الأمن والاستيطان كالخيط في سَمِّ الإبرة

الأمن والاستيطان.. كالخيط في سَمِّ الإبرة!

الأمن والاستيطان.. كالخيط في سَمِّ الإبرة!

 لبنان اليوم -

الأمن والاستيطان كالخيط في سَمِّ الإبرة

حسن البطل

يتذكّر أحمد سيف حياة أسرته اللاجئة من المسميّة إلى مخيم عقبة جبر ـ أريحا بعد النكبة، ومن مخيم عقبة جبر إلى مخيم البقعة ـ الأردن بعد النكسة.
في المسميّة كان كبير إخوته، أبو حسن، ينقل على عربة يجرّها حصان محاصيل حقول الأسرة إلى الخليل وحتى قرى رام الله ليبيعها أو يبادلها. وفي عقبة جبر كان يتردد على نهر الأردن لاصطياد سمك شهي، أو تذهب الأسرة إلى الشاطئ الشرقي الأردني من النهر، للعمل كأيدٍ ماهرة ومأجورة في حقول الآخرين!
اندلعت حرب النكسة والعائلة على شاطئ النهر الآخر، ولم تتمكن من العودة لعقبة جبر، حتى عاد أحمد، بعد اوسلو، إلى زيارة مرابع طفولته في المخيم.

من عائلة زراعية في حقولها بالمسميّة إلى عائلة تعمل في حقول الآخرين، حيث «الأونروا» توزع علب السردين على اللاجئين، وليس أسماكاً طازجة بالطبع.
الآن، قصة أخرى من الأغوار، فعلى الشاطئ الفلسطيني الغربي من النهر، كان الفلاحون يزرعون ويحصدون ولا أعرف إن كان بعضهم يصطاد سمكاً اختفى من نهر صار شبه «مجرور» لمياه شحيحة وملوّثة، وصارت أراضي الكثيرين محظورة عليهم لدواع أمنية معلنة، ولأسباب سياسية ـ جغرافية صارت سافرة.

من مشروع إيغال ألون الأمني، إلى مشروع ضم المنطقة (ج) ومن بينها بالطبع الأغوار، حيث يملك فلاحون «طابو» لأرض مساحتها 5 آلاف دونم.
تعرفون أن علاقة دواعي الأمن بالاستيطان مثل علاقة سَمِّ الإبرة بالخيط أي دولة إسرائيل وأرض إسرائيل. هكذا، بعد إجراءات على مدى سنوات، صارت الـ 5 آلاف دونم في حيازة غير شرعية للمستوطنات، وفلحها واستغلها المستوطنون لزراعة التصدير المبكر للخضروات والنباتات الطبية وأشجار النخيل.
أصحاب الأراضي كسبوا دعوى قانونية أمام محكمتهم العليا لاستعادة أراضيهم، وليس التعويض عليهم لاستغلالها على مدى سنوات طويلة.

مع معاهدة سلام إسرائيلية ـ أردنية تراجعت أسباب الأمن إلى أسباب ضم المنطقة (ج) حيث 400 ألف مستوطن، مقابل 100 ألف مواطن.
لا توجد طرافة في أشكال اللصوصية الصهيونية والإسرائيلية واليهودية من التزوير حتى الانتحال.. والآن «العونطة» حيث المسألة هي كيف تعوّض إسرائيل مستوطنيها عن أرض ليست لهم، إلى أرض أخرى ليست لهم في الأغوار، أيضاً، ونقل أشجار نخيل المستوطنة إلى أرض مستوطنة جديدة مصنفة أرض دولة. الله يرث الأرض وما عليها.. وإسرائيل تريد وراثة فلسطين وما عليها!

في منطقة أخرى بين الخليل ومخيم العروب، تُدعى مستشفى «بيت البركة» نموذج آخر عن لصوصية الاستيطان لتحويله إلى «بيت هابراخا» ومن ثم مستوطنة. البيت هو البيت بالعربية والعبرية وسائر اللغات السامية، لكن كيف صارت «البركة» تسمى «براخا» بلعبة احتيال لغوية وقانونية مزوّرة عن بيوع فيها تدليس وانتحال.
نموذج ثالث حاضر هو جعل كتلة مدن بيت لحم وبيت ساحور وبيت جالا أقرب إلى «غيتو» فلسطيني تطوّقه المستوطنات والجدار الفاصل.. وأخيراً نهب أراضي وادي دير كريمزان، وراء جدار فصل لأسباب أمنية، أي لعلاقة الخيط بسَمِّ الإبرة.

ماذا عن التدريبات العسكرية المقصودة في مناطق في المنطقة (ج) وما يترتب عليها من إبعاد وطرد الناس، كما لو أن النقب لا يكفي للتدريبات ولا مناطق أخرى خالية من السكان في «صحراء يهودا» شرقي الخليل تريدها إسرائيل بادعاء «محميّة طبيعيّة»، ولا تريد أراضي دير كريمزان محميّة طبيعيّة، ولا مدرّجات بتير الزراعية المعتبرة تراثاً إنسانياً يتهددها جدار الفصل.
هذا عن صراع الأرض، ماذا عن البشر عليها؟ لواء إسرائيلي هو يسرائيل شومر يقتل شاباً في الرام برصاصة في الظهر لأنه رمى حجراً وابتعد، وكان القتيل قد خسر اثنين من إخوته برصاص الجنود.

هاكم قصة عائلة في قرية النبي صالح: الطفل محمد التميمي (12 سنة) جرى تخليصه من قبضة جندي بأيدي النساء. الابن الأكبر وعد (19 سنة) اعتقل في سن الـ (14)، وأخته عهد (13) تشارك في مظاهرات الاحتجاج، وسلام (9) أصيب برصاصة مطاطيّة.. والأب باسم اعتقل مراراً.
كل ما في المسألة أن الاستيطان ترك لقرية النبي صالح 3% مصنفة (باء) من أراضٍ مساحتها 5600 دونم مصنّفة (جيم)!

يرمكة أو برمكة؟
في عمود، الأمس، جاءت كلمة «برمكة» بدل «يرمكة». القصد هو المقارنة بين مخيمي اليرموك وعين الحلوة.. مع ذلك، لا بأس بنكبة البرامكة، فالعراق وسورية وليبيا منكوبة بـ «البرمكة» الخارجية والداخلية و»الطاسة ضايعة»!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأمن والاستيطان كالخيط في سَمِّ الإبرة الأمن والاستيطان كالخيط في سَمِّ الإبرة



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon