الاسرائيلي المشكلجي

الاسرائيلي المشكلجي !

الاسرائيلي المشكلجي !

 لبنان اليوم -

الاسرائيلي المشكلجي

حسن البطل

حصل أن طلبت من بائعة في دكانة لقرية فرنسية «قداحة بلاستيك بسيطة» مستخدماً كلمات فرنسية بتراكيب إنكليزية. باعتني الولاعة مع ابتسامة.. لكن مع تراكيب مفردات فرنسية.
الإنكليز يتسامحون مع «باد انكليش» والفرنسيون أقل تسامحاً مع فرنسية سيئة (Mauvise)، فإذا خاطبت فرنسياً بالإنكليزية، قد يقول لك: أفهمها لكن لا أتحدث بها!
لكن التسامح الفرنسي Tloerance يغيب رسمياً وبروتوكولياً، إذا تعلق الأمر بـ «الاتيكيت»، علماً أن البروتوكول قد تكون الإمبراطورية الرومانية وضعته، كما الإمبراطورية العربية وضعت تقاليد لـ «الوفادة».. وأما «الاتيكيت» فهو بروتوكول فرنسي أولاً وبالذات (كانت الفرنسية لغة السياسة والدبلوماسية في القرنين 18 و19).
أحيلكم إلى الصفحة الأولى من «الأيام» أمس، حيث استفاضت الصحف الإسرائيلية في تعييب نتنياهو لخرقه قواعد البروتوكول والاتيكيت الفرنسية، أو أحيلكم إلى صفحة «بانوراما» اليوم عن الصحف الإسرائيلية حول الموضوع.
تعرفون أن فرنسا علمانية منذ مئات السنوات، وأن مدارسها تقوم بتدريس الأديان كـ «تاريخ»، وأن شعار فرنسا ثلاثي مثل ألوان علمها: حرية. إخاء. مساواة. من ثم، يصعب على الفرنسيين تقبل تعريف إسرائيل لنفسها «دولة يهودية»، فهي لا تعرّف نفسها «فرنسا علمانية».
من تراكيب اللغة، ومراسيم البروتوكول والاتيكيت والعلمانية والأصولية، إلى خصوصية فرنسا في أوروبا، حيث تحوي أكبر عدد من الفرنسيين المسلمين (4-5 ملايين) كما أكبر عدد من الفرنسيين اليهود في أوروبا الغربية (400 ألف ـ 500 ألف).
بعد المجزرة في صحيفة شارلي ايبدو (أسبوعية شارلي) جرت في فرنسا «مسيرة الجمهورية» التاريخية فرنسياً وعالمياً، بحضور الملايين و40 من رؤساء الدول، وتلتها مقتلة في مكان فرنسي يهودي.
لم يكن نتنياهو مدعواً، لكنه دعا نفسه خلافاً للرغبة الرسمية الفرنسية، وعندما حضر خالف قواعد الاتيكيت، وزاحم بكوعيه إلى الصف الأول، الخاص برؤساء الدول، وليس برؤساء الحكومات، أو الصف الثالث الخاص بوزراء الخارجية.
الحقيقة أن «شارلي الأسبوعية» تسخر من الأديان السماوية الثلاثة، أي من المسيحية واليهودية والإسلام، ويرى إسرائيليون متدينون أنها «معادية للسامية» ومسيحيون يرون أنها معادية للكنيسة على اختلافها.
هي ليست مثل الصحيفة الفرنسية الساخرة المشهورة عالمياً (لو كانار أتشينيه ـ البطة المقيّدة) الساخرة سياسياً واجتماعياً وبأسلوب راق!
لا تريد فرنسا العلمانية ذات الجاليتين الإسلامية واليهودية الأكبر في أوروبا الغربية، أن تكون ميداناً لصراع ديني، أو تداعيات الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.
بعد إصرار وقح من نتنياهو على الحضور، وجهت باريس دعوة إلى الرئيس الفلسطيني، وعاملته كرئيس دولة مكانه في الصف الأول، ومكان نتنياهو في الصف الثاني، لكنه زاحم وناور بكوعيه ليقف في الصف الأول؟
فرنسا تعتبر أن رعاياها من المسلمين الفرنسيين هم فرنسيون أولاً، ولو اقترف بعض مواليدهم في فرنسا أعمالاً إرهابية، كما تعتبر يهودها هم فرنسيين أولاً.
لكن نتنياهو اعتبر نفسه في خطابه أمام الجالية اليهودية رئيساً ليهود فرنسا، وخاصة في خطابه داخل الكنيس الكبير في باريس، ودعاهم إلى الهجرة لإسرائيل، التي طالبت وسمحت للضحايا اليهود أن يدفنوا فيها. إزاء ذلك غادر الرئيس الفرنسي الاحتفال بمجرد وقوف نتنياهو على المنصة!
هناك مخاوف يغذيها أقصى اليمين الأوروبي الفاشي من ما يدعى «أسلمة أوروبا»، لكن أوروبا الغربية بخاصة مؤهلة لصراع ضد الفاشية والعنصرية، أكثر من أهلية الدول الإسلامية والعربية في الصراع ضد الأصولية و»الجهادية»، لأن تقاليد حرية التفكير راسخة في أوروبا الغربية بما فيها فرنسا وألمانيا بالذات.
الدليل على ذلك من ألمانيا، التي عانت وعانى العالم من الفاشية النازية، حيث شدّدت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، وهي يمينية، على أن «الإسلام ينتمي إلى ألمانيا» لأن المسلمين الأتراك هم عصب الاقتصاد الألماني.
«المساواة» مبدأ من مبادئ الثورة الفرنسية، ولا ترى فرنسا في «دولة يهودية» وجود مساواة بين رعاياها، كما لا ترى في الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين يتطابق مع مبدأ «الحرية».
وقاحة نتنياهو في خرق الاتيكيت والبروتوكول، وتدخله في علاقة فرنسا برعاياها اليهود، أثار أزمة بين الرئيس اولاند ورئيس الوزراء نتنياهو، كما توجد أزمة شخصية في العلاقة بين نتنياهو والرئيس باراك اوباما.
وفي النتيجة؟ قد تشدّد فرنسا من مشروعها المقترح على مجلس الأمن بخصوص الدولة الفلسطينية في الربيع المقبل.
هناك كتاب عن «الأميركي الوقح» ويبدو أنه سيكون كتاب عن «الإسرائيلي الوقح».

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاسرائيلي المشكلجي الاسرائيلي المشكلجي



GMT 16:45 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تحليل التحليل «السياسي»

GMT 16:42 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية منظمة التحرير!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

هذه النغمة غير المُريحة

GMT 16:35 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

التغيير الدرامي لمسلمي وعرب أميركا تجاه ترمب

GMT 16:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن «الفستان الأبيض» رحلة خجولة فى أوجاع الوطن!

GMT 16:27 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عصافير عدّة بحجر واحد

GMT 16:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية والألبوم العائلي القديم

GMT 16:18 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شوية كرامة بَسْ

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 06:48 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

توقعات برج الميزان لشهر أكتوبر / تشرين الأول 2024

GMT 10:20 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

معرض الجبل للفن برعاية حركة لبنان الشباب

GMT 21:10 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 06:05 2024 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي الإنكليزي يتصدًر قائمة أفضل 10 أندية فى العالم

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 12:31 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

أفضل أنواع الماسكارا المقاومة للماء

GMT 17:22 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon