إسرائيل؛ عرج في الساقين

إسرائيل؛ عرج في الساقين !

إسرائيل؛ عرج في الساقين !

 لبنان اليوم -

إسرائيل؛ عرج في الساقين

حسن البطل

كيف تكون "ثورياً" في الاقتصاد و"محافظاً" في السياسة؟ اسألوا مارغريت ثاتشر أو اسألوا بنيامين نتنياهو. رئيسة الوزراء البريطانية القوية اجتازت السؤال بنجاح. كانت في السياسة "محافظة" مثل ونستون تشرشل، وفي الاقتصاد، قادت ما يشبه "ثورة" عقارية لصالح الطبقات الوسطى، عن طريق تمليكها للبيوت المستأجرة بتقسيط طويل ومريح بواسطة البنوك.. إنها رائدة "النيوـ ليبرالية". بنيامين نتنياهو، وهو يقود حزباً "محافظاً" مثل حزب المحافظين البريطاني، قاد خطوة "ثورية" اقتصادية في ولايته الأولى، عندما "عوّم" عملة الشيكل، وجعلها قابلة للتحويل، لكنه بقي "محافظاً" في السياسة. في النتيجة، يعتبر "الباوند" الإنكليزي عملة قليلة التذبذب، قياساً بـ "اليورو" والدولار، والبطالة في بريطانيا هي الأقل بين دول الاتحاد الأوروبي، عدا ألمانيا؛ ذات الاقتصاد الأوروبي الأقوى، والداعمة الأولى لعملة الاتحاد "اليورو". استلهم نتنياهو "نيوـ ليبرالية" ثاتشر ونجح في "شيكل جديد" وقوي، لكنه سحق الطبقة الوسطى، وتسبّب في أوسع مظاهرة احتجاج اجتماعي قبل عامين.. بالمناسبة، استلهم غورباتشوف "نيوـ ليبرالية" ثاتشر، وفشل اقتصادياً وسياسياً. على صعيد الائتلاف الحزبي، يقود نتنياهو، رغم قلة عدد مقاعد حزبه "الليكود" أقوى ائتلاف يميني في تاريخ حكومات إسرائيل، لكنه بقي "محافظاً" في السياسة بخصوص الموضوع الفلسطيني، وأيضاً بخصوص العلاقة الاستراتيجية والجوهرية مع الولايات المتحدة بسبب هذا الموضوع، وتدخل، علناً وعلى غير عادة رؤساء حكومات إسرائيل، في دعم مرشح الحزب الجمهوري الأميركي "المحافظ" ضد ولاية ثانية للرئيس أوباما الديمقراطية. منذ جيمس بيكر، الذي جلب تحت الضغط اسحاق شامير لمؤتمر مدريد الدولي 1991، لم يسبق أن واجهت سياسة نتنياهو أزمات مع وزراء خارجية أميركا كما هو الحال بالنسبة لخطة جون كيري لحل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي. إسرائيل "تعرج على قدمها السياسية اليسرى في علاقاتها بأميركا وأوروبا والأمم المتحدة؛ والآن صارت تعرج، على قدمها الاقتصادية اليمنى. وصار الأمر أشبه، اقتصادياً، بتدحرج كرة الثلج، منذ بدأت مقاطعات أوروبية غير رسمية لمنتوجات المستوطنات، إلى مقاطعة أكاديمية؛ لكن صندوق التقاعد النرويجي فائق الغنى أطلق ما يشبه رصاصة اقتصادية تهدد بـ "انهيار ثلجي" اقتصادي، يضع إسرائيل أمام خيار : إما المستوطنات، وإما أن يكون الازدهار الإسرائيلي أمراً عابراً، كما حذر كيري إسرائيل في مؤتمر ميونيخ من العزلة الدولية. خطة كيري السياسية تسبّبت في انقسام سياسي للائتلاف الحكومي بين معارض ومؤيد، ثم انقسام آخر إزاء المقاطعة الدولية الاقتصادية. يقود وزير الاقتصاد نفتالي بينيت (البيت اليهودي) خط التصلب إزاء المقاطعة الاقتصادية، ويقود وزير الأمن موشي (بوغي) يعالون خط التصلب إزاء الشق الأمني والسياسي في خطة كيري. في المقابل، يقود وزير المالية يائير لبيد خطاً معاكساً، محذراً من تدحرج كرة ثلج المقاطعة على الاقتصاد (تقديراته خسارة 20 مليار دولار وبطالة 10 آلاف موظف)، بينما تقود تسفي ليفني خطاً وسطاً سياسياً، ويدافع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس عن كيري، ويسخّف مطلب نتنياهو من الفلسطينيين الاعتراف بيهودية إسرائيل، كما يسخّفها يائير لبيد، الصهيوني ـ الليبرالي رافع شعار "الإسرائيلية" أولاً قبل اليهودية والصهيونية! إلى هذا انضم كبار الاقتصاديين الإسرائيليين، وحوالي مائة من كبارهم وجهوا التحذير من مطبات المقاطعة الاقتصادية في رسالة إلى نتنياهو، وأخيراً، واستجابة لتحذيرات كيري، نشروا عريضة في "يديعوت" يحثون فيها نتنياهو على توقيع اتفاق مع الفلسطينيين. .. وفي تطور لافت، بدأت بعض مطاعم النخبة في تل أبيب، وخاصة الأحياء الشمالية فيها، في رفض تقديم نبيذ المستوطنات إلى زبائنها، بناء على طلبهم حجبها، وبخاصة نبيذ مستوطنة "بسغوت" ومستوطنة "عوفرا"، بينما الطلب عليه بقي عادياً في مطاعم وحانات القدس الغربية المتدينة. إسرائيل تربط سياستها بالأمن، والوزير كيري حذر إسرائيل أن الأمن سياسي، أيضاً، والسياسة اقتصاد، أيضاً. العزلة السياسية والعقوبات والمقاطعات الاقتصادية إذا اجتمعتا معاً، فإن نتيجتهما أن تغدو إسرائيل دولة منبوذة، مثل جنوب أفريقيا العنصرية. للمقارنة فقط، كانت الشبيبة الأوروبية تأتي تطوعاً للعمل في "الكيبوتزات" أوائل ستينيات القرن المنصرم، مأخوذة بالتجربة الاشتراكية ـ الديمقراطية. الآن، صارت تأتي إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة للاحتجاج على استمرار الاحتلال والاستيطان.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل؛ عرج في الساقين إسرائيل؛ عرج في الساقين



GMT 15:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يخشى "حزب الله"... بل يخشى إيران!

GMT 15:30 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

متى يبدأ الدرس؟

GMT 15:16 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نحن واللحظة الحاسمة

GMT 14:54 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية واستحقاقات الحرب السرية

GMT 14:50 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... القول ما قالت «ندى» الجميلة!

GMT 14:35 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس من فراغ!

GMT 14:31 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فكرة فى الإسكندرية

GMT 14:26 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الجُزُر الصناعية

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 12:52 2021 الأربعاء ,04 آب / أغسطس

طريقة عناق حديثي الولادة تؤثر على صحتهم

GMT 18:53 2020 الأحد ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم Seat يسطع من جديد مع سيارة اقتصادية وأنيقة

GMT 05:14 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

تسريحات الشعر المناسبة للصيف

GMT 07:32 2022 الأحد ,10 إبريل / نيسان

نصائح للحفاظ على الشعر الكيرلي

GMT 18:33 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

ألوان الأحذية التي تناسب الفستان الأسود

GMT 22:16 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 09:01 2022 السبت ,02 إبريل / نيسان

أفضل 10 أماكن سياحية في شمال لبنان
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon