الحرب الأصعب؛ ميني جينوسايد

الحرب الأصعب؛ ميني "جينوسايد"!

الحرب الأصعب؛ ميني "جينوسايد"!

 لبنان اليوم -

الحرب الأصعب؛ ميني جينوسايد

حسن البطل

"نحن بخير. كانت ليلة صعبة. القنابل الضوئية حولت ليل غزة إلى نهار، والغارات ظلّت حتى الصباح، مع قصف بحري مكثف، ومدافع الدبابات، وأصوات طائرات الاستطلاع المزعجة جداً. المعاناة تكبر، ومع كل يوم جديد، وتصعيد آخر".
هذا مرسال "مسيّج" ابن العم محمد البطل، ابن عمي وقريبي الوحيد في طول البلاد وعرضها، بعد وفاة ابنة الأخت انعام البطل، زوجة ابو ليلى.
كانت ليلة ليلاء ٢٩ تموز، ذكرّتني بأيام بيروت إبان اجتياح لبنان، وذكرتني، ايضاً، بأن ابن العم عاش اهوالها، وخرج منها وجسمه مليء بالشظايا.
ليس لي أسرة في هذه البلاد، تشاركني الصحن ورغيف الخبز. من قال "وحيد كالأنبياء" غير أنني مجرد مواطن لا نبي .. ومن ثم قلقي يذهب الى اسرة ابن العم، سكرتير المجلس الثوري - فتح، وحفيد المرحوم عيسى البطل، قائد "الكف الاسود" في تنظيم "عز الدين القسام".
على شريط الاخبار ان مجزرة في خان يونس أودت بحياة ١٦ فرداً من أسرة - عائلة - آل النجار، وهم اقرباء زميلي عبد الناصر النجار. يقولون "انقطع حرثه ونسله" وحسب معلومات زميلي حافظ البرغوثي، فإن زهاء ٥٥ اسرة / عائلة ممتدة قد ابيدت عن بكرة أبيها.
لا أدري عدد العوائل التي فقدت أما او أباً او اشقاء واخوة، او التي بقي منها فرد واحد او اثنان.
الاسرائيليون يقولون: أنا ناج من المحرقة؛ والمحرقة النازية ادخلت الى تعريف ابادة شعب مصطلح "جينوسايد" .. وما يجري في غزة، من ابادة أسر / عائلات ممتدة، هو "جينوسايد" صغير او "ميني جينوسايد" وأظن ان هذه ثاني مرة تحصل فيها مذابح او مجازر تودي بحياة عائلات بكاملها، بعد ما حصل في صبرا وشاتيلا.
لا أعرف مصير طفلة فلسطينية اخرجتها قذيفة شقت بطن امها، وجرحت كاحلها، وحملوها الى ياسر عرفات فسماها "فلسطين". لعلها اليوم شابة وربما صارت أماً.
أعرف مصير الكادر سامي، الذي ابيدت عائلته: الأب والأم والابنة الوحيدة، في انفجار حصل في حرب ١٩٨٢ ببيروت، بينما كان يوصل ابنته الى المدرسة.
على كثرة وتعدد الحروب التي عشتها في حياتي، فلعل هذه الحرب الجارية على غزة اصعبها، وحتى هي اصعب من الحرب على المخيمات في بيروت، التي تلت الخروج الفلسطيني ١٩٨٢.
وأنا أكتبُ هذه الكلمات، تلقيت مرسالاً "مسيجاً" اخر من ابن العم. هذا نصه: "تسلم يا ابن العم. انت اخانا الكبير في الوطن. نحن بخير. مرت علينا ليلة أخرى صعبة. الاوضاع الانسانية تزداد مأساوية ساعة بعد ساعة. لا ماء. لا كهرباء في اغلب المناطق. طوفان المهجرين يشبه النكبة".
في قطاع غزة مليون و٨٠٠ الف مواطن فلسطيني، وتجاوز عدد المهجرين من بيوتهم الـ ٣٠٠ الف مواطن اي انه خلال ٢٤ يوما من الحرب بلغ عددهم نسبة لعدد السكان ما يقارب عدد المهجرين السوريين في بلادهم خلال ثلاث سنوات من الحرب الاهلية، لكن للمهجرين السوريين بلادا مجاورة يلجؤون اليها، او بلاداً غير مجاورة يهاجرون اليها، وأما غزة؟ فليس لشعبها حتى خيار طارق بن زياد في جنوده: البحر من ورائكم والعدو من امامكم .. وليس لكم الا الصبر (أو النصر؟).
يقول صديق على الفيسبوك: سوف تضع حرب غزة اوزارها، وستقول بعد الحرب جهات كثيرة: انتصرنا. العدو سيدعي نصره، والمقاومة ستدعي نصرها، والدول التي تنفخ في اوار الحرب ستقول ان النصر نصرها، والدول التي تحاول اطفاء النار ستقول انها المنتصرة سياسياً.. لكن هؤلاء ينسون ان ٥٥ عائلة أبيدت عن بكرة ابيها.
مع ذلك، كل حرب هي اختبار ارادة بخاصة "الحرب الوطنية" كما الجارية في غزة، ولو كانت ابشع الحروب هي الحروب الاهلية الجارية في بلدان الجوار العربي.
لا ضرورة للقول "يا وحدنا" ولعل العبارة هذه استخدمها في وصف حروبنا (مع العرب ومع العدو) كمال ناصر، لكنه اخذها من الجيش الجمهوري الايرلندي.
في رواية "الامل" عن مشاركته في الحرب الاهلية الاسبانية، يقول اندريه مارو: لا ضرورة للتفجع الزائد لعملية اختبار الارادة.
ما يجري في غزة هو ارادة تقارع ارادة، ولكن لا بأس ببعض التفجع الضروري لآلام ومصائب هذه الحرب.
الشعب الفلسطيني عصي على الإبادة.

 

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب الأصعب؛ ميني جينوسايد الحرب الأصعب؛ ميني جينوسايد



GMT 15:30 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

متى يبدأ الدرس؟

GMT 15:16 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نحن واللحظة الحاسمة

GMT 14:54 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية واستحقاقات الحرب السرية

GMT 14:50 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... القول ما قالت «ندى» الجميلة!

GMT 14:35 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس من فراغ!

GMT 14:31 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فكرة فى الإسكندرية

GMT 14:26 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الجُزُر الصناعية

GMT 16:45 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تحليل التحليل «السياسي»

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 06:48 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

توقعات برج الميزان لشهر أكتوبر / تشرين الأول 2024

GMT 10:20 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

معرض الجبل للفن برعاية حركة لبنان الشباب

GMT 21:10 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 06:05 2024 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي الإنكليزي يتصدًر قائمة أفضل 10 أندية فى العالم

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 12:31 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

أفضل أنواع الماسكارا المقاومة للماء

GMT 17:22 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon