4 آب من العام 1982

4 آب من العام 1982 ؟

4 آب من العام 1982 ؟

 لبنان اليوم -

4 آب من العام 1982

حسن البطل

كان جوابه "ههه" رداً على جوابي على سؤاله: كيفك في جهنم 4 آب. جوابي كان: انتظر كوانين زمهريرية في شتاء العام 2016.
هذه "نبوءة"؟ لا. فقد قرأت، في الثاني من آب اللهاب هذا، أن علماء توقعوا أن يبدأ "عصر جليدي مصغّر" بين العامين 2030 ـ 2040، يذكّر بما جرى بين الأعوام 1645 ـ 1715، أي ما سيكون بعد 15 عاماً من عامنا هذا، وآبنا اللهاب هذا. السبب؟ ليس رواية "لا تطفئ الشمس" بل لأن وهجها سيقل 60% في تلك الفترة.
لكن ماذا؟ علماء غيرهم توقعوا أن تختفي القبعتان الجموديتان في العام 2040.

المهم، أن أربعة عصور جمودية مرت على الأرض، وفي العصر الجمودي الرابع، كانت أوروبا حتى سواحل المتوسط بيضاء شتاء وصيفاً، وكانت بلادنا العربية تنعم بربيع أوروبي (اكتشفوا عظاماً للديناصورات والماموث ـ الفيل الثلجي في السعودية).

نظرية تعاكسها نظرية، لكن تذكرت في آبنا هذا كيف كان آب العام 1982 في بيروت.
كان يوم 4 آب من ذاك العام قد اجتمعت فيه نار الجو بنار الحرب، حيث شهد ذلك اليوم أعنف قصف إسرائيلي، براً وبحراً وجواً، لبيروت الغربية، وفوقها انقطاع الكهرباء الذي جرّ لانقطاع الماء من الصنابير.. ورطوبة تخنق الأنفاس!

ثالثة الأثافي أو رابعها؟ لا فرق.. سوى أن المعلومة المتداولة، آنذاك، لم تكن صحيحة، وكانت تقول إن ذلك اليوم كان يصادف يوم ميلاد عرفات وبيغن معاً.
الآن، نعرف أن بيغن ولد في 16 آب من العام 1913، والمرجّح أن عرفات ولد في 24 آب 1929 (حسب موقع وزارة الخارجية الفلسطينية).
ما يعنيني، مهنياً كصحافي، أن جريدة "فلسطين الثورة" اليومية لم تصدر في 5 آب، لأن القصف كان شديداً جداً. يوم واحد في حرب الـ80 يوماً لم تصدر الجريدة، لكن صحف لبنان الرئيسية تقطّع صدورها أياماً كثيرة، وربما أكثر لولا أن أبو عمار أمر بتزويدها بالورق ووقود الديزل، وبعمل "أفران فتح" 24 ساعة لتزويد البيارتة بالخبز.

كانت لعرفات مواقع قيادة تبادلية كثيرة، ومنها واحد آخر شارع أميركا وقرب سينما كليمانصو، أي جوار بيتنا، وآخر في عمارة "الحمرا سنتر" بشارع الحمراء، حيث هرب سكانها بعد استخدام إسرائيل للقنابل الفراغية، وتركونا مع مكتب "فلسطين الثورة" اليومية، ومكتب آخر مقابل لمكتب القائد العام. مكتبان أرضيان في عمارة من 15 طابقاً!

أتذكّر، أنه في يوم من أيام آب، أرسل عرفات من يخبرنا أنه قد يرتاح في بيتنا ساعات، بعد إنذار قصير.
الطريف أن جارنا الماروني، إيليا مهنّا، عميد موارنة بيروت، كان يحلم بالتعرف على عرفات، ولم يكن يدري أن له مقراً سرياً في شارع أميركا، وفي مجرى الحرب سألني العم إيليا: ماذا ستفعلون إن تمكن الإسرائيليون من اغتيال أبو عمار؟ كان جوابي: "شعبنا ليس بعاقر"، وهو جواب رفضه العم إيليا (رحمه الله)، وقال: لا الأم ولا الأمة تنجب كبيرين الواحد بعد الآخر مباشرة!

إذا كان 4 آب 1982 جهنمياً تماماً بالحرّ وبالحرب، وبانقطاع الكهرباء والماء، فإن يوم 12 آب كان فيه القصف الوداعي الأخير للحرب، قبل اتفاق الخروج من بيروت بدءاً من 21 آب إلى الأول من أيلول. كادر الجريدة خرج بحراً في 31 آب.

من السويد، وعبر الفيسبوك، ذكّرني قيس قدري بأن ممثل م.ت.ف في فرنسا، عز الدين القلق، استشهد في مطلع شهر آب بباريس 1978، وكنتُ قد سألته في بيروت: ألا تخاف من الاغتيال؟ قال: أمشي في الشارع وأنظر إلى الوراء.. وإلى اليمين واليسار.
لكن، بعد اغتياله لم تكن له صورة متوفرة في الدائرة السياسية بسرعة لإصدار ملصق، وهكذا تمّ إنقاذ الموقف بصورة له في بيتنا يداعب الكلب، الذي اختفى طبعاً من صورة الملصق، وبقيت صورة الدبلوماسي الشهيد المبتسم.

في حرب الـ80 يوماً كانت تصدر، صحيفتان فلسطينيتان إضافة إلى "فلسطين الثورة" اليومية (بعد أن استشهد العدد 442 من "فلسطين الثورة" ـ الأسبوعية في قصف مطبعة الكرمل ـ أبو شامخ (رحمه الله).

"الرصيف" و"المعركة" لكنهما كانتا تعبويتين غير منتظمتين يومياً، بينما كان على جريدة "فلسطين الثورة" أن تحصل على نشرات ورقية للوكالات اللبنانية، ونشرة رصد إذاعة إسرائيل (ر. إ. إ) اليومية عن مركز الأبحاث.

حسناً، هذا كان في آب 1982، حيث كنتُ أواظب على كتابة تعليق يومي بعنوان "في العدد" وقد حملت قصاصاته معي إلى يومنا هذا، وهاأنا في آب 2015 أواظب على عمودي اليومي، لكن الماء والكهرباء لم تنقطعا عن رام الله، والسماء لم تمطر وابلاً من قذائف تجعل الجحيم جحيماً في الجو وعلى الأرض، فمن كان يشرب زجاجات الماء باردة في آب 1982؟

.. ولم يمت أحد في رام الله من ضربة شمس أو من قذيفة مدفع.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

4 آب من العام 1982 4 آب من العام 1982



GMT 16:45 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تحليل التحليل «السياسي»

GMT 16:42 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية منظمة التحرير!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

هذه النغمة غير المُريحة

GMT 16:35 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

التغيير الدرامي لمسلمي وعرب أميركا تجاه ترمب

GMT 16:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن «الفستان الأبيض» رحلة خجولة فى أوجاع الوطن!

GMT 16:27 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عصافير عدّة بحجر واحد

GMT 16:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية والألبوم العائلي القديم

GMT 16:18 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شوية كرامة بَسْ

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 06:48 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

توقعات برج الميزان لشهر أكتوبر / تشرين الأول 2024

GMT 10:20 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

معرض الجبل للفن برعاية حركة لبنان الشباب

GMT 21:10 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 06:05 2024 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي الإنكليزي يتصدًر قائمة أفضل 10 أندية فى العالم

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 12:31 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

أفضل أنواع الماسكارا المقاومة للماء

GMT 17:22 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon