إلى أين من هنا

إلى أين من هنا؟

إلى أين من هنا؟

 لبنان اليوم -

إلى أين من هنا

حسن البطل

"في المحصلة: الهدنة لم تكن هدنة. كانت أداة من أدوات الحرب. حمى الله غزة". هكذا، كتب زميلي أكرم مسلم على صفحته في "الفيسبوك".
أعجبتني محصلته عن حرب متقطعة بهدن لا تُدرك تهدئة؛ وتهدئة لا تدرك اتفاقاً.
تذكرني محصلة هدن وتهدئة واتفاق وسلام بما تعرفون منسوباً إلى المفكّر العسكري الروسي كلاوزفيتز: "الحرب استمرار للسياسة بوسائل أخرى".
إلى أين من هنا؟ هذا سؤال مطروق في مفترق خيارات صعبة، لأن الحرب الجارية والحروب السالفة الفلسطينية ـ الإسرائيلية هي جولات في صراع مديد وممتد.. ومعقّد جدّاً.
جولة الحرب في غزة وعليها دخلت شهرها الثاني، وسؤالها المطروح: هل تنجح مصر "الوسيطة" في نقل الميدان العسكري إلى هدن عسكرية، فإلى تهدئة حربية.. فإلى اتفاق سياسي!
هذا سؤال يقارع جوابا ـ في فشل جولة أطول وتفاوضية جرت على مدى تسعة شهور وقادها جون كيري لنقل تسوية أوسلو إلى سلام حل نهائي للصراع، علماً أن أميركا قادت مشاريع الحل منذ أوسلو وعلى مدى عشرين عاماً.
يبدو لي أن غزة صارت تقود الضفة، و"حماس" صارت تقود غزة إلى المواجهة، بينما بدت السلطة وكأنها تقود "حماس" إلى حكومة وفاق، كانت ستقود السلطة و"حماس" إلى إنهاء انقسام طال سبع سنوات عجاف.
استشهدتُ بمحصّلة زميلي أكرم مسلم، عطفاً على خلاصة كلاوزفيتز، المعطوفة بدورها على حروب الصراع العربي ـ الصهيوني سابقاً، والفلسطيني ـ الإسرائيلي لاحقاً. كأن كل جولة حرب كانت هدنة قادت إلى حرب لاحقة.
لا عيب، كما أرى، من الاستشهاد بمحصّلة تبنّاها شاؤول أرئيلي ("هآرتس" 12 آب) وهذه خلاصتها: حينما تتحد جبهة أيديولوجية متطرفة، حتى لو كانت أصغر، مع جبهة أكبر وأكثر اعتدالاً، يتحدّد الامتزاج، بعد وقت قصير، على صورة الجبهة المتطرفة.
أرئيلي ضرب مثلاً في انتصار راديكالية لينين بعد ثورة اكتوبر 1917، وما جرى في انتخابات ألمانيا 1933 التي رفعت الحزب النازي (الوطني) وهتلر إلى الحكم.
هل نقول: إن "حماس" الأصغر من "فتح" فازت عليها في انتخابات 2006 لأنها رفعت شعارات أيديولوجية متطرفة؟ أو نقول: إن "داعش" هي الأكثر تطرفاً من "النصرة" وهذه الأكثر تطرفاً من "الجيش الحر".. إلخ!
في هدن الحرب الثالثة على غزة، صار السؤال: من خرق الهدنة؟ وتقول أميركا وإسرائيل وغيرها بعد هدنة الـ 72 ساعة الأخيرة والـ 24 ساعة التالية، أن "حماس" ملومة بخرق الهدنة.
أمّا من بدأ الحرب؟ فإن إسرائيل بدأتها في الضفة، منتهزة خطف وقتل ثلاثة مستوطنين، وأعلنت في مجراها أنها ستجتث أسس حماس في الضفة.. وهذا غير ممكن دون إضعاف الحركة في غزة.. والمسألة كلها كانت، إسرائيلياً، لتفشيل حكومة الوفاق بعدما اقتربت حماس من السلطة.
سنتجاهل قصة إسرائيل عن خلايا "حماس" التي خططت لعمليات مسلحة ضد إسرائيل تؤدي إلى فوضى شعبية في الضفة؛ وتؤدي إلى سيطرة "حماس" على الضفة.. هذه توليفة ملأى بالثغرات، وأهمها أنها جاءت بعد "اجتثاث" خلايا "حماس" في الضفة عقب اختطاف وقتل ثلاثة مستوطنين.
ما هي المسألة؟ في حكومة إسرائيل اتجاهان: واحد يقول بالحسم مع "حماس"، وآخر يقول بتقوية عودة السلطة إلى غزة، ونتنياهو؟ لا يريد الحسم مع "حماس" بل تدجينها، لكنه لا يريد أكثر تعزيز فرص عودة السلطة إلى غزة، ومن ثم التفاوض مع إسرائيل على الحل السياسي المطروح: دولتان لشعبين. لا يريد دولة فلسطينية. نقطة.
إسرائيل تريد في غزة صيغة "هدوء مقابل هدوء" وتريد الصيغة أن ترفع إلى قرار من مجلس الأمن على غرار قرار 1701 بعد الحرب مع حزب الله 2006. في السلطة يريدون قراراً من مجلس الأمن يحدّد أجل نهاية الاحتلال لفلسطين بعد وصاية دولية مؤقتة.
حول جرائم الحرب؟ شكل مجلس حقوق الإنسان التابع للجمعية العامة لجنة برئاسة وليم شاباس وإسرائيل لا تريد "غولدستون 2" وشكلت لجنة تحقيق في 82 حالة أثناء حرب "رصاص مصبوب" 2008 ـ 2009 دون أية عقوبات تأديبية أو جنائية على التجاوزات.
جرائم الحرب في "محكمة الجنايات الدولية" موضع أخذ ورد، لأنها ستدين الجانبين باقتراف جرائم حرب، لكن أي حكم "متوازن" يصدر عنها، بعد سنوات، سيعطل عودة المفاوضات بين السلطة وإسرائيل.. دون أن يتوقف تمادي الاستيطان.
على الأغلب، إذا حكّموا مجلس الأمن، فإن قراره سيكون حمّال أوجه، على غرار القرار 242، أي أنه سيكون قاطعاً في فرض الهدنة بما يريح إسرائيل وشعب غزة معاً، وغير قاطع في مسائل الخلاف الأساسية: ميناء ومطار، وهذا حصل في مشروع الهدنة المصري الأخير الذي وافقت فيه إسرائيل على فك حصار لا يشمل ميناء ومطاراً.. ولكن مع تفاوض لاحق عليهما غير محدد الأجل.
يقترح الزميل أكرم عطا الله (آراء ـ الأيام 17 آب) نقل حكومة الوفاق إلى غزة، هذا اقتراح طيب وحسن النية، لكن غير عملي مع استئناف الحرب التي أجلت برامج إعادة الإعمار.
.. ولسبب آخر: إلحاق غزة بالضفة هو المطلوب لوحدة فلسطينية، لا إلحاق حكومة الوفاق بغزة لتكون تحت ضغط وتأثير وابتزاز أيديولوجيا "حماس" السياسية والدينية.. والكفاحية.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلى أين من هنا إلى أين من هنا



GMT 15:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يخشى "حزب الله"... بل يخشى إيران!

GMT 15:30 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

متى يبدأ الدرس؟

GMT 15:16 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نحن واللحظة الحاسمة

GMT 14:54 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية واستحقاقات الحرب السرية

GMT 14:50 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... القول ما قالت «ندى» الجميلة!

GMT 14:35 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس من فراغ!

GMT 14:31 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فكرة فى الإسكندرية

GMT 14:26 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الجُزُر الصناعية

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 06:48 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

توقعات برج الميزان لشهر أكتوبر / تشرين الأول 2024

GMT 10:20 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

معرض الجبل للفن برعاية حركة لبنان الشباب

GMT 21:10 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 06:05 2024 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي الإنكليزي يتصدًر قائمة أفضل 10 أندية فى العالم

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 12:31 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

أفضل أنواع الماسكارا المقاومة للماء

GMT 17:22 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon