« راح الشعب راح »

«.. راح الشعب راح !»

«.. راح الشعب راح !»

 لبنان اليوم -

« راح الشعب راح »

حسن البطل

«كنا نغني وإحنا صغار: يا بوعبدو السفّاح، راح الشعب راح. نصّو عالمزّة ونصّو عالدحداح».
من كان يغني الهتاف ومتى؟ أولاد مخيم اليرموك، بعد محاولة انقلاب فاشل قاده العقيد السوري الناصري جاسم علوان.
المخيم هو المخيم، والمزّة كان السجن الرهيب السوري (قبل سجن تدمر) والدحداح ساحة الإعدام للعسكريين الفلسطينيين والسوريين المعارضين لحزب البعث.
من هو «أبو عبدو»؟ هو العقيد/ اللواء/ الفريق أمين الحافظ، وفي عهده بدأ حزب البعث السيطرة على الجيش بعد السيطرة على الحكم في العام 1964.
في 18 تموز من ذاك العام، قاد العقيد جاسم علوان مجموعة من فدائيي الفرقة الفلسطينية في الجيش السوري (قبل تشكيل جيش التحرير الفلسطيني) وهاجم المقر العام لقيادة الجيش في «ساحة الأمويين». كان هناك جاسوس ونصب قائد الجيش «ابو عبدو» كميناً.. وفي ساعة الصفر أجهزوا على عشرات الفدائيين فور أن تحركوا، وأسروا العشرات للإعدام في «ساحة الدحداح».
يتذكر أحمد يعقوب أن المداهمات، بعد فشل الانقلاب، طالت بيته وبيوت الفلسطينيين في مخيم اليرموك.. ويتذكر أنه، بعد سنوات، التقى في بغداد أمين الحافظ منفياً، ودار نقاش بعضه طريف. «ما رأيك بأنديرا غاندي؟» قال: «واحد جدع» قالوا: هي امرأة. قال «وحدة جدعة»!
ما هو غير طريف نقاش في مؤتمر القمة العربي الأول بين ناصر و»أبو عبدو» حول خطة عسكرية عربية لمنع إسرائيل من استجرار بعض روافد نهر الأردن.
«القبضاي» و»الجدع» أمين الحافظ أصرّ على «تحرير فلسطين» وقال لناصر: لديّ خطة من 3 ساعات لتحريرها؟!
تعرفون النتيجة في حزيران 1967، وحينها لم يكن «ابو عبدو» حاكماً لسورية، بل أطاح به اللواء صلاح جديد، رئيس مجلس الدولة، ثم أطاح حافظ الأسد بجناح صلاح جديد.
ما المغزى من قصة أبو عبدو؟ الذي انتهى لاجئاً بعثياً سورياً إلى القيادة القومية البعثية في بغداد، التي انتهت مع الحزب والجيش بنهاية صدام حسين.
قبل الإطاحة به، كان «ابو عبدو» هو قائد الجيش، رئيس مجلس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، الحاكم العرفي العسكري، أمين عام الحزب الحاكم.. إلخ!
من هنا، بدأت النكبة السورية الجارية منذ خمس سنوات، لأن الحزب العروبي القومي، صار النظام، وهذا النظام قام «بتبعيث» الجيش إلى «الجيش العقائدي»، وهذا بدوره انتهى إلى هتاف يقول: «رئيسنا إلى الأبد الرفيق الأمين حافظ الأسد»، فإلى هتاف لخلفه وابنه بشار: «الله. سورية.. وبشار وبس» فإلى «الأسد أو نحرق البلد»!
من هتاف الأولاد في اليرموك: «يا بو عبدو السفاح/ راح الشعب راح» إلى واقع الشعب والبلد في سورية، حيث فقد النظام السيطرة على معظم أرض البلاد، وسقط 210 ـ 230 ألف قتيل، وأدّت الحرب الأهلية (الإقليمية العالمية) إلى تهجير ونزوح 7 ملايين مواطن، أي ثلث سكان سورية.
في بداية الانتفاضة السورية كان الهتاف: «سلمية.. سلمية إسلام ومسيحية» و»سلمية سلمية سنّية وعلوية».. والآن؟ تقرؤون على صفحات «الفيسبوك» شعار السوريين الجديد: «يا الله.. ما النا غيرك»!
لا.. ليست مصيبة سورية في تحول حزب عروبي إلى حزب طائفي، بل في تحول الجيش السوري إلى «جيش عقائدي» وتحول الجيش من الكفاءة العسكرية إلى الولاء الحزبي والاستزلام، فالولاء لرئيس الحزب «الله. سورية.. وبشار وبس».
في بغداد، سألوا «ابو عبدو»: لماذا قتلت الفدائيين الفلسطينيين، وكان بإمكانك اعتقالهم؟ قال: والله كانوا «جدعان.. وزلام»!
بالفعل، كان ابو عبدو «جدعا» لدى الانقلاب الحزبي المسلح عليه، وقاتل في منزله الذي احتمى به في شارع ابو رمانة حتى نفدت ذخيرته، ومات الجنود المدافعون عنه.
الآن، ارتبط مصير سورية البلد والشعب بمصير الرئيس، الذي هو «الكل بالكليلة» كما كان الفريق أمين الحافظ، أو كما كان صدام حسين في العراق.
هذا الحزب الشعبي العربي القومي، انتهى إلى حكم الفرد، فإلى دمار العراق جيشاً وبلداً وشعباً، ودمار سورية جيشاً وبلداً وشعباً.. إلى دمار وخراب الفكرة القومية العربية.
في العراق، كان هناك عدي وقصي، وفي سورية كان هناك باسل وبشار، وفي مصر كان هناك مبارك وعلاء.. لكن في مصر بقي الجيش المصري وطنياً ومنضبطاً وتتم الترقيات حسب الكفاءة المهنية لا حسب الولاء للحزب والرئيس.
حافظ الأسد أعدّ ابنه باسل لخلافته حتى قبل مرضه.. وصار باسل بطل الفروسية في سورية، ولكن بالمحاباة والزور. كيف؟ كان يدربه ابن اللواء الفلسطيني ـ السوري محمد الشاعر (سفير فلسطين في موسكو) على الوثب فوق السيارات، فاستدعى الرئيس مدربه وقال له: لا تخاطر بحياة ابني، الذي مات في حادث سير، وقام الرئيس «بسلق» ابنه الدكتور بشار لخلافته.
من «رئيسنا إلى الأبد» في عهد حافظ إلى «الله. سورية.. بشار وبس» في عهد خراب سورية بلداً وشعباً.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

« راح الشعب راح » « راح الشعب راح »



GMT 16:45 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تحليل التحليل «السياسي»

GMT 16:42 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية منظمة التحرير!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

هذه النغمة غير المُريحة

GMT 16:35 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

التغيير الدرامي لمسلمي وعرب أميركا تجاه ترمب

GMT 16:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن «الفستان الأبيض» رحلة خجولة فى أوجاع الوطن!

GMT 16:27 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عصافير عدّة بحجر واحد

GMT 16:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية والألبوم العائلي القديم

GMT 16:18 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شوية كرامة بَسْ

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 06:48 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

توقعات برج الميزان لشهر أكتوبر / تشرين الأول 2024

GMT 10:20 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

معرض الجبل للفن برعاية حركة لبنان الشباب

GMT 21:10 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 06:05 2024 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي الإنكليزي يتصدًر قائمة أفضل 10 أندية فى العالم

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 12:31 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

أفضل أنواع الماسكارا المقاومة للماء

GMT 17:22 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon