الايقاع الخامس

الايقاع الخامس

الايقاع الخامس

 لبنان اليوم -

الايقاع الخامس

حسن البطل

هب أن آلة عزف موسيقية فردية ذات خمسة أوتار، او هب أن للدورة السنوية في بلادنا اربعة فصول، وقد لا نحسّ إلا بالفصلين المتطرفين: الشتاء والصيف. هل أقول إن للسنة الهجرية في بلاد الاسلام، وللمسلمين في غير بلاد الاسلام، ايقاعا خامسا هو الذي يقلب العبادات والعادات، اكثر من ايقاع ارتداء المعطف شتاء، والكم القصير صيفاً. دأبت الصحف اليومية الفلسطينية على مواكبة أيام رمضان بصفحتين، فهل أظن ان اهم زوايا الصفحتين هما زاوية مطبخ رمضان، ومسابقة رمضان، وربما تليهما زاوية الطرائف والنوادر الرمضانية؟ ستقرؤون في عناوين رئيسية لصحف يوم السبت عن اعداد المصلين في باحات الحرم القدسي، بمناسبة الجمعة الثالثة من رمضان، وربما يتجاوز العدد ثلث المليون بعد التسهيلات الاسرائيلية، وقد يقارب الـ ٤٠٠ ألف في الجمعة الاخيرة من رمضان، او في ليلة القدر. رمضان نبضة كبيرة في اسواق مدينة القدس، وفي الحرم القدسي بخاصة، ولا أظن أن عديد المتدينين اليهود امام حائط المبكى يمكن مقارنته بحشود المؤمنين في الحرم القدسي. لن ألتفت الى مشاكل سياسية في الحرم، حيث المؤيدون للرئيس المصري المعزول، او المؤيدون للثورة المصرية الثانية، او من يرفعون صور الاسرى مقابل صور الرئيس المصري المعزول. هناك في باحات الحرم من يدعو للبّر والاحسان عن حق، لكن هناك من يدعو الى ذلك عن غير حق. مثلاً: زار صديقي وهو مصور مخضرم من ايام الثورة في لبنان ومعارك بيروت، الحرم القدسي مع زوجته. بماذا فوجئ؟ امرأة محجبة تماماً مع نقاب على وجهها لا يكشف سوى عن عينيها، وقفازات سود في كفيها. لماذا فوجئ؟ انها تطلب الاحسان لثلاثة أطفال "يتامى" الأب والأم من الفلسطينيين في سورية، لكن الاطفال الثلاثة على شكل بتلات وردة ثلاثية، ليسوا إلاّ اطفال زميلي المصور وزوجته، وهم ليسوا يتامى، بل صورة فنية (فوتو - شوب). المحجبة - المنقبة ذات الكفوف السود على كفيها اصرّت على أنهم "يتامى" فالتقط المصور صورتين واحدة لأم الاطفال زوجته "ام محمد" والاخرى لصورة طالبة الاحسان المنقبة - المحجبة الى جانب الملصق؟! كيف يضخم هذا الاستعطاء الكاذب شهر العبادات والعادات والبرّ والاحسان، والى من وعلى من يشتكي صديقي المصور عندما يشحذون على صور اطفاله الاحياء وأمهم وأبيهم على قيد الحياة. يقال في العادة ان الاسلام صالح لكل زمان ومكان، لكن يقال في "الانترنت" ان المسلمين في النرويج فرض عليهم الصيام ٢١ ساعة يوميا، وعليهم الافطار والسحور معاً، وان كان الجو البارد هناك ينفي الحاجة الى "قيلولة" تصادف هذا الرمضان شهر صيف قائظا في منطقتنا، لكن في الارجنتين، وهي في نصف الكرة الجنوبي خلاف النرويج، فإن ساعات الصيام لا تتعدى الـ ٦ ساعات، اي فترة بين وجبتين! لرمضان الكريم "نكهته" في مائدة الافطار، وايضاً نكهته على بسطات شوارع المدن حيث النكهة هي الموالح والمخللات الى جانب الحلويات: نكهة شهر مالح حلو، وهذا صيفاً او شتاء، لأن دورة رمضان في السنة الهجرية تجدد مواقيتها على مرّ الفصول الاربعة. من يمشي في اسواق المدينة سيلاحظ ايقاعاً جانبياً يرافق الايقاع الرمضاني، وهو ان حوانيت الاطعمة أساساً والمقاهي وربما غيرها، تنتهز فرصة شهر الصيام لتجديد ديكورات المحلات او تحسينها. هذه مفارقة معينة، لأن عمال الديكور يشتغلون عملاً شاقاً وهم صيام، لكن لاحظت ان "ورشات" النقاش الفكري والسياسي تختفي في شهر الصيام، ربما لأن التفكير يتعطل في حالة الجوع، وأما الشغل الشاق فلا يتعطل؟ لعل أجمل نبضة في ايقاع رمضان هي الساعة التي تسبق ساعة الافطار، ونصف الساعة التي تلي الافطار، حيث تخلو شوارع المدينة، وتغلق معظم الحوانيت ابوابها .. ولكن تعود النبضة الى اقوى حالاتها حتى الساعة الثانية ليلاً، حيث يحلو المشي واكل البوظة وتدخين الشيشة .. ومن ثم اذهب الى النوم بينما الاولاد الصغار يلهون في الحارات انتظاراً للنوم بعد السحور. .. وهذا الرمضان مزدوج الايقاع، بعد اعلان نتائج امتحانات التوجيهي؟!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الايقاع الخامس الايقاع الخامس



GMT 19:47 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي

GMT 19:45 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

هجرات جديدة على جسور الهلال الخصيب

GMT 19:43 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الخيط الأميركي

GMT 19:39 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي في واشنطن استمرارية أم انعطافة؟

GMT 19:38 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

السينما الإيرانية.. السؤال الحائر من «الجونة» إلى «القاهرة»!

GMT 19:34 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لا فرصة للعرموطي برئاسة مجلس النواب

GMT 19:30 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الصندوق؟!

GMT 19:27 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلاهما مُر

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات اسرائيلية على جنوب لبنان وصواريخ تطلق نحو الجليل
 لبنان اليوم - غارات اسرائيلية على جنوب لبنان وصواريخ تطلق نحو الجليل

GMT 13:59 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:41 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 09:34 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنظيم مكتب الدراسة وتزيينه في المنزل المعاصر

GMT 12:35 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

"تي باو" تطلق اللاب توب Tbook X11 الجديد

GMT 21:10 2021 الثلاثاء ,14 أيلول / سبتمبر

طنجة عروس شمال المغرب افضل وجهات شهر العسل لصيف 2021

GMT 21:45 2023 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

ديكور أنيق يجمع بين البساطة والوظائفية

GMT 19:09 2023 الأحد ,09 إبريل / نيسان

تنانير عصرية مناسبة للربيع
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon