حسن البطل
23.320 عدد قتلى إسرائيل، منذ ما قبل الدولة وحتى الآن، وعدد ضحايا المحرقة النازية 6 ملايين، وليس 5.9 مليون ولا 6.1 مليون.
في تلاعب بيبي بين الهستوريا (التاريخ) والهسترة والكذب، حول هتلر والمفتي، تلقى سيلاً من السخرية والانتقاد التهكمي.. والجدي، ومن الأخير قال أحد الإسرائيليين بين 6 ملايين خلال سنوات النازية و23 ألفاً، خلال 120 عاماً من الصراع العربي ـ الصهيوني، والفلسطيني ـ الإسرائيلي، ما يكفي لتسفيه هدف وقدرة الفلسطينيين في «إبادة الدولة اليهودية».
دأب نتنياهو ورهطه على نعت أبو مازن بـ «ناكر المحرقة» استناداً إلى بحث لدكتوراة فخرية روسية صار كتاباً حولها.
إنه ليس مؤرخاً، لكنه تساءل: لماذا 6 ملايين وليس 5.9 مليون أو 6.1 مليون (سداسيات اليهودية والإسرائيلية).
في كتابه «كفاحي» يحتقر هتلر اليهود والعرب الساميين وكذلك، السود والصفر، ويعظّم «العرق الآري»، سوى أن العرب الساميين ليسوا مسؤولين عن هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى.
هناك مؤرخون يدّعون أن رقم الـ 6 ملايين يشمل ضحايا النازية من «الغجر» المحتقرين، أيضاً، وربما ألمانا معوقين، أيضاً، وسلافيين، ومؤرخون آخرون يدرجون ضحايا اليهود على أيدي مسيحيين لا ساميين، بناء على زعم أنهم صلبوا المسيح، وقالوا: دمه علينا وعلى أولادنا.
.. وصار دم اليهود على كاهل المفتي، وعرفات وأبو مازن والفلسطينيين، لأنهم ينكرون «الدولة اليهودية» ولو اعترفوا باليهودية ديناً، وبالإسرائيليين شعباً.
إليكم حواراً دار أخيراً بين صحافي إسرائيلي ورئيس السلطة، قبل الأحداث الجارية: هل تعترفون بالشعب اليهودي؟ نحن نعترف بالشعب الإسرائيلي. هل يشمل الشعب الإسرائيلي الفلسطينيين فيها؟ لا.. هم جزء من الشعب الفلسطيني.
الصحافي المحاور استنتج من ذلك اعتراف أبو مازن بأن غالبية الشعب الإسرائيلي هم من اليهود، كما غالبية الشعب الفلسطيني من المسلمين (ولو قيل: كان بعضهم يهوداً، ثم صاروا مسيحيين، ثم صاروا مسلمين).
سنقفز عن سؤال المفكر اليهودي اسحق دويتشر في مؤلفه «من هو اليهودي» وعن كتاب الإسرائيلي اليهودي شلومو ساند: «اختراع الشعب اليهودي».
فإلى مطالب بيبي من الفلسطينيين الاعتراف بـ «الدولة اليهودية القومية» استناداً إلى قرار التقسيم الدولي للعام 1947. آنذاك، لم يكن بن غوريون اختار اسم إسرائيل (مصارع الربّ؟) لدولته، ولم تكن «الدولة العربية» اسمها فلسطين.
بعد زلّة لسان أبو مازن عن الطفل أحمد مناصرة، اتهموه في إسرائيل بـ «الكذاب ـ شكاير» وزلّته لا تقارن بكذبة بيبي عن الفوهرر والمفتي، ولا بتصريحين متناقضين خلال أسبوع، حيث قال بالعبرية: أنا أكثر من شجع توسيع الاستيطان؛ وبالإنكليزية: أنا أقلّ من أصدر توسيع الاستيطان مقارنة بأسلافي.
مع هذا، فإن أمين سر اللجنة التنفيذية، صائب عريقات زلّ لسانه تعقيباً على تصريح بيبي عن الفوهرر والمفتي ونيّة الفلسطينيين «إبادة الدولة اليهودية».
حسب ما نشرت «الأيام» يوم 22 الجاري قال عريقات إن بيبي: «برّأ هتلر تماماً من الإبادة البشعة والمدانة للشعب اليهودي». وقال، أيضاً: «مجرم الحرب الأكثر شهرة في العالم، أدولف هتلر، الذي قتل 6 ملايين يهودي خلال المحرقة» «شعب يهودي»؟ و»ستة ملايين خلال المحرقة» هل هذه زلّة لسان؟
المحرقة، بالعبرية هي «شوآه» أي من الإماتة شيّاً بالنار، أي أن أفران الغاز هي «مشاوي»، وواحد إسرائيلي ذكي تساءل: كيف ستحتفل إسرائيل، في العام 2016 بذكرى المحرقة، مادامت المستشارة ميركل قالت: «هذه فعلتنا ومسؤوليتنا» وقال بيبي: «هذه مسؤولية المفتي».
.. وكان شمير قال مبرّراً ذهابه إلى مؤتمر مدريد: «من أجل أرض إسرائيل يجوز الكذب».
مقالة ذكية ؟
Ori Nir (صحافي قديم في «هآرتس» ـ سابقاً، ومقيم حالياً في نيويورك):
تعقيباً على عمود: «من هو الفلسطيني، ومن هو الإسرائيلي»، الجمعة 23 الجاري.
أودّ أن أتشارك، في هذه المقالة الذكية، مع صديقي حسن البطل، كاتب العمود اليومي في جريدة «الأيام» الفلسطينية. إن في عموده نفساً طريّاً في التفكير والكتابة السلسة.
لسوء الحظ، لا تتوفر عن «الأيام» طبعة بالإنكليزية، وأما ترجمة «غوغل» الالكترونية فلا تفي المقالة حقها.
باختصار، في مقالته هذه يتعجّب الكاتب، في الاشتباك الحالي بدوامة من العنف العشوائي والدم، من اشتباه في تمييز سحنة وملامح الفلسطيني عن الإسرائيلي. إنهما يبدوان متشابهين، وهما كذلك فعلاً.
حسن كان، لسنوات طويلة في المنفى، أحد الخبراء البارزين في السياسة والمجتمع الإسرائيليين. إنه ليس ذكيّا فحسب، بل في كتاباته المعتدلة حقاً، نَفَس إنساني. لذلك، أُكنّ له احتراماً عميقاً.