درب المنحنيات السبعة

درب المنحنيات السبعة

درب المنحنيات السبعة

 لبنان اليوم -

درب المنحنيات السبعة

حسن البطل

الطفل لا يبول ولا "يشخ"؛ والطفل لا يتفّ ولا يبصق. يا له من اكتشاف سخيف - جليل التقطته عيناي الصقريتان في منحنى من "درب المنحنيات السبعة". تفلّت طفل من يد أُمه، وعلى كتف ترابي لمنحنى من درب المنحنيات السبعة، ادار ظهره لمجنزرة الجنود، و"عرّد" في الوادي. طفل آخر، اصغر عمراً بقليل، لم يتفلت من يد امه. ادار وجهه صوب مجنزرة الجنود وتفّ صوبهم بصقته. لسبب ما، لا يتفّ الطفل الصغير لعابه، بل "يريّل" نصف بصاقه، في الاقل، على ثيابه. ولسبب ما، لا يبول الطفل الصغير، بل ينفث ما في مثانته بقوة لا تقل عن نفثة كير الحداد. هل يعرّد الطفل، او ان "حمامته" الوديعة تغدو، عندما يبول، أشبه بسبطانة هاون قصيرة، ذات رماية قوسية حادة؟ زرّرت أم الطفل سروال ولدها، وأمسك بيدها. مسحت أم الطفل بمنديلها بصاق ولدها عن قميصه.. وأمسكت بيده.. ولن يتذكر الجنود شقاوة الطفولة هذه، وقد لا يتذكر الطفلان فعلة هذا التحدي الغريزي، لكنني صرت في عمر جد الطفلين، وتذكرت، عند ذلك المنحنى، شيئاً من طفولتي. الطفل "يحجل" في اول خطواته، ثم "يكرج"، ثم "يبرطع".. وعلى درب المنحنيات السبعة ترى، ايضاً، رجالاً طاعنين في السن، يدبون خطاهم الثقيلة وئيداً وئيداً. لو بصق واحدهم بصقة احتقاره تجاه المجنزرة، فستكون مثل بصقة الطفل. الطفل "لا يتفّ" (تفوه)، بل "يريّل".. والشيخ لا يبصق، بل "يريّل"، لكن الطفل يده في يد أُمه، وذلك العجوز يتوكأ على عصاه! 2- يلعبون بـ"الخمّة" التهم المجال الحيوي للحاجز منحنى بعد آخر من درب المنحنيات السبعة. في البداية كان الحاجز "طياراً" يشيله الجنود في يوم ويحطونه في يوم آخر، ثم صار ثابتاً لمدة اسبوع او اكثر، ثم صار خط الحاجز اشبه برقعة "الداما" أو الشطرنج، ملأى بمكعبات الاسمنت، التي يزحزحها الجنود بجرافتهم، والمتظاهرون بأيديهم.. ثم بدأت مرحلة نهش الاسفلت، وحراثة الشارع، وتكويم انقاض من الصخر والتراب، ومطاردة السيارات الملتفة على الحواجز عبر اكتافه الترابية، او متسلقي التلال من المتسللين. .. كل أنواع التكتيكات العسكرية لحفظ هيبة الحاجز، تساقطت امام كل أنواع التكتيكات المدنية لتمريغ هيبة الحاجز. من الذي عليه ان يخضع ويعتاد؟ هذا هو السؤال، الذي انتهى الى صيغة جواب مؤداه ان يلعب الجانبان بـ"الخمة".. ما هي "الخمة"؟ هي التراب القذر، الذي يغدو طيناً زلقاً بعد زخات المطر، وغباراً تثيره حركة العربات العسكرية التي تحفظ هيبة الحاجز، او حركة العربات المدنية، التي تسخر من هذه الهيبة.. عندما يغيب الجنود وعرباتهم المدرعة يوماً، او ساعات، او حتى دقائق. الآن، يغيبون دقائق، والسيارات التي يتحين سائقوها هذه الغفلة تطلق ابواقها لتحذير المارة، ويطلق سائقوها مهاراتهم الشيطانية في اثارة "عجيج" التراب، او "طرطشة" الماء المعجون بالطين. مرحى للهاتف النقّال الذي يعطي "كلمة السر". لا يسلم السائقون المجازفون من أذى همجي يُلحقه جنود يبرزون فجأة، من كمين في منحنى و"يطبشون" زجاج سيارات المخالفين الجسورين او مصابيحها، واحياناً ينهالون بأعقاب البنادق مهشمين وجوه السائقين. .. وعلى درب "المنحنيات السبعة" من أعلى التلة الى أعلى التلة المقابلة، تدور لعبة اسمها "صراع الارادات".. وتدور بامتياز. تتأرجح السيارات، اصلاً، على درب المنحنيات السبعة بحكم هندسة الطريق، وتتأرجح اكثر بين الموانع والأكوام والاخاديد.. وتتأرجح سوق الحاجز المحمولة على العربات، أو تتحرك بسطاتها بين منحنى ومنحنى، وبين رأس التلة ورأس التلة المقابلة. احد الصحافيين الاسرائيليين سأل: هل نتحمل شهراً مما تحمله الفلسطينيون عاماً وعامين.. ونصف؟ يا له من سؤال. 3- قرنبيط ابو العدس هل هي تكشيرة الفقر، أم هي ضحكة موسم وآخر؟ لا يتذكر "ابو العدس"، ذلك الفلاح الساحلي المهاجر منذ زمن النكبة، ان الناس اقبلت على شراء خضراوات القرنبيط (الزهرة) في عام مضى، كما اقبلت هذا العام... او ان الأمر، ببساطة، ان درب المنحنيات السبعة صار درباً للمشاة الذين يتبضعون من "سوق الحاجز".. او ان الناس تبحث عن القرنبيط "البلدي" الضارب لون زهرته للاصفرار، وابو العدس النشيط لا يزرع غير البلدي. حقوله المتناثرة عند درب المنحنيات هي الاكثر اخضراراً، وهي الاكثر حراثة.. وهي، وحدها، التي تطرح ثلاثة مواسم في العام. نقلا  عن جريدة الايام  

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

درب المنحنيات السبعة درب المنحنيات السبعة



GMT 19:47 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي

GMT 19:45 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

هجرات جديدة على جسور الهلال الخصيب

GMT 19:43 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الخيط الأميركي

GMT 19:39 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي في واشنطن استمرارية أم انعطافة؟

GMT 19:38 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

السينما الإيرانية.. السؤال الحائر من «الجونة» إلى «القاهرة»!

GMT 19:34 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لا فرصة للعرموطي برئاسة مجلس النواب

GMT 19:30 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الصندوق؟!

GMT 19:27 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلاهما مُر

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات اسرائيلية على جنوب لبنان وصواريخ تطلق نحو الجليل
 لبنان اليوم - غارات اسرائيلية على جنوب لبنان وصواريخ تطلق نحو الجليل

GMT 13:59 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:41 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 09:34 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنظيم مكتب الدراسة وتزيينه في المنزل المعاصر

GMT 12:35 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

"تي باو" تطلق اللاب توب Tbook X11 الجديد

GMT 21:10 2021 الثلاثاء ,14 أيلول / سبتمبر

طنجة عروس شمال المغرب افضل وجهات شهر العسل لصيف 2021

GMT 21:45 2023 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

ديكور أنيق يجمع بين البساطة والوظائفية

GMT 19:09 2023 الأحد ,09 إبريل / نيسان

تنانير عصرية مناسبة للربيع
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon