«من الإيد للتمّ» من الأزل إلى الأبد

«من الإيد للتمّ».. من الأزل إلى الأبد !

«من الإيد للتمّ».. من الأزل إلى الأبد !

 لبنان اليوم -

«من الإيد للتمّ» من الأزل إلى الأبد

حسن البطل

بين يوم ويوم.. مرّة أو مرتين في الأسبوع، أدفع شيكلاً واحداً أو شيكلين ثمن إفطار الصباح. اعتادوا في مطعم الناصرة عليّ: ثلاثة أقراص فلافل صغيرة، ورغيف خبز كماج مجّاني. هذا بشيكل. أو أربعة أقراص فلافل بشيكل ورغيف خبز كامل (راسه بعبه كما يقول الشوام) بشيكل واحد من الخبز العربي.
ليست هذه المسألة الإفطارية بشيكل أو بشيكلين عن "طفر" أو ضيق ذات اليد، لكنما عن مزاج للطعم والنكهة. وبالطبع كأس عصير طبيعي ثلاثي يفضله شوارزينغر حاكم كاليفورنيا "المعضّل" سابقاً وبطل الأفلام الطرزانية، من برتقال وتفاح  وجزر.
ما دمت أشرب كما يشرب هو، هذا الأميركي "المعضّل" فإن لديّ ثلاثة أسباب ثانوية (وربما رئيسية) تضاف إلى "نبوءة" وزير الدفاع الأميركي السابق في ثمانينات القرن المنصرم، كاسبار واينبرغر، وقوله إن الاتحاد السوفياتي سينهار.. والسبب: "إنه غير قادر على إطعام نفسه".
أسبابي الثانوية هي: بناطيل الجينز. ورق التواليت للحمّام.. وأكياس التبضّع البلاستيكية الملوّنة.
سألت مرافقنا الشيوعي السوفياتي المستعرب، أواخر سبعينات القرن المنصرم عن السبب الموجب لغيابها، فقال: الخطط الخمسية للتصنيع تعتبرها كمالية. هاكم واقعة: في سيارات "لادا" وزن من الحديد بقوة ثلاث سيارات "هوندا".
ذكّرتني مقالة في عدد "التايم" الأميركية نشرت في آذار بأن كارل ماركس كان على حق في خمسة أسباب ضد الرأسمالية، لعلّ أهمها أن 85 من أثرى أغنياء العالم، يملكون من المال المنقول وغير المنقول أكثر من ثلاثة مليارات إنسان (من إجمالي 6 ـ 7 مليارات الآن).
من جملة نبوءات ماركس "عولمة الرأسمالية" (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) والكساد الكبير (في أميركا خلال عقد الثلاثينات من القرن المنصرم، وبداية الألفية الثالثة.. وأيضاً: أجور منخفضة لسلع مرتفعة (تصنيع الملابس الفاخرة في دول آسيوية فقيرة).
تقول الإحصائيات الدولية إن فضلات طعام مدينة أميركية كبيرة تُطعم مدينة أوروبية متوسطة، وفضلات هذه تُطعم مدينة صغيرة عالم ـ ثالثية.. وربما هذه الأخيرة تُطعم قرية عالم ـ ثالثية.
هناك هدر في "قوت" الإنسان يعادل 30% من إجمالي الطعام، رغم أن حملات التدوير شملت الآن بقايا الطعام في البيوت والمطاعم، ربما علفاً للخنازير، أو لجعلها سماداً طبيعياً.
تقول لك منظمة الصحة الدولية إن 2000 كالوري يومياً تلزم الإنسان العامل، وربما 1500 كالوري تلزم الإنسان الهامل (يعني مثل كاتب هذا العمود).. لكن حسب وكالة "الأونروا" فإن اللاجئ الفلسطيني المحاصر في مخيم اليرموك "يُقيم أَوَدَه" بما يعادل 400 كالوري يومياً.. بس!
يُقال: "عضّه الجوع بنابه" ويبدو أن جوع قبائل المغول عضهم فزحفوا من شرق الصين فأحرقوا ونهبوا الأخضر واليابس في غرب آسيا.
يُقال، الآن، في بعض الدراسات إن من أسباب الربيع العربي في اليمن هو جوع الحوثيين في صعدة للطعام وشحة الماء، وكذا في خراب اهراءات سورية في منطقة الفرات، وهجرة سكانها إلى المدن بفعل جفاف واستثمار جائر للأرض والمياه.. وهذا حتى لا ننسى قصة "بوعزيزي" في تونس مهد الربيع العربي. الجائع العربي خرج يضرب بسيف.. الدين؟
تذكرون "أنشودة المطر" لبدر شاكر السيّاب، ربما فيها ورد: "لم يمرّ على العراق عام بدون جوع" لا قبل غزوة جنكيز خان ولا بعد "خراب البصرة" وخراب العراق، وقديماً قالوا عن حديث النعمة إنه "تبغدد"!
في الأساطير أن "الجوع" أحد "فرسان القدر السبعة" إلى الأوبئة والحروب والجفاف والفيضانات، وجملة "فرسان القدر" هي محرك الهجرات الكبرى البشرية، انطلاقاً من "أم الإنسان" قارة أفريقيا، وصولاً إلى "قوارب الموت" عبر المتوسط جنوباً إلى أوروبا شمالاً.
كان عالم الاجتماع توماس مالتوس قد تنبأ بأن مجاعة هائلة بشرية ستحصل لأن هؤلاء يتضاعفون هندسياً، وإنتاج الغذاء حسابياً، لكن الماركسية قالت بغير هذا (حتى قبل الهندسة الوراثية) لكن روسيا الشيوعية السوفياتية لم تكتف من محصول القمح، بينما 1% فقط من سكان أميركا مزارعون يطعمونها ومعظم العالم.. وفي أميركا جوع، أيضاً.
مع ذلك، كان ماركس على حق لأن عشرات المليونيرية يقابلهم ثلاثة مليارات إنسان من الجياع أو الفقراء، أو "من الإيد للتمّ".
قال هتلر: زهقنا البطاطا.. والإنكليز والفرنسيون يأكلون الكافيار. هذه هي القصة وكان جنود هتلر ذهبوا إلى روسيا ليأكلوا الكافيار بالملعقة!.. فوصل السوفيات الجوعى إلى الرايخستاغ في برلين!
سؤال: كيف سنبني دولة ونحن نصدّر بأقل من مليار ونستورد بأكثر من خمسة مليارات؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«من الإيد للتمّ» من الأزل إلى الأبد «من الإيد للتمّ» من الأزل إلى الأبد



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon