حسن البطل
هل أقول: إن الدورة الـ 23 للمجلس الوطني ربما (أو يجب!) أن تكون المفصل الثالث أو الرابع، بعد دورة التأسيس في القدس (الميثاق القومي)، والدورة الـ 12 في القاهرة (برنامج السلطة الوطنية)، والدورة الـ 18 في الجزائر (برنامج الاستقلال والدولة)؟
ليست المسألة مكان انعقاد الدورة في أرض البلاد، فقد سبقتها الدورة الـ 3 في غزة العام 1966، الدورة الـ 21 في غزة 1996، وكانتا عادية، والدورة الـ 22 الخاصة في رام الله 2009 لإلغاء بنود من الميثاق الوطني، وانتخاب أعضاء جدد في ل/ت.
ليس السؤال، أيضاً، هل هي دورة عادية أو استثنائية، أو "ترقيع" أعضاء ل/ت أو انتخاب لجنة جديدة، لكن لنبحث عن تناقض داخلي في الدعوة إلى تفعيل م.ت.ف ومؤسساتها، والدعوة من الجهات ذاتها إلى إلغاء أوسلو، و"حل السلطة". والآن، شكل وزمان استقالة رئيس السلطة والمنظمة والحركة، أو فصل المهام والمناصب بعد فصل السلطات بتشكيل حكومة أولى برئاسة أبو مازن نفسه، ونشوء نظام فلسطيني سلطوي رئاسي ـ برلماني!
سواء استقال الرئيس الثاني للسلطة من منصب واحد أو استقال، لاحقاً، من جميع مناصبه بحكم الشيخوخة، أو انسداد أفق الحل الوطني (إنهاء الانقسام) والحل الدولي (دولتان)، فإن أبو مازن سيكون، على الأغلب آخر رئيس من الرعيل الأول ـ المؤسس للحركة والمنظمة.
هذه المسألة، تطرح قضية "الخلافة" الفلسطينية من رعيل وجيل المنفى إلى رعيل وجيل البلاد، إما عن طريق الانتخاب والاقتراع الشعبي كما في العامين 1996 و2006 للسلطة الوطنية، أو عن طريق انتخاب الدورة الـ 23 رئيساً للجنة التنفيذية، وانتخاب المؤتمر السابع رئيساً للحركة.
تقول استطلاعات متتالية للرأي العام الفلسطيني إن مروان البرغوثي أقوى المرشحين لخلافة الرئيس أبو مازن إذا استقال وجرت انتخابات عامة، وإنه أكثر الفتحاويين تقبُّلاً من "حماس" ولو أن شعبيته تتقدم على شعبية رئيس حكومتها نفسه!
البرغوثي في اعتقال إسرائيلي مؤبد، كما هي حال نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا، الذي بقي، مع ذلك، رئيساً معنوياً وفخرياً للمؤتمر الوطني الأفريقي ANC الذي قاد كفاح السود المسلح، ثم الكفاح السلمي، حتى تحريره ثم انتخابه رئيساً للبلاد.
هناك، أيضاً، عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني PKK السجين المؤبد في جزيرة صغيرة تركية.
أحد قادة "فتح" قال: نحتاج إلى رئيس يحرّرنا من الاحتلال لا لرئيس نحرّره من الاعتقال، لكن ألا يمكن انتخاب رئيس فعلي للسلطة بالاقتراع الشعبي، أو عَبر المجلس الوطني أو مؤتمر فتح بانتخاب نائب للرئيس يتولى مهامه إلى حين تحرير الرئيس المعتقل، كما صار في جنوب أفريقيا، وقد يصير بعد تحرير أوجلان وعودته لقيادته PKK فعلياً؟
المسألة أبعد من هذا. لماذا؟ المنظمة تشكلت بقرار عربي لما كان المشروع والبرنامج القومي هو تحرير فلسطين. بعد حرب 1973 صار القرار والمشروع والبرنامج هو تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبرنامج "الكيانية الوطنية".
بعد الانتفاضة الأولى والدورة 19 للمجلس الوطني صار برنامجنا السياسي هو الدولة والاستقلال الوطني.
لكن، في الغضون، وبعد أوسلو، توسع الاستيطان، وهو في الأصل والهدف لمنع إقامة الدولة الفلسطينية أو "الحل بدولتين".
من شروط التحرير الشامل، إلى شروط الانسحاب الشامل للاحتلال، إلى شروط الاستقلال و"حل الدولتين" يبدو أننا أمام شروط الكونفدرالية بين إسرائيل وفلسطين؟!
منذ الاحتلال والاستيطان، تحوّل الاقتصاد الفلسطيني إلى "اقتصاد تابع" وهناك جناح في اليمين الإسرائيلي يعمل على "كيان تابع" فلسطيني اقتصادياً وأمنياً وحتى سياسياً.
فلسطين ليست "موناكو" ولا "ليخشتاين" ولا "دولة الفاتيكان".. ولا "فلسرائيل" أو "اسراطين".
شروط الحل الكونفدرالي تكون كونفدرالية حقيقية، أو تبقى تغيير حلم الاحتلال إلى واقع الإلحاق!