أطلّ رأس أرز البندق كما يطلّ رأس السلحفاة

أطلّ رأس "أرز البندق" كما يطلّ رأس السلحفاة!

أطلّ رأس "أرز البندق" كما يطلّ رأس السلحفاة!

 لبنان اليوم -

أطلّ رأس أرز البندق كما يطلّ رأس السلحفاة

حسن البطل

هكذا أبدأ: ملك ومملكة، او هكذا أبدأ: ملكان على مملكتين. الشجرة على مملكة النبات؛ والإنسان على مملكة الحيوان، او هكذا أبدأ: "سيل من الأشجار في دمي أتيتُ.. أتيتُ". إنها عزف درويش على كمان "لا تذكروا من بعدنا إلاّ الحياة". إنها نوطة درويشية لنشيد "نحن نحبّ الحياة ما استطعنا إليها سبيلاً".

ما الذي يحبّب درويش لشجرة السنديان؟ ربما صلابة ما في جذع خشبها السيللوزي. ما الذي دفعه لرثاء "السروة انكسرت" ربما لعلوها السامق والتفاف أغصانها على بعضها، او لأنها تبدو كمئذنة، او لأن المئذنة - الشجرة ترتدي عباءة، او لأن "الشجر العالي كان نساء / كان لغة". أو لأعشاش الطيور!

بعض الأشجار تعمّر على مدى أجيال من عمر الإنسان. الزيتون المبارك مثلاً أو الأرز الخالد مثلاً. أشجار غيرها تخّلف ذرية لها اذا قطعوا جذعها على مستوى الأرض، لكنني رأيتُ شجرة حرجية عجيبة: الجدة والابنة - الحفيدة. قطعوا جذع الجدة، فنبت لها ابنتان. إحدى الابنتين نبت لها بنت هي حفيدة الجدة.

ملك مملكة الحيوان، وسائر رعيته، ليس اكثر من رأس وذيل طويل. هذا نعرفه جميعاً قبل "داعش" وبعدها سواء كان "الملك" يشبه أفعى واقفة تدب على قدمين، او كان من رعاياها هذه الحية: "اقطع رأسها لا ذنبها".

ملكة مملكة النبات من جملتين: جملة الأغصان، وجملة الجذور، والثانية تشبه الأولى شكلاً، إن كانت جملة الأغصان كشجرة السرو، كانت جملة جذورها رأسية، فإن كانت بلوطة وارفة الفروع والأفنان، كانت جملتها الجذرية ممتدة.

أشجار كثيرة، مثمرة وحرجية، تكسرّت خريف العام الفائت تحت وطأة ثلجة مبكرة وثقيلة. شجرة تين انقسم حتى جذعها قسمين كأنهما ضحية ضربة بلطة من مارد خرافي. أشجار أُخرى أطاح الثلج بتاجها، وغيرها طوّح برأسها كما تجزّ سكاكين "داعش" رقاب ملك المملكة الحيوانية!

شجرة زينة حرجية دخيلة على أشجار البلاد فقدت رأسها بسيف الثلج او وطأته، وراحت فروعها وأغصانها تنمو وتمتد كأنها أذرع الأخطبوط. لكن، قبل ان يحول الحول فإذا الشجرة أطلت برأسها كما تطلّ السلحفاة، ورسمت في إطلالتها شكل الصليب الصغير.

سألت صاحب الحديقة الذي هو صاحب الدار عن اسمها، قال إنها تدعى "أرز البندق". من أين جاءها اسمها الثاني، وهي لا تعقد فروعها لا ثمرة تؤكل ولا ثمرة لا تؤكل؟
أعرف أن الأشجار سبقت الى الحياة كائنات مملكة الحيوان العليا، وانها ستبقى بعد فناء ملك مملكة الحيوان. تتكاثر الأشجار الحرجية لوحدها وتشكل غابات، او تتكاثر الأشجار المثمرة والحرجية بفعل الإنسان .. او تموت بسببه!

الطحالب، ثم السرخسيات، ثم النباتات الحولية او الدائمة .. ثم هذه الأشجار، التي قد يمتهنها الإنسان. كيف؟
ورود صناعية؟ نباتات صناعية؟ لا بأس .. ولكن ليس اشجارا صناعية، ولا بالذات اشجارا يتدخل مقص ومنشار الإنسان لجعلها "ترقص" غير رقصتها وترتدي ثوباً غير ثوبها.

سألت مسؤول متحف محمود درويش: ما الذي صنعتم بهذه الأشجار؟ اتركوها ترقص مع الريح رقصتها .. لا تقلدوا أشجار عمّان!

السبت تبدأ "أول نوّه". هل ستعوّض أمطار الشتاء الغزيزة شحة مواسم شتوية؟ لا أدري .. لكن هذا النبات المسمى "الطيوّن" استغل شحة الأمطار، وسيطر على حافات الطريق. نبات أوراقه دبقة، ربما كانوا يستخدمونه في خلطة الطين لبناء البيوت بديلا من التبن والإسمنت.

صحيح أن الأزهار للربيع، وبعض الأزهار للصيف، لكن هذا الطيوّن له صفوف لا تنتهي من أزهار كأنها أزرار قميص خرافي عيون صفراء زاهية او وقحة تطل من هذا الطيون كأنها عيون أفعى او نمر.

يكفيه قليل من رطوبة "الطّل" الليلي ليأخذ شهيقاً عميقاً، ثم يزفر هذا الشهيق بحساب نهاري.

لا أعرف هل سيجد الحرفيش موطئ قدم له في الربيع بعد ان احتل هذا الطيوّن المكان وتمدّد كما تتمدد "داعش".

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أطلّ رأس أرز البندق كما يطلّ رأس السلحفاة أطلّ رأس أرز البندق كما يطلّ رأس السلحفاة



GMT 16:45 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تحليل التحليل «السياسي»

GMT 16:42 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية منظمة التحرير!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

هذه النغمة غير المُريحة

GMT 16:35 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

التغيير الدرامي لمسلمي وعرب أميركا تجاه ترمب

GMT 16:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن «الفستان الأبيض» رحلة خجولة فى أوجاع الوطن!

GMT 16:27 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عصافير عدّة بحجر واحد

GMT 16:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية والألبوم العائلي القديم

GMT 16:18 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شوية كرامة بَسْ

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 06:48 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

توقعات برج الميزان لشهر أكتوبر / تشرين الأول 2024

GMT 10:20 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

معرض الجبل للفن برعاية حركة لبنان الشباب

GMT 21:10 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 06:05 2024 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي الإنكليزي يتصدًر قائمة أفضل 10 أندية فى العالم

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 12:31 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

أفضل أنواع الماسكارا المقاومة للماء

GMT 17:22 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon