أكاسيا  وحواشيها

أكاسيا .. وحواشيها!

أكاسيا .. وحواشيها!

 لبنان اليوم -

أكاسيا  وحواشيها

حسن البطل

لو طرحتُ سؤالاً: ما هي شجرتك المحببة، لاختلف الجواب، إن كانت مثمرة او حرجية، واختلف الجواب باختلاف البلدان. لو سألت: ما هي الشجرة القومية؟ لربما قال الأوروبي إنها غابات التوندرا، وقال العراقي انها النخلة .. وقال من قال! طرحوا السؤال، عن الشجرة القومية، على يهود اسرائيل، فكانت الإجابة "فلسطينية" غير "صهيونية" أي شجرة الزيتون.. ولا حاجة لطرح سؤال كهذا على الفلسطينيين، علماً ان الصهاينة كانوا قد اعتبروا "الصنوبرة" في أرومتها المستوردة من أوروبا شجرتهم القومية او شجرة "الكينيا" أداتهم لطمس هوية هذه الأرض، فقد زرعوها لطمس خرائب القرى الفلسطينية المهجورة والمهجرة. لو طرحتم عليّ سؤالاً عن شجرتي الحرجية المفضلة، لا المثمرة كالزيتونة، لاختلف الجواب حسب المكان. مثلاً: لو أكثرنا من شجر الخروب الوارف على تلال هذه الضفة، او ابن عمه شجر البلوط، لصارت تلالنا خضراء، وقطعان مواشينا وفيرة من اقتيات اوراق البلوط وأوراق الخروب، وبخاصة قرون أشجار الخروب. لكن، لو كان السؤال عن أشجار الزينة على أرصفة شوارع المدن، فستجدون الجواب في أشجار شوارع مدن الضفة ورام الله الرئيسية: شجرة دائمة الخضرة، قابلة لتشذيب فروعها وافنانها، لتغدو كتلة كثيفة. من قبل، كانت الصنوبرة سيدة شوارع رام الله، ويقال انها كانت "فرعا" خاصاً بالمدينة، كثيرة الأكواز والعصافير بالتالي، وتبدو بعد عشرات السنوات، وكأنها طاعنة في السن، هرمة ومعمرة! لا حاجة لسؤال اللبناني عن شجرته القومية، فهي مرسومة على علمه الوطني، لكنها محصورة في منطقتين صغيرتين شمال لبنان (القرنة السوداء) وجنوبه (الباروك)، بينما الشجرة الحرجية الاكثر انتشارا هي هذه الصنوبرة ذات الاوراق الابرية، فإنك تجدها في قمم الجبال العالية، الثلجية، والباردة، كما تجدها حتى في الغور الفلسطيني. لو سألت السوري والتونسي عن الشجرة القومية لقال انها الزيتونة، هذه الشجرة المتوسطية، التي تغنى القرآن الكريم بمنافع زيتها، علماً ان في سورية ١٦٠ مليون شجرة زيتون، بما يجعلها الاولى عربيا والسادسة عالمياً. للشاعر ان يشكر السنديان، وان يلقي التحية على "الزنزلخت" وللروائي أن يسبح بحمد طول السروة، وأنا؟ ربما اشكر ما يشكرون واسبح بحمد ما يسبحون .. لكن احب شجرة "الأكاسيا" هذه. جربت بلدية رام الله ان تشجّر شارع "الأيام" في المنطقة الصناعية، فاختارت شجرة الكينيا اولاً، ثم قليلا من أشجار الصنوبر، وحوالي اربع شجرات فقط من الاكاسيا. كل يوم أمرّ مرتين، على مدى سنوات، في "شارع الأيام" فأجد أن معظم اشجار "الكينيا" أصابها مرض غريب، او ان التربة لا تناسبها .. او أن "الأرض تفرق بالشبر" كما يقول الفلاحون، فترى شجرة عليلة الى جانب شجرة موفورة النمو. أما هذه "الأكاسيا" العصية على المرض التي تنمو بلا توقف، وترتدي آخر الربيع ثوباً مرصعاً بالأصفر الزاهي، فإن فروعها وافنانها صارت تعانق الأرض، وحتى إسفلت الشارع، مشكلة فروعاً وافنانا ملتفة بشكل نصف كرة تحلو القيلولة في فيئها! اظنها شجرة وافدة على بلادنا من بلاد اخرى وتأقلمت، كما هو حال الشجرة الباكية، في اوروبا (واسرائيل ايضا).. وقليل منها في فلسطين. ما أعرفه أن أشجار الكرة الأرضية كانت، مطلع الحياة، تتسيدها الأشجار أبرية الأوراق، ثم النخليات شكلاً، ثم الأشجار المفصفصة الأوراق .. وأخيراً جاءت الشجرة متساقطة الأوراق لتعطي الإنسان معظم ما يتناوله من الثمار. رأيت في زيمبابوي شجرة حرجية نادرة، ذات جذع ثخين وعظيم، بحيث يلزم اذرع ١٦ انساناً للاحاطة بجذعها. قرأت ان بعض الاشجار في اميركا معمرة، بحيث يقصر عمر اهرام مصر عن عمرها. غرست قليلاً من الاشجار في دوما ودمشق، وست اشجار حور وصفصاف في بيتونيا، واربع شجرات برتقال في ياسوف .. وثلاث اشجار خوخ في فرنسا .. وسبع شجرات نخيل - مجول في اريحا. ربما أنا مقصر لأن الأعمدة تطاردني، والعمود ٦٤٢٨ ينتظرني!  

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أكاسيا  وحواشيها أكاسيا  وحواشيها



GMT 22:18 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل... القضاء على «الأونروا» بعد «حماس»

GMT 22:16 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الجبل السحري

GMT 22:14 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هل إيران مع تنفيذ القرار 1701؟

GMT 22:12 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هروب “الزمن الجميل”!

GMT 22:09 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن الأفكار والنساء والمقاومات

GMT 22:07 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

دروس الأزمة الأوكرانية... أميركياً و«شرق أوسطياً»!

GMT 22:05 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الكل متأخر... سيدي!

GMT 22:01 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

«الجونة».. وضبط الجرعة في التعامل مع الأزمات!

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات اسرائيلية على جنوب لبنان وصواريخ تطلق نحو الجليل
 لبنان اليوم - غارات اسرائيلية على جنوب لبنان وصواريخ تطلق نحو الجليل

GMT 11:00 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يواصل تقديم المفاجآت لجمهوره في حفلاته
 لبنان اليوم - تامر حسني يواصل تقديم المفاجآت لجمهوره في حفلاته

GMT 13:59 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:41 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 09:34 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنظيم مكتب الدراسة وتزيينه في المنزل المعاصر

GMT 12:35 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

"تي باو" تطلق اللاب توب Tbook X11 الجديد

GMT 21:10 2021 الثلاثاء ,14 أيلول / سبتمبر

طنجة عروس شمال المغرب افضل وجهات شهر العسل لصيف 2021

GMT 21:45 2023 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

ديكور أنيق يجمع بين البساطة والوظائفية

GMT 19:09 2023 الأحد ,09 إبريل / نيسان

تنانير عصرية مناسبة للربيع
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon