الانتفاضة البطِّيخيّة

الانتفاضة.. البطِّيخيّة ؟!

الانتفاضة.. البطِّيخيّة ؟!

 لبنان اليوم -

الانتفاضة البطِّيخيّة

حسن البطل

يُقال: سُئِلَ الخليفة عمر (رضي الله عنه) عن معنى ما ورد في سورة "عَبَسْ" من ".. وفاكهة وأبَّا" فقال: أمّا الفاكهة فهي التي نعرف وتعرفون، وأمّا "أبَّا" فوالله لا أعرف ما لا تعرفون؟ وصرنا نعرف أن لملك فواكه الصيف "البطِّيخ" فوائد عدّة، من بينها أنه "فياغرا" بلا عوارض جانبية، وأن "ملوك البطِّيخ" الفلسطينيين "سَلَّمُوا" تاج الملكية، منذ ربع قرن، إلى البطِّيخ الإسرائيلي، بعد بوار البطِّيخ الفلسطيني بسبب مرض في تربته تعرف بـ "الناموتودا".. فوالله لا أعرف ما هو هذا المرض، لكن علماء النبات اليابانيين، من وكالة "جايكا" توصَّلُوا إلى إحياء "رميم" البطِّيخ الفلسطيني، عن طريق تطعيم جذره على جذور القرع واليقطين القويّة. وعاد للبطِّيخ "ملوك" ليس في البيع، ولكن في زراعته وقطفه، مثل الفلاح محمد دراغمة، أحد ثلاثة مزارعين في طوباس وجنين وأريحا، خاضوا مغامرة الاستيلاد الباهرة. الخطّة البطِّيخيّة الخمسيّة الفلسطينيّة هي سدّ حاجة السوق الوطنية، لأن السنة البطِّيخيّة الأولى لا تسدّ سوى حاجة 5% من الفجيعة البطنية البطِّيخيّة الفلسطينية. قبل ربع قرن كانت فلسطين "مملكة" البطِّيخ للأسواق العربية من إنتاج 30 ألف دونم، وكنّا ننتظر في الشام "بطِّيخ الأغوار" ذا القشرة الرقيقة والبذور الوافرة، والطعم الشهيّ جدّاً، ثم تعد أمّهاتنا البزر "للقزقزة". في الإنكليزية يقولون عن البطِّيخ وأخيه الشِمَّام "ميلون" و"ووتر ميلون"، لكنهم يبيعونه حزوزاً مغلّفة بالسيلوفين، ونحن نشتريه بطِّيخة كاملة (وفي غزّة كان أبونا يشتري مؤونة بطِّيخيّة، لا نخشى أن تفسد بعد شهر). البطِّيخ الإسرائيلي "محقون" بالهرمونات، ويفسد "يمغمغ" بعد أيام من فتحه (شقحه) ووضعه في البرّاد، وهم يزرعونه على شواطئ البحر الميّت، ويطرحونه في السوق بدءاً من "عزّ الشتاء" في كانون الثاني.. بلا طعم أو حلاوة نكهة بطِّيخيّة. تقال أسباب سياسية ووطنية وأمنية لتمسُّك الفلسطينيين بالأغوار، ومنها أنه سلّة فلسطين الغذائية، وسوف يصير سلة فلسطين البطِّيخيّة، مع سهول طوباس وأريحا وجنين، وبالذات "سهل البقيعة" في طوباس "الشفا ـ غورية". تُذكِّرني الانتفاضة البطِّيخيّة برواية النائب في الكنيست المرحوم محمد وتد عن "زغاريد المقاثي" وهذه تشمل البطِّيخ وأولاد خالته وعمومته من القرع واليقطين والخيار والفقُّوس وحتى البامية، أيضاً، لأنها تطلق صوتاً هو "زغرودة" وقت أن تنضج. كان العلم الفلسطيني محظوراً، وكانت البطِّيخة تحوي ألوان العلم! وقال صديق لغوي إن "المقاثي" من قوت ـ يقتات على الشيء، وحرفت إلى "مقاثي" وفي المصرية "مآتي"، ومنها "خيال المآته" المسمّى في فلسطين "فزّاعة" العصافير. من المؤسف أن حصة الزراعة في الناتج القومي الفلسطيني لا تتعدى اليوم 4% وكانت 40% قبل حرب النكسة، ولا غضاضة في الأمر لأن 1% من الفلاّحين الأميركيين يشتغلون في الزراعة ويطعمون البلاد ونصف العالم، وتقول إسرائيل إنها ملكة "الثورة الزراعية" عن طريق أساليب وفرة الإنتاج بالاستيلاد والهرمونات. هذه المرة سبقنا إسرائيل في استيلاد البطِّيخ المقاوم بتطعيمه على جذور القرع القوية والطويلة، كما وننافسها في إنتاج تمور "المجهول" الزاكية في الأغوار، وتبقى إسرائيل ملكة البرتقال الذي يحتاج مياهاً وافرة لا تتوفر كثيراً في بلاد السلطة. هل نأمل أن نكون في بداية "انتفاضة زراعية" تتغلّب على شُحّة المياه، رغم فقر السلطة في دعم المزارعين، مقابل دعم إسرائيل لمزارعيها، الذين يشغلون أيدي عاملة فلسطينية وأجنبية. للأسف، قيل الكثير في مديح جامعة النجاح، والثناء على رئيسها الذي صار رئيس الحكومة الـ 15، لكن أوّل من أمس، خرّجت "النجاح" الفوج 33 فماذا وجدت؟ تخصُّصات خرّيجي فروع كلية الشريعة أكثر من مائة وخمسين خرّيجاً، وخرّيجو تخصّصات كلية الزراعة لا أكثر من 22 خرّيجاً، ومنهم خمسة فقط في مجال الوقاية من الأمراض النباتية، أي منع انتكاسة المزروعات، كما انتكس البطِّيخ قبل انتفاضته الجديدة. حسب خطّة الانتفاضة البطِّيخيّة خماسية السنوات، سنأكل هذه الثمرة الشهيّة، المقويّة "للباه" أي للجنس، طيلة خمسة شهور في العام، وبعدها سننافس البطِّيخ الإسرائيلي، إلى أن نُحرّر سوقنا من احتلاله. نقلا عن جريدة الايام

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتفاضة البطِّيخيّة الانتفاضة البطِّيخيّة



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon