إذا كان الإنسان حيواناً اقتصادياً

إذا كان الإنسان "حيواناً اقتصادياً"؟

إذا كان الإنسان "حيواناً اقتصادياً"؟

 لبنان اليوم -

إذا كان الإنسان حيواناً اقتصادياً

حسن البطل

مع صاحب المجموعة الشعرية طارق العربي "الرابعة صباحاً في السوق" أدير دردشة على منوال قول الرسول: ثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لراحته.. أي ثلثا للزراعة (وأسعار المحاصيل في حسبة نابلس) وآخر للسياسة، وثالثا للثقافة. هو يتبرم من شغله على الرافعة الشوكية، ويتمنى الانصراف لعمل ثقافي، وأنا أخالفه وأحسده لأنه يوازن الشغل الفكري بالعضلي.. مثلما كان فاتسلاف هافل يكتب مسرحيات، ويحمل براميل البيرة.. إلى أن صار رئيساً لأول حكومة غير شيوعية. ازداد علماً من خبرة طارق العربي في تذبذبات أسعار المحاصيل بالجملة في حسبة نابلس، وآخر معلومة، في بداية المنخفض الجوي، ان سعر صندوق الخيار والكوسا كان 5 ـ 10 شواكل، ونظر الى حافة المائة، ولم يقل لي الاسعار بعد العاصفة، لكنه سبق وقال إن من حق الفلاح أن يجني بعض ثمار تعبه. أعرف أن الوسطاء وتجار الجملة والمفرق، يأكلون معظم كعكة أتعاب الفلاح، وأن الضرائب كانت (كانت؟) تأكل من هذه الكعكة.. إلى أن وقع الرئيس مشروع قانون لوزير الزراعة، المهندس وليد عساف، بإلغاء الضريبة على المحاصيل، قبل ثلاثة أسابيع. أخبرني صديقي عبد الرحيم زايد أن الوزير اشتغل على القانون، حتى قبل حمل حقيبة الزراعة. هناك وزير يستحق منصبه. شخصياً، لا أشتري الخضراوات بالصناديق، مثل صديقي ربّ العائلة، ولا حتى بقانون بيع البسطات بالمفرق (3 رطل بـ 10 شواكل) إنما بالكيلو أحياناً وبميزان الغرامات غالباً. في الأصل، أن "الإنسان حيوان" اقتصادي (الأميركيون يقولون: نحن ما نأكل)، ولكن في الفرع فإن المواطن الفلسطيني أقرب إلى "حيوان سياسي" خلافاً لقانون ماركس عن القيمة وفضل القيمة.. يعني الرأسمالية والاشتراكية. لكن، من حسنات "أليكسا" حتى انحسارها أنها جعلت المواطن يلتفت بالشكوى غالباً، وبقليل من الشكر أحياناً، عن كيري ومشاريعه، الى الخدمات والبنية التحتية، وبعد قليل من العاصفة سيشكو من أسعار الخضراوات واللحوم. من واجب السلطة وفي طاقتها خفض او رفع الضرائب بما لا تشمله بنود اتفاقية باريس، وربما ليس في طاقتها كامل تعويض أضرار الكوارث، كما تفعل الدول الغنية. لكن "ما لا يدرك كله لا يُترك جلّه" أي تعويض الفلاحين بعض أضرار "اليكسا" كما تعهد وزير الزراعة بالأمس في اجتماع لوزارته. تعرفون أن الاقتصاد الياباني كان الثاني عالمياً، بعد الاقتصاد الأميركي إلى أن سبقه الاقتصاد الصيني، وأن عماده الصناعة والتكنولوجيا.. لكن أيضاً لليابان سياسة زراعية صارمة في دعم محصول الأرز، وهو قوت الشعب هناك، وشعوب كثيرة في بلدان جنوب شرقي آسيا. عبثا تحاول أميركا تصدير الأرز إلى اليابان بكلفة تقل عن كلفة دعم محصول الأرز بثلاثة أضعاف كلفة إنتاجه. أما دعم مصر لرغيف الخبز، وهي أكبر مستورد للقمح في العالم، فأمر معروف، ويكبد خزينة الدولة مليارات الجنيهات، وكذا في سورية وحتى في السعودية، وهما كانا البلدين العربيين الوحيدين المصدرين للقمح حتى سنوات قليلة مضت صندوق النقد الدولي ضد سياسة دعم الاسعار ؟! تتعرض المحاصيل الزراعية الفلسطينية إلى منافسة أسعار إغراقية من المحاصيل الإسرائيلية وتلك التي من المستوطنات، لأنها مدعومة من الحكومة، في الأقل بأسعار مياه رخيصة، بينما المحاصيل المروية الفلسطينية تعاني من أسعار المياه.. ومعظم محاصيلنا بعلية. كانت نسبة مساهمة الزراعة في الدخل القومي الفلسطيني تصل إلى 35% ـ 40% ثم تراجعت كثيراً في سنوات ما بعد الاحتلال، وما بعد أوسلو أيضاً، حتى تقدمت عليها الخدمات والتجارة والصناعة. قوام "الأمن الوطني" هو التحرر من الاحتلال وهذا يعني تحسين ورفع سوية "الأمن الغذائي"، وإلى حين رفع وإجلاء الاحتلال سيظل المواطن الفلسطيني "حيوانا سياسيا"، علماً أن الاقتصاد والزراعة سبب كثير من الصراعات الاقتصادية، بل والحروب الساخنة. هاكم مثلاً: كان هتلر في صعوده يقول: إلى متى نأكل البطاطا في الوجبات الثلاث، ويأكلون الكافيار. نحن نأكل البطاطا أيضاً، ويقول طارق العربي إن محاصيل البطاطا أتت عليها عاصفة "أليكسا" الثلجية، أو الصقيع المرافق لها، بانتظار دورة زراعية جديدة. ويقول اللبنانيون إن ما تبقى من حبّات الزيتون على الأشجار بعد العاصفة لن يصلح إلا لصناعة الصابون. .. وأمّا في فلسطين، فقد كان حمل ثمار الزيتون متوسطاً، وأما نسبة الزيت فكانت قياسية من 30 ـ 35% من الحبّ. يوم لك ويوم عليك.. محصول لك ومحصول عليك.  

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إذا كان الإنسان حيواناً اقتصادياً إذا كان الإنسان حيواناً اقتصادياً



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon