الحاوي بلحيته وطاقيته  ولسانه

"الحاوي" بلحيته وطاقيته .. ولسانه

"الحاوي" بلحيته وطاقيته .. ولسانه

 لبنان اليوم -

الحاوي بلحيته وطاقيته  ولسانه

حسن البطل

سيجُرّنا الاشتقاق اللغوي للكلمة (من آذاننا لا من عقولنا: الأذن تعشق.. إلخ) إلى العثور على "سبط آشر" الثاني عشر. أمّا اشتقاقات أشكال حروف اللغات السامية، فسوف تجرّنا (من عيوننا هذه المرة) إلى "سبط دانئيل".

الداعية، المؤمن بما يدعو إليه من ضلال، يعتمر قلنسوة (حثّية!) تتواضع أمامها رقعة صغيرة على أم رأس رئيس الكنيست (سابقا) ابراهام بورغ (النجل اليساري لزعيم "المفدال" الديني اليميني).

بعد الاشتقاقات للغة ولحروف اللغات السامية (الواحدة في الأصل) سوف نصل، بطبيعة الحال، إلى اللحى، الشعر الطويل.. ولباس قبائل الباثان الأفغانية. وحتى رقصة الدراويش.. وهكذا، فإن الطالبان في بلاد الأفغان يقودون، في درب الإسلام الأصولي، ذراري سبط دانيال (أو أي سبط آخر). إذن، يجب هدايتهم إلى يهوديتهم.

المستمعون للداعية، لا يميّزون حروف اللغة السنسكريتية عن حروف اللغة الآرامية، فكيف يميّزون الآرامية عن العبرية.. والعربية.

المستمعون آسيويون وثنيون. صفحات بيضاء يمكن لك (للداعية هذا) أن تنقش، على آذانها وعيونها (فعقولها بالتالي) كل التباسات الاشتقاقات: من خيبر الممر إلى خيبر القبيلة، ومن نهر حوبور إلى نهر الخابور.. ثم يقودونك إلى حجر عتيق في ممر خيبر حيث نقش باللغة الآرامية القريبة من العبرية (من حيث الشكل) فترى أن حروفاً عربية للغات الأفغانية والباكستانية تبدو غريبة (لأنها صارت تُكتب موصولة) في حين أن الآرامية والعبرية ذات حروف منفصلة.

والناس من البساطة والسذاجة بحيث لا يُدركون أن "المسمارية" منفصلة الحروف (ولهذا تُكتب اللغات السامية من اليمين إلى اليسار، لأن المطرقة في اليد اليمنى).
لا تنتهي رواية الداعية ليوم الخلاص اليهودي - المسيحياني الوشيك في أرض فلسطين، إلاّ عند حائط المبكى: جندي "فالاشي" أثيوبي (من سبط يهودي) إلى جانب جندي يهودي من بلوشستان.. وهكذا تتحقق نبوءة التوراة عن عودة أسباط بني إسرائيل. ما الذي يبقى؟
يجب العثور على "سبط آشر" لأنه يشبه مثلاً، من حيث كرم المحتد، قبيلة قريش وبيت آل هاشم الكرام. وهكذا، تنعطف الأسهم على الخرائط باتجاه جنوب لبنان (الكنعانيون - الفينيقيون سبط آخر) ثم تحملك عَبر المتوسط، إلى جزيرة جربة التونسية. لماذا؟ لأن السبط الطاهر هو سبط آشر، وفي هذا السبط سدانة "الكهانة".

الشعب المختار ليس سواسية في أسباطه الـ 12 (لاحظ السحر في الرقم 12 كما في أرقام أخرى).

الكاهن هو كوهين. (المستمعون لا يُدركون تشابه الأسماء العربية والعبرية، ولا تشابه المفردات، ولا أسماء الإشارة، ولا وحدة جذر الكلمات الأساسية: شمس، أرض، حياة، موت، قبر، بحر... إلخ!

ما فعله ذلك الداعية اليهودي في رحلته السينمائية (فيلم آخر الليل، القناة الأولى للتلفاز الإسرائيلي)، يكاد يكون رحلة معاكسة، في الطريق ذاتها، التي سلكها كمال الصليبي في كتابه الشهير "التوراة جاءت من الجزيرة العربية".
لو أن كبير علماء الألسنية، نعوم شومسكي (وهو يهودي) استمع إلى رواية الداعية، الملأى بالتركيبات التاريخية الملفّقة المبنية على اشتقاقات الكلمة وتشابهات الحروف.

تشومسكي لا يستمع إلى ألاعيب أولاد وحواة أيديولوجيين - خلاصيين. إنه يكتب، بعد الانتفاضة الثانية، مسفهاً السياسة الإسرائيلية، وساخراً من هذا اللغو اللغوي - البصري - الأزيائي.

كان الباحث اللغوي علي الشوك، خبير اللغات الشرقية، قد جاس، على صفحات "الكرمل" في مرحلتها القبرصية، في اشتقاقات الصوت، والحروف والكلمات، في رحلة للبحث عمّا يوحّد الإنسان في اللسان، باعتبار اللغة البشرية ذات ميّزتين: إبداعية (تصلح للكلام عن كل شيء) وتجريديّة لا حسّية، (صيحة الحيوان حسّية).. بينما لغة الدلافين تقتصر على صيحة الغذاء (وجبة سمك) وصيحة التكاثر في موسم التزاوج.

الفارق بين الشمبانزي "الذكي" وطفل الإنسان الساذج، أن الشمبانزي قد يتعلم 150 كلمة، دون أن يبدأ بتشكيل جملة بسيطة، بينما طفل الإنسان يبدأ مع 100-150 كلمة في تشكيل جملة.

غير أن الهذر واللغو اللغويين يكفيان داعية ليسحر البسطاء بزيغ بصري وزيغ سمعي.. إلى أن يقود "الأسباط" للوقوف كجنود إسرائيل عند حائط المبكى؟!

إنها وجبة لغوية مثل "السيريلاك" المقدّم للأطفال. لماذا؟ حليب وحبوب.. وجبة مغذية وطاهرة (حلال = كوشير)، ولعل "كوشير" ليست إلاّ "الكشك" وهي حبوب وحليب. والمستمعون للداعية كأنهم أطفال.

في إحدى قصائده، يقول الشاعر محمود درويش: تاريخهم تاريخنا / لولا الخلاف على مواعيد القيامة.

.. ولولا الخلاف على ما بعد القيامة. المسلمون يحلمون بجنة في السماء و"الحياة الآخرة" واليهود يؤمنون بالنعيم الأرضي.. بعد إعادة بناء الهيكل. عند هذا الخلاف يتوقف اللغو في اللغة.

.. ونحتكم إلى أبسط الأسلحة: الحجر، وأبسط البطولات: الموت في سبيل قضية عادلة.

.. وللسينما أن تلغو بالأساطير من "تابوت العهد" إلى .. سبط دانئيل وآشر.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحاوي بلحيته وطاقيته  ولسانه الحاوي بلحيته وطاقيته  ولسانه



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon