إلاّ التفليسة

.. إلاّ "التفليسة" ؟!

.. إلاّ "التفليسة" ؟!

 لبنان اليوم -

 إلاّ التفليسة

حسن البطل

"سأدرك أنني قد خُدعت".. هكذا أجاب شيخ أفغاني، مسلم، متزمّت، متعبّد الدهر.. ومترهبن سؤال مستشرق أميركي: "فإن بُعثت يوم القيامة فإذا كل الناس سواسية.. لا ثواب ولا عقاب"؟
قرأت هذا في تحقيق عن "ممرّ خيبر" لمجلة "المختار ـ من ريدرز دايجست" زمن الملك محمد ظاهر شاه.
صحيح أن من الإسلام "يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم" و"لا تنس نصيبك من الدنيا" لكن ذلك الصوفي الأفغاني يريد التأكد 100% أن مصيره جنّات الخلد.
هذا سجال في الآخرة، لكن في أحوال الدنيا، حصل أن اصطدم "الرايخ روفر" بصخرة صدمة قوية فتعطّلت. يقول المستشرق إن ميكانيكيا ماهرا في نيويورك قد لا يستطيع ما استطاعه ذلك الصوفي، إذ عالج الانطعاج بضربات من الحجر، ثم جبل تربة معينة بماء وأضاف إليها أعشاباً معينة.. فصارت في قوة لحام بالكهرباء.
ليس سؤال الجنة والنار، الثواب والعقاب، هو ما يشغلني، بل هذا السؤال: هل أن مسيرة الفدائيين، والثورة، والمنظمة والسلطة، نحو الكينونة الوطنية ستنتهي إلى خدعة و"تفليسة" للمشروع؟
كنت منذ سنوات ما قبل أوسلو قد رأيت أن "الحل هو الانحلال": إما تنحلّ فلسطين في إسرائيل؛ أو تنحلّ إسرائيل في فلسطين. ستقولون هذا ماء وهذا زيت وأن هذا وذاك سيوصلنا إلى الدولة الواحدة ذات الشعبين.
أرى أن "حل الدولتين" هو المرحلة الثانية من المشروع الكياني الفلسطيني، وأن حل الدولة المشتركة هو المرحلة الثالثة من المشروع. لماذا؟
في كل شركة تتعهّد مشروعاً، هناك من يقدم الأرض أو المال أو الخبرة؛ وإسرائيل تريد الفلسطينيين شركاء غير متساوين يساعدون في إقامة المشروع اليهودي ـ الإسرائيلي ـ الصهيوني كأيدٍ عاملة يقيمون في ما تبقى من أرض وطنية لا تنفكّ عن التلاشي.
الحال، أن مشروع الكيانية الوطنية يعني نهوض فلسطين دولة من النسيان، وأن تقرير المصير الوطني يفرض على إسرائيل مساراً جديداً لهويتها. الآن، هل أن الحق في تقرير المصير صار خياراً انتحارياً سياسياً لـ "حل السلطة" وتسليم المقاليد والمفاتيح لإسرائيل؟ أو أن تقرير المصير يكون بخيار آخر هو الشرعية الدولية للدولانية الفلسطينية، أو أن إنهاء الانقسام عامل مساعد في تقرير المصير؟
يقولون: أن يكون لديك خياران خير من خيار واحد، وللفلسطينيين أربعة خيارات: استمرار التفاوض، و"حل السلطة" و"الدولة المشتركة" وأيضاً "الوصاية الدولية" برعاية الأمم المتحدة وإشراف أميركي على سير الوصاية نحو الاستقلال الوطني والدولة (مثال: ناميبيا ـ جنوب غرب أفريقيا) ولإسرائيل؟ هناك "خيار غزة" بالتحكم دون الحكم المباشر، وهناك خيار الضفة بمزيج من الاحتلال والتحكم والحكم الذاتي.. ودولة مؤقتة الحدود.
سيناقش الفلسطينيون خياراتهم في ضوء ما يستجد بعد 29 الشهر الجاري. تمديد المفاوضات مثل الاسبرين أو الأكامول، لكن "المعجزة" هي الاتفاق على خطوات عملية لإنهاء الانقسام، تعزيزاً لخيار اكتساب الشرعية الدولية الكاملة للدولانية الفلسطينية.
دار نقاش بين بن ـ غوريون ورفاقه حول إعلان دولة إسرائيل، إمّا من حيث المبدأ، أو من حيث التوقيت، أو قبول مشروع التقسيم الدولي لعام 1948.
دار نقاش ويدور بين الفلسطينيين قريب من هذا: دولتان. دولة واحدة. حلّ السلطة. وصاية دولية تقود للاستقلال.. وحتى بين رئيس السلطة وابنه الأصغر يدور هذا النقاش.
لا أعرف أي خليفة قال: "والله .. لو كانوا يؤدون لرسول الله فضلة بعير لقاتلتهم عليها". الدولة الفلسطينية ليست فضلة بعير لكنها انعطاف في مسار الصراع العربي ـ الصهيوني؛ والفلسطيني ـ الإسرائيلي ـ ومستقبل الشرق الأوسط، ومسار جديد لدولة إسرائيل.
.. ومن ثم، فإن خيار "حل السلطة" هو "تفليسة" للمشروع الوطني الفلسطيني.. وكل الخيارات الأخرى .. إلاّ هذه "التفليسة"، وأراها أشبه بعودة الطفل الرضيع إلى رحم أمه جنيناً، أو إلى "بطن الأفعى" إسرائيل؟!
دافعت عن مشروع النقاط العشر ـ برنامج السلطة الوطنية مدة 40 سنة، لأرى الحق يتجسّد في حقيقة غير مكتملة، والعلم الفلسطيني يعود ليرتفع في أرض البلاد.
الفلسطينيون ليسوا شعباً فاشلاً، ولا نضالهم كان عبثاً، لكن بعض الخيارات الارتدادية مثل "تسليم المفاتيح" تبدو خيارات انتحارية ستؤدي إلى هبوط المعنوية الوطنية فترة، ثم إلى زيادة الاحتكاك بالاحتلال الجديد، وجولة عنف جديدة.
إما أن تكون حرّاً أو لا تكون.. والفلسطينيون تنفّسوا قليلاً من هواء الحرية. قال جنرال في جيش الانتداب البريطاني: أعطِ العربي رائحة انتصار.. وحاول أن توقفه؟!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 إلاّ التفليسة  إلاّ التفليسة



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon