هناك، قنابل الغاز، التي اذا القيت وسط حشد من مئات كثيرة، كما حصل عشية الاحد، اضطرب الناس، فكادوا يدوسون بعضهم بعضاً. لا توجد قواعد سلوك انسانية تحكم بين القوي المدجج والمواطن الاعزل. لا توجد - وهذا اسوأ واكثر خطورة - تكتيكات سلوك لجنود الحاجز. أن ينصب جنود كمائن لجنود، او جنود كمائن لنشطاء مشتبهين شيء، وان ينصبوا مكائد، صباحية ومسائية للمدنيين شيء آخر. على مدار اليوم تتبدل تكتيكات الجنود، بين تشديد على عبور الكبار، ومنع بات لعبور الشبان، وسماح بعبور النساء؛ الى منع جامع يشمل الجميع. جميع المعابر الفرعية التي كانت ستغدو رئيسة مع اغلاق معبر سردا الرئيس، جرى اغلاقها المحكم، مع تعليمات مرخية جدا لفتح النار الحيّة. حاجز سردا ذاته، صار عبارة عن اربعة حواجز ترابية، وحاجز - خندق، ويضاف اليها "حاجز مدرع" من مجنزرة وعربة جيب. لعبة القوة الخطيرة والمكر المشروع هذه، لا تخفي مشاعر احتقار يكنها الجمهور للجنود في اشخاصهم، ولأسلحتهم ايضا، رغم ان الأيدي على الزناد. بعض الشبان يغافلون يقظة الجنود، ويركبون موجة عبور صغيرة للكبار وللنساء، فيرد الجنود بتعسف يصير موضع تندر. في غياب تعليمات مرور محددة، وتعمد تغييب تكتيكات واجراءات عبور مفهومة، يجازف المواطن بصرف ثلث ساعات يومه في زيارة الحاجز و"جس نبض" التعليمات والاجراءات .. دون ان يضمن انها ستكون هي نفسها لدى عودته، مساءً من عمله. ثلث الوقت للعمل؛ وثلثه للنوم.. وثلثه الثالث تحت رحمة "مزاج" الجنود.. الذين لا يثقون بأحد. هذا أشد الأطواق على المدينة في أي وقت، لكنه الطوق الأكثر خطورة ومزاجية على الاطلاق، كأن همّ الجنود الاول ان ينفجر قهر بعض الناس، فيتعللون بأن هناك ما هدد حياة الجنود. حشد الناس امام حاجز الصباح (باتجاه رام الله) او حاجز المساء (باتجاه ريفها الشمالي) لا يعكس الهرم العمري للشعب الفلسطيني، الذي يشكل العنصر الشبابي (من عمر سنة واحدة الى عمر الاربعين) اكثر من 85% من عديدة. هناك، على الحاجز، هرم اعمار مقلوب، حيث معظم المنتظرين الكبار (باستثناء النساء احيانا) يشكلون اكثر من 85% من الناس. * * * الناس، خارج فلسطين، عينها على المونديال، وعينها الاخرى على تحركات سياسية تجري في واشنطن. اما عيون الناس هنا، فهي مشغولة بالبحث عن منفذ آمن الى : العمل، المدرسة، الطبابة، العائلة .. وسائر الامور الصغيرة، التي تشكل ايقاع الفيض اليومي للحركة. ألاعيب الجنود مفضوحة تماما، من حيث اعتقال بريء عدة ساعات، ثم اخلاء سبيله.. لأن كل واحد يحكي قصته للجميع، فيفقد الجميع ثقتهم بحكمة الجنود، ويفقد الجنود احترام الناس لقوتهم، او خوفهم من اسلحتهم. هذا ليس اجراءً أمنياً مشدداً، وقاية من خلايا ستضرب بعد "تحذيرات ساخنة" هذه حرب تنكيل سادية لتفريغ صبر الناس .. او دفعهم للانفجار. * * * كيف يحصل ان تصيب طلقة مفاجئة واحدة ثلاثة اشخاص في رؤوسهم؟ اما ان عملية الاطلاق جاءت من مسافة قريبة جداً، بحيث تكون سرعة انطلاقة الرصاصة في اوجها، وإما ان "وزن" الطلقة لم يكن خفيفا، او ان الجندي تعمد اصابة رؤوس الناس؟ هل يمتحن المكر الصبر، او يمتحن الصبر القوة، ام يمتحن الجنود لحظة جنون الناس. ألم يلاحظوا نظرات الاحتقار في عيون الناس، وسخريتهم من التهديدات باطلاق النار، وانتظارهم على الحاجز حتى بعد اصابة بعض المنتظرين بالرصاص المطاطي؟ قلا عن جريدة الايام  

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لعبة قوة  مكر على الحاجز لعبة قوة  مكر على الحاجز



GMT 19:47 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي

GMT 19:45 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

هجرات جديدة على جسور الهلال الخصيب

GMT 19:43 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الخيط الأميركي

GMT 19:39 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي في واشنطن استمرارية أم انعطافة؟

GMT 19:38 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

السينما الإيرانية.. السؤال الحائر من «الجونة» إلى «القاهرة»!

GMT 19:34 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لا فرصة للعرموطي برئاسة مجلس النواب

GMT 19:30 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الصندوق؟!

GMT 19:27 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلاهما مُر

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات اسرائيلية على جنوب لبنان وصواريخ تطلق نحو الجليل
 لبنان اليوم - غارات اسرائيلية على جنوب لبنان وصواريخ تطلق نحو الجليل

GMT 13:59 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:41 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 09:34 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنظيم مكتب الدراسة وتزيينه في المنزل المعاصر

GMT 12:35 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

"تي باو" تطلق اللاب توب Tbook X11 الجديد

GMT 21:10 2021 الثلاثاء ,14 أيلول / سبتمبر

طنجة عروس شمال المغرب افضل وجهات شهر العسل لصيف 2021

GMT 21:45 2023 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

ديكور أنيق يجمع بين البساطة والوظائفية

GMT 19:09 2023 الأحد ,09 إبريل / نيسان

تنانير عصرية مناسبة للربيع
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon