شاور وقرّر ، أو قرّر وشاور

شاور وقرّر ، أو قرّر وشاور ؟

شاور وقرّر ، أو قرّر وشاور ؟

 لبنان اليوم -

شاور وقرّر ، أو قرّر وشاور

حسن البطل

طرح البريطاني ألان هارت عام 1984 سؤالاً جعله كتاباً : "عرفات : إرهابي أم صانع سلام؟". على هذا السؤال تجيب، مبكراً سبع سنوات، وثائق CIA لصالح عرفات "صانع السلام". كيف؟ بعد خمس سنوات من حرب أكتوبر ـ العبور 1973 أدرك عرفات، ببصيرته السياسية النافذة، أن برنامج حركة "فتح" لعام 1968 عن "دولة ديمقراطية علمانية" لم يعد عملياً، بعد اتفاقيات الفصل الأول والثاني في سيناء، وقبل زيارة السادات للقدس، ومؤتمر كامب ديفيد المصري ـ الإسرائيلي ـ الأميركي. يفيد أرشيف CIA ("الأيام" ـ الجمعة 15 الجاري) أن عرفات اقترح، دون صلات مباشرة، على الولايات المتحدة صيغة حل جديد ـ قديم : "الحل بدولتين". اشترط عرفات، لتصريح أكثر وضوحاً، أن تلتزم أميركا إقامة كيان ـ دولة فلسطينية مستقلة؛ وأن تفتح مع المنظمة حواراً مباشراً.. ينتهي بالاعتراف بها. الحوار المباشر سوف يتأخر عشر سنوات ليجري في تونس مع السفير الأميركي هناك، روبرت بلليترو ـ الابن! اشترطت أميركا، في المقابل، اعترافاً رسمياً فلسطينياً بالقرار 242، الذي اعترفت به مصر والأردن ورفضته سورية.. في حينه ولسنوات تلتها. اشترطت المنظمة، في مقابل الاعتراف بذلك القرار، إضافة إلى حوار رسمي أميركي معها، أن تعترف بالمنظمة ممثلاً شرعياً وحيداً، وأن تدعوها إلى مؤتمر جنيف المقترح، آنذاك، لسلام الشرق الأوسط. قالت أميركا إنها ستواصل الحديث عن الحاجة إلى "كيان فلسطيني.. ولن تستخدم لغة تدعو إلى دولة مستقلة"؟ أوضحت المنظمة أن الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح (وأيضاً إسرائيل منزوعة السلاح؟) تتطلب عملاً يستغرق عشرين سنة، وأن الحدود سيجري التفاوض حولها، مع الإيحاء أن الحد الأدنى هو دولة فلسطينية تشمل الضفة وغزة. في 22 كانون الثاني اغتالت اسرائيل ببيروت قائد "القوة 17" أبو حسن سلامة (الأمير الأحمر)، لمسؤوليته في "عملية ميونيخ"، وهو نجل القائد علي حسن سلامة.. أو أن الاغتيال لأنه كان "رجل الاتصال" غير المباشر بمسؤولين في الـ CIA. أميركا لم تدن العملية، وهذا أغضب عرفات الذي اعتبر "أبو حسن" بمثابة الابن، فهو شهيد ابن شهيد. يبدو أن مسألة الاعتراف الفلسطيني بالقرار 242 كانت باعث زبغنيو بريجنسكي، مساعد الرئيس لشؤون الأمن القومي للقول: المنظمة رفضت أن تأكل الطعم من الشص (أداة الصيد) .. "والآن.. وداعاً PLO". هل كان عرفات يشاور ثم يقرّر، أم يقرّر ثم يشاور الأصدقاء والحلفاء؟ لأن قضية الاعتراف الفلسطيني بالقرار 242 ذات تداخلات عربية ودولية، إضافة للفلسطينية. بعض قادة المنظمة اعترضوا، أمّا الاتحاد السوفياتي فأوصى بقبول القرار.. مع التحفظ، كما نصحت السعودية بقبوله، إضافة إلى مصر والأردن. أمّا العقدة؟ فقد كانت في ما يسميه الفلسطينيون آنذاك "ديكتاتورية الجغرافيا" أي تأثير الوجود الفلسطيني المسلح والسياسي في لبنان، بالعلاقة بين سورية والمنظمة وسورية ولبنان، بمعنى أن تترك المنظمة سورية وحدها في رفض الاعتراف بالقرار 242. الرئيس حافظ الأسد سأل وزير الخارجية سيروس فانس: على ماذا سيحصل الفلسطينيون لقاء الاعتراف بالقرار 242؟ هل على قبول اميركا بدولة فلسطينية، أم مجرد الحوار مع المنظمة؟ فقال فانس: ليس أكثر من موافقتنا على الحديث مع المنظمة. المهم في وثائق المخابرات المركزية الأميركية أن المنظمة توقعت 20 سنة لبناء دولة فلسطينية منزوعة السلاح (وإسرائيل أيضاً منزوعة السلاح)، وأن الفلسطينيين تخلوا عن مقترحهم الطوباوي بدولة ديمقراطية علمانية مشتركة، وتعاملوا مع نتائج حرب اكتوبر 1973.. والآن يتعاملون مع خيار الدولتين وخيار دولة ذات قوميتين! الاعتراف بالقرار 242 سيتأخر عشر سنوات، أي بعد الخروج الفلسطيني المسلح من بيروت، والتحرّر من "ديكتاتورية الجغرافيا" السورية .. وبخاصة بعد الانتفاضة الأولى.. وهذه غيّرت نظرة إسرائيل إلى م.ت.ف. أميركا استأنفت، بعد حربها الأولى ضد العراق، جهودا في مؤتمر مدريد، الذي قاد إلى مفاوضات الاختراق في أوسلو، ورسائل الاعتراف المتبادل. ما الذي يلخص عرفات؟ إنه خطابه في الجمعية العامة 1974: غصن الزيتون وبندقية الثائر. الكفاح المسلح والكفاح السياسي .. ولا فرق إن كان يشاور ثم يقرّر، أم يقرّر ثم يشاور. هذا وذاك من صفات الزعيم ـ القائد ـ المؤسّس.  

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شاور وقرّر ، أو قرّر وشاور شاور وقرّر ، أو قرّر وشاور



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon