جدّية إن فشلت  وإن نجحت

جدّية إن فشلت .. وإن نجحت ؟

جدّية إن فشلت .. وإن نجحت ؟

 لبنان اليوم -

جدّية إن فشلت  وإن نجحت

حسن البطل

هل حقاً فاوضتنا إسرائيل طيلة العشرين سنة الأخيرة، كما تقول خلاصة المقالات الصحافية الفلسطينية السائدة؟ لا، ليس هذا صحيحاً، إنما في الأمر خلط بين زمن التسوية، وهو متصل، وزمن التفاوض على الحل، وهو منقطع، وأعتقد أنه ربط مضلل. مفاوضات إعلان مبادئ أوسلو أخذت ما أخذت من وقت لا يتعدى شهوراً، وبموجب الإعلان ـ المفاجأة الدرامية أو "الاختراق"، أحيلت قضايا الحل النهائي إلى مفاوضات بعد خمس سنوات. بعد توقيع الإعلان في واشنطن، بحفلة تاريخية ـ مشهدية، تمت أولى الخطوات لتوسيع اتفاق غزة ـ أريحا إلى ما دعي أوسلو 2 في لقاء ـ مؤتمر القاهرة الدولي 1994 بحضور عرفات ورابين ومبارك..والقادة الأميركيين بطبيعة الحال، وقتها أثار عرفات أزمة في اللحظة الأخيرة، لأن توسيع صلاحيات السلطة إلى مدن الضفة لم يكن كما يريد، وتحت ضغط اللحظة والإحراج، وافق عرفات مع تحفظ. هذه هي "المفاوضات" الأولى بعد توقيع إعلان المبادئ، واستغرقت يوماً أو يومين. المفاوضات الحقيقية لتنفيذ اتفاق أوسلو جرت في مؤتمر "واي ريفر" بحضور رئاسي ثلاثي: عرفات ـ نتنياهو ـ كلينتون، واستغرقت أياماً معدودات، وانتهت ما يشبه أوسلو 3، أي توسيع صلاحية السلطة بنسبة تراوحت بين 9% و11% ومعظمها كانت في "محمية طبيعية شرق الخليل وبيت لحم" وتسليم 80% من مدينة الخليل إلى إدارة السلطة وجرى مؤتمر "واي ريفر" مع نهاية المرحلة الانتقالية، وتهديد السلطة بإعلان الاستقلال من جانب واحد. استقال نتنياهو، ولم ينفذ الاتفاق، وانتخب ايهود باراك 1999، وتأزم الوضع إلى أن اقترح الأميركان "القفز" إلى مفاوضات وضع نهائي في مؤتمر كامب ديفيد 2000 الفاشل، الذي امتد أسابيع. تبع ذلك الانتفاضة، والاجتياح، وعملية "السور الواقي"، والانسحاب الأحادي من غزة، واغتيال ياسر عرفات، وأيضاً طرح الأميركان "خارطة الطريق" ثم مشروع "الحل بدولتين" وموت شارون السريري، وانتخاب ايهود اولمرت، ومؤتمر "انابوليس" لاطلاق مفاوضات حول الوضع النهائي.. خلال سنة واحدة. كانت مفاوضات السلطة مع إسرائيل (عباس ـ اولمرت) قد استغرقت شهوراً، وهي الأشمل والأكثر تبلوراً، وكادت تدرك النجاح في الوصول إلى اتفاق نهائي، لولا مشاكل داخلية طوّحت بحكومة اولمرت، وعاد نتنياهو إلى ولاية ثانية. نصل إلى المفاوضات الجارية مع حكومة نتنياهو الثالثة، بعد أن نجح كيري في تجديدها، وجرى تحديد 6-9 شهور لإنهائها لتشمل جميع مسائل الخلاف؟ هذا يعني أن مجمل زمن عمليات التفاوض لا يتعدى العام أو العامين، وقد دارت مع حكومات إسرائيلية مختلفة الائتلافات والبرامج السياسية. الملاحظة المهمة أن مفاوضات إعلان المبادئ تطورت إلى مفاوضات حول "الحل بدولتين" وهذا اسم كودي للحل الذي هو "دولة فلسطينية" لأن إسرائيل دولة قائمة ومعترف بها. الملاحظة الثانية الأكثر أهمية هي زيادة الدور الدولي في المفاوضات، بدءاً من رباعية مدريد إلى مشروع ودور اميركي مباشر في مفاوضات حول الدولة الفلسطينية ورافقها رفع مستوى تمثيل فلسطين في المنظمة الدولية. تجري هذه المفاوضات الأخيرة مع حكومة اسرائيلية هي الاكثر تشدداً، وبعض اطرافها ضد اتفاق اوسلو، وضد الحل بدولتين، وضد استقلال فلسطين.. وحتى مع ضم الضفة، أو دولة ذات حدود مؤقتة. إنها الأكثر صعوبة، والأكثر احتمالاً لحالتي النجاح والفشل، والنجاح سيكون جدياً جداً حسب جدية أميركا، والفشل سيكون جدياً، أيضاً. إن مفاوضات متقطعة، وتزداد عمقاً مع ذلك، لحل صراع عمره أكثر من قرن، لا يبرر القول إن زمن التسوية الذي مضى منذ 1993 حتى الآن، هو زمن التفاوض، أو ربطه بمرور أربعين عاماً على الاحتلال و65 عاماً على النكبة. قد لا تتكرر مفاجأة الحل في المفاوضات الجارية، لكن الفشل المتوقع لن يكون نهاية للصراع، بل لزمن التفاوض. أميركا تريده نهاية الصراع أو "نهاية اللعبة".

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جدّية إن فشلت  وإن نجحت جدّية إن فشلت  وإن نجحت



GMT 22:18 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل... القضاء على «الأونروا» بعد «حماس»

GMT 22:16 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الجبل السحري

GMT 22:14 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هل إيران مع تنفيذ القرار 1701؟

GMT 22:12 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هروب “الزمن الجميل”!

GMT 22:09 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن الأفكار والنساء والمقاومات

GMT 22:07 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

دروس الأزمة الأوكرانية... أميركياً و«شرق أوسطياً»!

GMT 22:05 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الكل متأخر... سيدي!

GMT 22:01 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

«الجونة».. وضبط الجرعة في التعامل مع الأزمات!

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات اسرائيلية على جنوب لبنان وصواريخ تطلق نحو الجليل
 لبنان اليوم - غارات اسرائيلية على جنوب لبنان وصواريخ تطلق نحو الجليل

GMT 11:00 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يواصل تقديم المفاجآت لجمهوره في حفلاته
 لبنان اليوم - تامر حسني يواصل تقديم المفاجآت لجمهوره في حفلاته

GMT 13:59 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:41 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 09:34 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنظيم مكتب الدراسة وتزيينه في المنزل المعاصر

GMT 12:35 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

"تي باو" تطلق اللاب توب Tbook X11 الجديد

GMT 21:10 2021 الثلاثاء ,14 أيلول / سبتمبر

طنجة عروس شمال المغرب افضل وجهات شهر العسل لصيف 2021

GMT 21:45 2023 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

ديكور أنيق يجمع بين البساطة والوظائفية

GMT 19:09 2023 الأحد ,09 إبريل / نيسان

تنانير عصرية مناسبة للربيع
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon