التقرير الفرنسي

التقرير الفرنسي

التقرير الفرنسي

 لبنان اليوم -

التقرير الفرنسي

حسن البطل

تبلبلت، عشية التقرير الفرنسي حول وفاة عرفات. مصادفة زرت الضريح وقت غروب الشمس، وأنا أفعل هذا أحياناً في غير الأعياد الإسلامية ويوم مواراته الثرى، لسببين: الواجب، ولحاجتي إلى جرعة من التريّض بالمشي. هذه المرة، وجدتُ ساحة أعلام الأمم ملأى بالطمم، والأعلام ممزقة. أهو الإهمال أم لإعداد الساحة لمشروع ما.. لكن، من غير اللائق بقاء أعلام ممزقة لدول اعترفت بنا دولة من غير رفعها أو تجديدها؟ صحفنا ملأى بما هبّ ودبّ من سفاسف الأخبار المحلية، فكيف لم أقرأ خبراً عن الطمم في ساحة أعلام الأمم؟ ثم كيف اختفت عبارة على حجر على سندس أخضر هي جزء من رثاء محمود درويش لياسر عرفات من على كتف مسجد التشريفات الملحق بالضريح، وثالثاً، وجدت شتلة شجرة الأرز المهداة من لبنان وقد كبرت قليلاً.. أتفقدها في كل زيارة. لماذا هذه التفاصيل؟ لأنني أول من أثار فضيحة كساء الضريح من الحجر الرخو المغشوش، وقد غيّروه. أيضاً، كنت أثرت مسألة الحجر الرخو المغشوش في رصف "ميدان ياسر عرفات" الذي تصرّ العامة على اسمه القديم: "ميدان الساعة".. رقّعوه مرتين دون جدوى؟! .. والآن، إلى بلبلة عامة أثارها التقرير الفرنسي حول الوفاة، ولست خبيراً لا في الأشعة (بولونيوم 210 وراديوم ويورانيوم.. إلخ)، ولا في علم التشريح. هل وفاته طبيعية سببها التقدم في السن (والكمد من الحصار؟) أم من الاغتيال البطيء بالتسميم، كما رجّح التقرير السويسري (بانتظار التقرير الروسي). وازن التقرير السويسري بين الشك واليقين، لكن التقرير الفرنسي كان مزيجاً من قليل من الشك بالتسميم، وكثيراً من اليقين حول أسباب الوفاة الطبيعية؟ يتفق التقريران على أن مادة مشعة كانت سبب الوفاة، لكن التقرير السويسري يراها غير طبيعية، والفرنسي يراها خلاف هذا؟ لديّ أسئلة: هل خبراء تشريح الجثمان الفرنسيون غير أطباء مستشفى "بيرسي" العسكري الفرنسي. ولماذا أتلف أطباء المستشفى عيّنات من جسم المريض قبل الأجل القانوني لإتلافها؟ مهنياً، فالتقرير الفرنسي يبدو مثل حكم الساحة في مباراة كرة القدم، لأن الرئيس توفي في مستشفى عسكري فرنسي، بينما التقرير السويسري مثل حكم التماس.. وهذا يرى "المخالفة" أوضح مما يراها حكم الساحة (المخاشنة ملتبسة وتجاوز الخط خلاف هذا). لكن.. سؤالي المقيم منذ مواراة الرئيس الثرى هو: لماذا لم نأخذ عيّنة من جثمانه؟ ربما كان ذلك صعباً وسط الحشود الهائلة، لكن عشية يوم الدفن، تم نبش القبر ودفن الجثمان وفق الأصول الإسلامية.. فلماذا تولى الأمر شيخ ولم يرافقه طبيب فلسطيني يأخذ عيّنات من جثمانه؟ السؤال وجيه، لأن البولونيوم تختفي آثاره بمتوالية سريعة: نصف عمر العنصر المشع، ثم نصف النصف.. وهكذا، بعد ست سنوات قد لا يجدون للمادة أثراً (عنصر البولونيوم أسرع اختفاء من عنصر اليورانيوم المشعّ)! قبل شهرين ونصف من الوفاة زرت الرئيس في عرينه ـ مقاطعته، فوجدته شيخاً واهناً، فقلت لصديق: ربما هذه آخر مرّة نراه. هل مات قهراً وكمداً من العزلة والحصار؟ ماذا لو كانت مظاهرات "فك الحصار" عن الرئيس أشمل وأقوى؟ وسقط فيها قتلى؟ ألم تكن تثور ضجة عالمية ترفع عنه الحصار؟ حوصر الرئيس ثلاث سنوات، ولكن على فترتين، وبين حصار وآخر خرج وذهب إلى مدينة جنين (جنينغراد كما قال عن بطولة مخيمها).. لكن مواطنين "زعلانين" قاموا بإحراق المنصة الخشبية للاحتفال؟ ربما هذا آذى روح الرئيس، وأصابها باكتئاب القهر والكمد! يعرف العلماء لماذا مات الفرعون توت عنخ آمون شاباً، ولماذا، انقرضت كائنات بدائية.. لكن هذا قبل القتل بالأشعة المميتة. السلسلة تبدو مقطوعة أو مخفيّة مقطوعة بين سبب الوفاة، وأدواتها، وأداة الاغتيال، والمدبّر المباشر والأداة غير المباشرة. وليس لدى الفلسطينيين سوى جواب السؤال عليها "فتّش عن المستفيد"؟ لو أدين "المستفيد" الإسرائيلي، لكانت مشكلة فلسطينية ـ إسرائيلية ـ عالمية.. ولو عُرفت الأداة المباشرة أو غير المباشرة لكانت مشكلة فلسطينية ـ فلسطينية ـ إسرائيلية. يبدو أن هناك مصلحة عالمية لإبقاء اللغز لغزاً ولإبقاء سبب الموت سراً.. إلى حين من الدهر يطول أو يقصر. كان علينا أن نأخذ عيّنات من جثمان الرئيس ونحفظها، ثم نكلف خبراء صينيين أو هنود في السموم في الوقت المناسب بإماطة اللثام عن سرّ الموت، ثم القاتل.. ثم شريكه. نحن مقصّرون أيضاً؟! الأغلب أن التقرير الروسي سيكون وسطاً بين السويسري والفرنسي؟! رجل العصر الفلسطيني ضحية العصر العالمية؟  

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التقرير الفرنسي التقرير الفرنسي



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon