أذين وبطين؛ حجر وشجر

أذين وبطين؛ حجر وشجر!

أذين وبطين؛ حجر وشجر!

 لبنان اليوم -

أذين وبطين؛ حجر وشجر

حسن البطل

١ - قلب المدينة
قلب رام الله كأنه القلب. ساحتان بينهما مائة متر، والآن مجمّع سيارات شغال فوق «الحسبة»، وآخر قيد الإنشاء، ويبعد عنه اكثر بقليل من مائة متر.
من أجل «تمييل» شرايين قلب المدينة، قد نصل الى «احتشاء» عضلة القلب. قل أن الساحتين بطين قلب من حجرتين، أو أن المجمعين أذين قلب من حجرتين!
لما باشروا المجمّع فوق «الحسبة» في التسعينيات كتبتُ هنا: ولماذا ليس الى أبعد، أي في خلاء واسع جانب «المقاطعة»؟ في الافتتاح سأل رئيس البلدية زميلتنا رنا عناني: «حسن البطل صحافي عائد؟ شو بفهّموا في المسألة»؟
حسن لا يفهم في عقاقير العقارات، لكن قد يفقه قليلاً في التخطيط المديني. يعني مجمّع سيارات نابلس ناجح، وكذا مجمّع بيت لحم، لكن هذا «الاحتشاء القلبي» في مركز رام الله إمّا هو نصف ناجح آنياً، او نصف فاشل على المدى المتوسط.
خلاء شاسع، نسبياً، جانب «المقاطعة» يصلح مجمعاً لسيارات يكون في حجم محطة قطارات فيكتوريا في لندن، لكنه، الآن، صار مكبّاً للردميات التي لم توفر «ساحة الأمم» حيث رفعنا أعلام دول اعترفت بفلسطين دولة. قد تقولون لي: ربما مستقبلاً سنبني فيها «مولاً» أو «كانيون» ينافس مول رامي ليفي، او كانيون المالحة الإسرائيلي.
لا أفهم في عقاقيرية العقاقير، وقد أفقه شيئاً في التخطيط المديني، وشيئاً آخر في قانون نزع الملكية للمصلحة العامة، التي هي إنقاذ قلب المدينة من الاحتشاء القلبي. «لوين؟ على رام الله».. الى قلب المدينة.
لولا احتجاج ناجح على نية هدم مبنى المدرسة الهاشمية لصالح عمارة عقارية ضخمة، ما انحلت المشكلة على النحو الملائم والجميل. صارت للمدرسة «طلّة» خضراء مفتوحة على الشارع. وخلفها عمارة هائلة كانت سوف تدوس مدرسة تاريخية صارت للفن الشعبي!
لاحظوا معي أن شارع الإرسال مرصوف ومشجر، وملائم لمشاوير الناس. حتى «المقاطعة»، وبعدها بقليل: عمارات ومراكز .. لكن أين الرصيف المناسب للمشي؟ 
قيل لي أن وزير الحكم المحلي، في حينه، قلص عرض الشارع. هذا تفكير قروي او بلدي، وليس تخطيطاً عمرانياً. وين قانون ارتداد الأبنية؟ وين الرصيف؟ ليش صار الشارع مرآب سيارات تتعدى عليه وعلى أرصفة شحيحة .. ما في رصيف بعد «المقاطعة».
لن أحكي عن «خانق» أتوستراد رام الله - بيرزيت في قرية «ابو قش» بدلاً من مدّه الى بيرزيت خلف ذلك المستشفى!

٢ - شجر وحجر
«الجنرال يناير» الروسي زارنا ضيفاً ثقيلاً استثنائياً شتاء ١٩١٤ - ١٩١٥، وفي النتيجة؟ أشجار «فيقوس» زرعتها البلدية على الأرصفة خسرت الحرب وحياتها، و«استشهدت» نصفها جراء صقيع غير عادي.
في أريحا مثلاً تراها باسقة ملتفة، وكل واحدة تمد ذراعيها لأختيها كأنها متكاتفة في رقصة دبكة صامتة، لكن الحال غير الحال في شتاء رام الله القاسي.
نصف الشجيرات أماتها الصقيع، ونصف من أماتها عاد يطلق فسائله الكثّة - المجنونة، كأنها مثل شعر «الميدوزا» في الأسطورة الإغريقية.
أول الموات، قلت لرئيس البلدية أن «يشهّل» ويقلّم فروعها الميتة لإنقاذها. وعد وتأخر .. ومن ثم؟ كانت البلدية تهيئ شتلات تحتمل الصقيع، وهي بعلو «القامة» في أرصفة رام الله - التحتا، وبعلو القامتين، في شارع ركب. دفنوا وقلعوا مساحات من «فيقوس» وغرسوا شتلات لا أعرف لها اسماً.
يقولون: شجر سامق، فنقول: سرو أو حور، لكنها ليست لا هذه الأشجار ولا تلك. هي سريعة التقصف صغيرة، وربما «يُعجم» عودها لما تشب. لذا فهي «مقمطة» بمربع حديدي يحميها من الأيدي العابثة، التي «قصمت» بعض شجيرات الفيقوس في مهدها.
أشجار رشيقة هيفاء كأنها حرس شرف يصطف على الأرصفة، ويرقص مع هبوب الريح الرخيّة رقصة أشجار الحور (رقصة شهر زاد) ومع عاصفة ريح قوية رقصة أشجار السرو.
بين شجرة نجت من صقيع «الجنرال يناير» وأخرى جديدة ستنجو من صقيع أشد .. هكذا تبدو أشجار أرصفة شوارع رام الله، وبخاصة اشجار شارع يافا المتنوعة بين هرمة وجديدة.
نحن نبني بالحجر الأبيض، وسماء بلادنا زرقاء غالباً.. وهذا وذاك يزيده جمالاً هذا اللون الأخضر، وهو لباس الاشجار الأبدي، كما هو لباس الجنود.
.. ولن أحكي عن الأشجار التي هي كانت جنرالات أرصفة رام الله، أي «صنوبر رام الله» الغريب الذي يحمل أكوازاً لا حصر لها. هذا كان زمان، لمّا كانت العصافير والطيور تجد موئلاً لها ولأعشاشها وبيوضها.
رام الله من قرية إلى بلدة صغيرة Town فإلى مدينة وحاضرة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أذين وبطين؛ حجر وشجر أذين وبطين؛ حجر وشجر



GMT 16:45 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تحليل التحليل «السياسي»

GMT 16:42 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية منظمة التحرير!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

هذه النغمة غير المُريحة

GMT 16:35 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

التغيير الدرامي لمسلمي وعرب أميركا تجاه ترمب

GMT 16:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن «الفستان الأبيض» رحلة خجولة فى أوجاع الوطن!

GMT 16:27 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عصافير عدّة بحجر واحد

GMT 16:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية والألبوم العائلي القديم

GMT 16:18 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شوية كرامة بَسْ

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 06:48 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

توقعات برج الميزان لشهر أكتوبر / تشرين الأول 2024

GMT 10:20 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

معرض الجبل للفن برعاية حركة لبنان الشباب

GMT 21:10 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 06:05 2024 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي الإنكليزي يتصدًر قائمة أفضل 10 أندية فى العالم

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 12:31 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

أفضل أنواع الماسكارا المقاومة للماء

GMT 17:22 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon