المعركة على القدس

"المعركة على القدس"

"المعركة على القدس"

 لبنان اليوم -

المعركة على القدس

حسن البطل

العنوان بين مزدوجين. لماذا؟ مثل لعبة كرة افتراضية طوّح نتنياهو بالطابة ـ العنوان "المعركة على القدس". الصحافي البريطاني ديفيد هيرست التقط الكرة ـ العنوان.. وأنا التقطت العنوان.. الكرة من هيرست.
لكن، هل حقاً هي لعبة افتراضية، مادام الهدف من "المعركة على القدس" هو تعريف إسرائيل لنفسها: دولة صهيونية (بن ـ غوريون). دولة يهودية ـ ديمقراطية (تسيفي ليفني) دولة يهودية (نفتالي بينيت).. وأخيراً مشروع التعريف الوسط الذي قدمه، بالأمس، نتنياهو.. ولا أحد يحفل بتعريف لابيد: إسرائيل إسرائيلية أولاً!
تعريف نتنياهو لا يحظى بقبول المستشار القانوني للحكومة: يهودا فينشتاين، وهذا قال: من الصعب الدفاع عن قانون ـ الأساس هذا تجاه استئنافات أمام محكمة العدل العليا.. من "ميرتس" ومركز "عدالة" مثلاً!
كيف يرى هيرست "المعركة على القدس" كما هو عنوان مقالته؟ المقادسة الفلسطينيون نوع خاص من "البدون" لا هم مواطنون في إسرائيل ولا في فلسطين. إنهم "مقيمون" في القدس "الموحدة" وعليهم البرهنة على أن القدس "مركز حياتهم"، علماً أن وضع "مقيم" لا يورث إلى أولادهم. هوية زرقاء؟ نعم لكنها ليست هوية مواطن. هوية خضراء؟ نعم.. لكنها ليست هوية دولة.
هل يذكّرنا وضع الفلسطينيين ـ المقادسة، منذ احتلالها 1967 بوضع "حاضر ـ غائب" الذي كان للفلسطينيين في إسرائيل سنوات بعد إقامتها، والذي تلاه من إخضاعهم للحكم العسكري حتى العام 1966، أي قبل عام من صفة "مقيمون لا مواطنين" التي أسبغتها إسرائيل على الفلسطينيين في القدس الشرقية.. والآن؟ الكل فلسطينيون! كيف فهمت إسرائيل هذا الإجحاف التمييزي؟ قالت: صحيح أن الوضع الاقتصادي للفلسطينيين في إسرائيل سيئ نسبة ليهودها، لكنه أحسن من الوضع الاقتصادي لعموم اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية، ثم قالت إن الوضع الاقتصادي للمقادسة تحت الاحتلال أحسن من وضع إخوانهم في مناطق السلطة.
إلى أين أوصلنا هذا المنطق الصوري؟ إلى الاستغراب الإسرائيلي لأن الانتفاضة الأولى فالثانية اندلعتا بينما كان الوضع الاقتصادي للفلسطينيين في الأراضي المحتلة جيدا نسبياً. ماذا عن الوضع السياسي ـ الوطني؟ هذا هو السؤال الصحيح. هذا هو الصراع الصحيح!
"المعركة على القدس" ليست بنت ساعتها، لأن الانتفاضة الثانية اندلعت من الحرم القدسي، وما يسميه الإسرائيليون الآن "انتفاضة القدس" هو مزج الأسباب السياسية بالوطنية بالاقتصادية، ومزجهما بالجذر الديني!
يستخلص هيرست: "في ضوء غياب الزعماء يتصرف الأفراد". من المسؤول عن غياب "الزعماء" في القدس؟ كان "بيت الشرق" مركز حياة ليس للمقادسة وحدههم، بل للفلسطينيين، وكان أهم في البداية من "المنتدى" في غزة، بل ومن "المقاطعة" في رام الله، وكان البيت مركز الوفد المفاوض الفلسطيني خلال الانتفاضة الأولى، وبعدها إلى مؤتمر مدريد، ووصف "أمير القدس" فيصل الحسيني أنه "زعيم فلسطيني".. وفي النتيجة أغلقت إسرائيل "بيت الشرق" قبل الانتفاضة الثانية، وبعدها عزلت القدس الشرقية بالجدار الفاصل وبالمستوطنات.. لكنها لن تعزل القدس والمقادسة عن فلسطين والفلسطينيين.
سياسة إسرائيل تجاه "توحيد" و"تهويد" القدس تلقى الانتقاد العالمي أيضاً (قرار مجلس الأمن 748 الذي وصفها بالإخلال بالقانون الدولي).
الآن، تلقى سياسة حكومة يمينية إسرائيلية تجاه "انتفاضة القدس" انتقادات إسرائيلية، تصل حد المطالبة بتقسيم القدس، وبمفاوضة عباس على حل سياسي للمسألة برمتها.
في المقابل، يلاحظ هيرست أن سياسة عباس إزاء القدس تلقى انتقادات مقدسية، تعبّر عنها كريستينا في مقطع فيديو: "السيد الرئيس، أين كنت قبل شهر (..) أين أنت؟ هل تشاهد الأخبار؟ نحن لسنا في حالة حرب. نحن في مذبحة.. ثم تخرج أنت لتندد (بعملية الكنيس)".
عباس موضع الانتقاد من حكومة إسرائيل (لا من جنرالات أمنها) ومن بعض شعبه، ومن الولايات المتحدة، مع أن سياسته إزاء القدس وفلسطين هي سياسة "أمير القدس" فيصل الحسيني.. لكن الظروف والمعطيات تغيرت.
بعد الانتفاضة الثانية، بنت إسرائيل "الجدار العازل" المشدد حول القدس بخاصة.. لكن إذا كانت انتفاضة القدس هي ما يميّز الانتفاضة الجديدة، فهي معركة يخوضها الفلسطينيون وراء الجدار، أي في القدس الشرقية والفلسطينيون من "مواطني" إسرائيل، كما يقول هيرست في ختام مقالته "المعركة من أجل القدس".. أو المعركة على صورة إسرائيل عن نفسها.. دولة أبارتهايد وتمييز عنصري في مرحلة الصراع القومي، ثم دولة "شريعة يهودية" في مرحلة صراع ديني.
عباس لا يريده صراعاً دينياً، بل سياسياً وقومياً، ويوافقه البعض في إسرائيل، ويعارضه البعض في فلسطين.. بينما الفوضى تعصف بالعالم العربي باتجاه "الأسلمة" المتناحرة، وبداية فوضى في إسرائيل بين الصهاينة العلمانيين والصهيونية الدينية.
هي "المعركة على القدس" أو على فلسطين.. وعلى صورة إسرائيل معاً.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعركة على القدس المعركة على القدس



GMT 13:57 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

نقطة ومن أول السطر.. انتهى مهرجان 45 وبدأ 46!

GMT 13:54 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ألف سؤال.. وسؤال

GMT 13:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كنز في أسيوط!

GMT 13:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الزلزال الأمريكى

GMT 13:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

منال عوض ميخائيل!

GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon